القاصرُ من الكفَّار لا يدخل النار

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

المسألة:

هل يكون مصير غير المسلمين جميعاً إلى النار أم أنَّ هناك استثناءات؟ 

الجواب:

الذي عليه مذهبُ الاماميَّة هو أنَّه لا يدخل النار مَن كان معذوراً في جهله بأصول العقيدة وأحكام الشريعة إمَّا لقصورٍ في مداركِه العقلية كأطفال الكفار والبُلّه من الرجال والنساء المنتمين لغير المسلمين، وإمَّا لعدم وصول الإسلام إليه لأسبابٍ خارجة عن إرادته واختياره.

ومنشأ عدم استحقاق مثل هؤلاء لدخول النار هو ما يُدركه العقل القطعي من قبح العقاب على غير المقدور، وقبح العقاب بلا بيان أي أنَّ معاقبة القاصر الذي لم ينشأ قصوره عن سوء اختياره يُعدُّ من الظلم المستقبَح الذي يستحيل صدوره عن الله جلَّ وعلا الذي: ﴿يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ﴾(1)، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا﴾(2)، وقال تعالى: ﴿وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾(3)، وقال جلَّ وعلا: ﴿وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ﴾(4)، وقال عزَّ وجل: ﴿وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ﴾(5).

وأمَّا دخول هؤلاء للجنَّة فهم لا يستحقُّونها فإنْ شاء الله تعالى أنْ يُدخلهم فهو تفضُّلٌ منه جلَّ وعلا، وإنْ لم يُدخلهم أو لم يبعثهم أصلاً أو بعثهم ثم أماتهم فكلُّ ذلك ليس من الظلم لهم، لأنَّ الظلم هو حرمان المستحِق من حقِّه، وليس لأحدٍ من حقٍّ على الله جلَّ وعلا في أنْ يمنحه الجنَّة أو حتى أنْ يمنحه الحياة، وأمَّا دخول المؤمنين للجنَّة فهو لوعدِ الله تعالى لهم، وليس لاستحقاقِهم.

والحمد لله رب العالمين

الشيخ محمد صنقور


1- سورة النحل / 90.

2- سورة يونس / 44.

3- سورة الكهف / 49.

4- سورة آل عمران / 182.

5- سورة ق / 29.