زواجُ الإمام الحسين (ع) من بنت كسرى يزدجرد وأنَّه (ع) أنجبَ منها الإمام زين العابدين (ع) لا تختصُّ بنقله مصادر السنَّة، فقد ورد ذلك في روايات أهل البيت (ع)، فمن ذلك ما أورده الكليني في الكافي بسنده عن جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (ع) قَالَ لَمَّا أُقْدِمَتْ بِنْتُ يَزْدَجَرْدَ عَلَى عُمَرَ .. فَقَالَ لَه أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (ع): ".. خَيِّرْهَا رَجُلاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ واحْسُبْهَا بِفَيْئِه فَخَيَّرَهَا فَجَاءَتْ حَتَّى وَضَعَتْ يَدَهَا عَلَى رَأْسِ الْحُسَيْنِ (ع) فَقَالَ لَهَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مَا اسْمُكِ فَقَالَتْ جَهَانْ شَاه فَقَالَ لَهَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (ع) بَلْ شَهْرَبَانُوَيْه ثُمَّ قَالَ لِلْحُسَيْنِ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّه لَتَلِدَنَّ لَكَ مِنْهَا خَيْرُ أَهْلِ الأَرْضِ فَوَلَدَتْ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ (ع) وكَانَ يُقَالُ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (ع) ابْنُ الْخِيَرَتَيْنِ فَخِيَرَةُ اللَّه مِنَ الْعَرَبِ هَاشِمٌ ومِنَ الْعَجَمِ فَارِسُ.

ورُوِيَ أَنَّ أَبَا الأَسْوَدِ الدُّؤَلِيَّ قَالَ فِيه:

وإِنَّ غُلَاماً بَيْنَ كِسْرَى وهَاشِمٍ ** لأَكْرَمُ مَنْ نِيطَتْ عَلَيْه التَّمَائِم"⁽¹⁾

وكذلك أورد الشيخ الصدوق في عيون أخبار الرضا (ع) حديث الصحيفة المشتملة على أسماء الأئمة الإثني عشر والذي نقله جابر بن عبد الله الأنصاري عن السيدة فاطمة (ع) قال جابر: دخلتُ على مولاتي فاطمة بنت رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) .. فإذا بيديها صحيفة .. فقلت لها: يا سيده النساء ما هذه الصحيفة التي أراها معك؟ قالت: فيها أسماء الأئمة من ولدي -فاستأذن في النظر إليها فإذا فيها- ".. أبو محمد الحسن بن علي البرُّ، أبو عبد الله الحسين بن عليٍّ التقي أمُّهما فاطمة بنت محمد، أبو محمد عليُّ بن الحسين العدل، أمه شهربانو بنت يزدجرد .."⁽²⁾.

وأورد الشيخ الصدوق روايةً أخرى في العيون عن الإمام الرضا (ع) مفادها أنَّ الحسين (ع) تزوَّج إحدى ابنتي يزدجرد فأنجبت له الإمامَ عليَّ بن الحسين (ع) وماتت أثناء النفاس⁽³⁾.

ونقلت ذلك أيضاً العديدُ من مصادرنا كالإرشاد للشيخ المفيد، والمناقب لابن شهراشوب، وشرح الأخبار للقاضي النعمان، وإثبات الوصيَّة للمسعودي ،وروضة الواعظين للفتال النيسابوري، وتاريخ مواليد الأئمة لابن الخشاب البغدادي، ودلاائل الإمامة للطبري الشيعي، والاحتجاج للطبرسي، والخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي وتاريخ المواليد للطبرسي وغيرها⁽⁴⁾.

والخلاصة: إنَّ من الثابت- ظاهراً- أنَّ والدة الإمام زين العابدين (ع) هي بنت كسرى يزدجرد، نعم وقع الاختلاف في بعض التفاصيل المرتبطة بزمن وقوع الزواج منها، وبعض التفاصيل المرتبطة باسمِها تحديداً هل هو شهربانويه أو شاه زنان أو شهربان أو غير ذلك، ومنشأ الاختلاف هو أعجميَّةُ الاسم، وأمَّا تسميتها بغزالة أو سلامة أو سلافة أو خولة فبناءً على ثبوته فإنَّ بعضها كانت ألقاباً أو توصيفات أو اسما عربياً سمَّاها به الإمامُ علي (ع) أو الإمام الحسين (ع) على اختلاف المصادر

والحمد لله رب العالمين

الشيخ محمد صنقور

1- الكافي -الكليني- ج1 / ص467.

2- عيون أخبار الرضا (ع) -الصدوق- ج1 / ص48، كمال الدين وتمام النعمة -الصدوق- ص307.

3- عيون أخبار الرضا (ع) -الصدوق- ج2 / ص135.

4- الإرشاد للشيخ المفيد ج2/ ص135، 137، والمناقب -ابن شهراشوب- ج3 / ص208، شرح الأخبار -القاضي النعمان- ج3 / ص267، إثبات الوصيَّة - المسعودي- ص 181 ، وروضة الواعظين -الفتال النيسابوري- ص201، تاريخ مواليد الأئمة -ابن الخشاب البغدادي- ص23، ودلاائل الإمامة -الطبري الشيعي- ص195، الاحتجاج -الطبرسي- ج2 / ص137، الخرائج والجرائح -قطب الدين الراوندي- ج2 / ص750، تاريخ المواليد -الطبرسي- ص34.