المَرَق هل هو من الماء المضاف؟

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

المسألة:

ذكر السيد الحكيم في المستمسك أنَّ المرق ليس من المضاف بل هو على غرار السمن والزيت، وعليه فلا يمكن الاستدلال بالنصوص الواردة في تنجُّس المرق على تنجس المضاف إلا بتنقيح المناط. أليس المرق من المضاف؟

الجواب:

الماءُ المُضاف ليس له حقيقةٌ شرعية، فإذا كان المرادُ من هذا العنوان هو الماءُ الذي أُضيف إليه شيءٌ آخر فسَلَبَ عنه اسمَ الماءِ المُطلَق فالمرقُ حينئذٍ ليس من الماءِ المضاف، لأنَّ المرادَ من المرق هو ماءُ اللحم إذا طُبخ أي هو السائلُ الذي ينضحُ من اللحم حال الطبخ، فهو بمثابةِ الزيت والسَمن من جهة أنَّ كلاً منهما وإنْ كان سائلاً ولكنَّه ليس من الماءِ المختلط والمتفاعل بجسمِ آخر.

فالمرقُ ليس بمعنى ما هو متعارفٌ عليه بيننا فعلاً، إذ هو بهذا المعنى يُعدُّ من الماءِ المُضاف بحسب التعريف الذي ذكرناه فهو ماءٌ تمَّ طبخه باللحمِ والخضار أو بدونها، وليس هذا هو معنى المَرق المستعمل في النصوص، فمعنى المرقِ في الروايات هو السائلُ الذي ينضحُ من اللحم بسبب الطبخ، وكان تحضيره يتمُّ بواسطة وضعِ اللحم في القدور المُحكَمةِ الغلق فيتعرَّقُ اللحم ويتفاعلُ مع الشحم المُذاب، وبعد ما يمضي وقتٌ على الطهي يكونُ اللحم قد ألقى الكثير من السوائل المختزنةِ فيه، وهذه السوائل المتكوِّنة من الشحوم المذابة وممَّا ينضح من اللحم هو الذي يُسمَّى عندهم بالمرق.

وقد يُضاف شيءٌ قليلٌ من الماء إلى اللحم حين وضعه في القدر ولكنَّه يُستهلكُ بالطبخ، ولهذا لا يصحُّ القول بأنَّ السائل المتكوِّن بعد الطبخ أنَّه ماءٌ مطلق أُضيف إليه سائلٌ آخر كما هو تعريف الماءِ المُضاف.

ولهذا فالمرقُ بالمعنى المستعمل في النصوص ليس من الماء المضاف بحسب التعريف الذي ذكرناه بل هو من قبيل الزيت والسَمن.

ولو عرَّفنا الماء المُضاف بأنَّه الأعم من الماء الممتزج بشيءٍ آخر أو السائل المعتصر من الأجسام فحينئذٍ يكونُ المرق من الماءِ المضاف، وذلك لأنَّه سائلٌ مُعتصَر من اللحم. ولكنَّه بناءً على هذا التعريف يكونُ الزيت والسمن من الماءِ المضاف أيضاً ولا يلتزم أحدٌ بذلك.

على أنَّ إطلاق الماء المُضاف على مثلِ الزيت والمرق بناءً على هذا التعريف سوف يكون مجازياً لأنَّه ليس في البين ماءٌ أُضيف له شيءٌ، فهو لا يشتركُ مع الماء المُضاف إلا من جهة أنَّ كلاً منهما من السوائل. ولهذا سوف يكونُ النفط وشبهه من الماءِ المُضاف !!.

فالمناسبُ هو تعريفُ الماء المُضاف بالماءِ المطلق الذي تفاعل مع جسمٍ آخر فسلَبَ عنه اسم الماء إلا مع الإضافة.

وأمَّا السوائلُ المعتصرة من الاجسام كالزيتِ والمرق فإنَّها ملحقةٌ بالماء المُضاف حكماً أو هو ملحقٌ بها حكماً ولكنَّها ليست من الماءِ المُضاف.

والحمد لله رب العالمين

الشيخ محمد صنقور