المعتمد في تاريخ مولد السّيّدة فاطمة (ع)

 

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

 

المسألة:

أيُّ الأقوال معتمدٌ عند العلماء في تاريخ مولد السّيّدة فاطمة؟

 

الجواب:

تاريخ ولادتها:

الظَّاهر أنَّه لم يختلف أحدٌ من العلماء والمؤرِّخين في أنَّ يوم ولادتها كان في العشرين من شهر جمادى الآخرة، فقد أفاد ذلك الشيخ المفيد في كتابه مسار الشيعة(1)، وكذلك الشيخ الطوسي في كتابه مصباح المتهجّد(2) ورواه الطبري في دلائل الإمامة عن الإمام الصَّادق (ع)(3).

 

نعم وقع الخلاف في سنة ولادتها، فثَمَّة أقوال أربعة:

القول الأوَّل:

أنَّها وُلِدت بعد المبعث النَّبويِّ الشَّريف بسنتين، ذهب لذلك الشَّيخ المُفيد في كتابه مسار الشّيعة(4)، ونسب السيّد ابن طاووس هذا المذهب إلى الشيخ المفيد في كتاب الإقبال(5). وأفاد الشَّيخ الطّوسي في مصباح المتهجّد أنّه ورد في بعض الرّوايات عن أهل البيت (ع) أنّ مولدها في سنة اثنتين من المبعث النّبويّ(6).

 

القول الثَّاني:

أنَّ مولدها كان في أوَّل سنةٍ من المبعث النّبويّ وأنّ روايةً أفادت ذلك كما ذكر الشَّيخ الطوسي في مصباح المتهجّد.

 

القول الثَّالث:

أنَّها وُلِدَت قبل المبعث النَّبويّ بخمس سنوات(7)، ذهب لذلك الكثير من علماء العامَّة إلاَّ أنَّ أحدًا من علماء الشّيعة لا يقول بذلك.

 

القول الرَّابع:

أنَّها وُلِدَت بعد المبعث النّبوي بخمس سنين، ذهب إلى ذلك الكُليني في كتاب الكافي، ووردت في ذلك روايات بعضها معتبر سندًا كالذي رواه الكُليني بسنده إلى حبيب السجستاني قال: "سمعتُ أبا جعفر يقول: وُلِدَت فاطمة بِنت محمَّد (ص) بعد مبعث رسول الله (ص) بخمس سنين وتُوفّيت ولها ثمان عشرة سنة وخمسة وسبعون يومًا"(8).

 

والمُعتمد من هذه الأقوال هو القول الأخير، إذ هو الذي دلَّت عليه الرّوايات الواردة عن أهل البيت (ع) والتي فيها ما هو معتبر سندًا، وهو مناسب لما ورد مستفيضًا عن أهل البيت (ع) من أنَّ تَكَوُّن نطفة فاطمة (ع) في صلب رسول الله (ص) كان من ثمرٍ تناوله في معراجه، وعليه يكون أضعف الأقوال هو دعوى ولادتها قبل المبعث، والذي تبنّتها العامّة، ولعلّ منشأ الدعوى هو التّنكّر لهذه الفضيلة والمنقبة الثَّابتة للسّيّدة فاطمة (ع) دون ريب، ولذلك كانت تُلَقَّب كما في الرّوايات المستفيضة بالحوراء الأنسيّة.

 

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور


1- مسار الشيعة -الشيخ المفيد- ص54.

2- مصباح المتهجد -الشيخ الطوسي- ص793.

3- دلائل الامامة -محمد بن جرير الطبري ( الشيعي)- ص79.

4- مسار الشيعة -الشيخ المفيد- ص54.

5- إقبال الأعمال -السيد ابن طاووس- ج3 / ص162.

6- مصباح المتهجد -الشيخ الطوسي- ص793.

7- أعيان الشيعة -السيد محسن الأمين- ج1 / ص319.

8- الكافي -الشيخ الكليني- ج1 / ص458.