عدم وجود مصدر لا يصلح شاهداً على الكذب؟


المسألة:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ماذا تقولون فيما يذكره بعض أعلام الطائفة كالسيد محمد سعيد الحكيم والميرزا جواد التبريزي (رحمهما الله) وغيرهم من الأعلام من أن عدم وجود مصدر لا يصلح شاهدا على تكذيب الرواية أو الحدث التأريخي، فكثير من الحوادث جاءت عن طريق صدور الرجال وتناقلته الأجيال المتعاقبة، وبالتالي عدم العثور عليها في الكتب القديمة لا يصلح شاهدا للرفض؟


الجواب:

هذا كلامٌ صحيح، فعدمُ وجود مصدرٍ للخبر لا يكون دليلاً على كذب الخبر ولكنَّ عدم وجود مصدرٍ معتمَد يمنعُ من ثبوته، تماماً كما لو جاءك رجلٌ مجهول بخبرٍ فإنَّه لا يُمكن أنْ تجزم بكذبه ولكنَّه لا يُمكن أنْ تبني على صدق خبره وتُرتِّب الأثر عليه، فعدمُ التكذيب للخبر المجهول شيءٌ والبناءُ على صدقِه وصحَّته شيءٌ آخر.

 

وأمَّا الخبر الذي تناقلته الأجيال المتعاقبة فإذا ثبت تناقلُه جيلاً بعد جيل إلى زمن وقوع الحادثة أو إلى زمنٍ قريبٍ منها فهذا يصلحُ شاهداً على الصدق إلا أنَّه إذا لم يثبت تعاقُب النقل بل وجدنا انقطاع تعاقُب النقل عند جيلين أو ثلاثة أو أربعة سابقة أو لم نتثبَّت من التعاقُب بعد جيلين أو ثلاثة أو أربعة فإنَّ مثل هذا الخبر لا يصلحُ شاهداً على الصدق.

 

ثم إنَّ البناء على عدم كذب الخبر في فرض انعدام المصدر ليس على إطلاقه بل لا بدَّ من ملاحظة أنَّ هذا الخبر هل هو منافٍ لأصلٍ من أصول العقيدة كعصمة الإمام (ع) مثلاً أو هو غير منافٍ، وكذلك لا بدَّ من ملاحظة أنَّه منافٍ للحقائق التأريخيَّة أو لا، وأنَّه منافٍ للأخبار المعتبرة أو لا، وأنَّه منافٍ لِما هو المعلوم من طبيعة المخبَر عنه أو لا.

 

فإذا لم يكن الخبر منافياً لشيءٍ من ذلك وشبهه فالخبر محتملُ الثبوت، وفيما عدا ذلك لا يكون احتمال الصدق قائماً.

 

والحمد لله ربِّ العالمين

 

الشيخ محمد صنقور