المفاخرة المحرَّمة في الحج

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

 

المسألة:

التفاخر حرام فى الحج؟ فلو وقع من الحاجِّ هل يبطل حجُّه؟

 

الجواب:

التفاخر أثناء الإحرام ليس محرَّماً على إطلاقه وإنَّما المحرَّم منه ما يكون مستلزماً لانتقاص الغير وإهانته أو كان ما تفاخَر به كذباً، وأمَّا التفاخر بمعنى إثبات فضيلةٍ لنفسه دون أنْ يكون ذلك مستلزماً عرفاً لسلبها عن الغير أو نفي رذيلةٍ أو سُبَّةٍ عن نفسه دون أنْ يكون ذلك مُستلزماً لإثباتها للغير فهو ليس من المفاخرة المحرَّمة في الحج وفي غيره.

 

وذلك لأنَّ الدليل على أنَّ المفاخرة المحرَّمة في الحجِّ هي المفاخرة المستوجبة للانتقاص والإهانة هو قوله تعالى: ﴿فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ﴾ وقد فُسِّر الفسوق بالكذب والسُّباب والمفاخرة كما في معتبرة عليِّ بن جعفر عن الامام موسى بن جعفر(ع) قال: ".. والفسوق الكذب والمفاخرة"(1).

 

فمقتضى الرواية أنَّ الأية أطلقت عنوان الفسوق على المفاخرة، ومن الواضح أنَّ المفاخرة لا تكون من الفسوق لو كانت من قسم المفاخرة المباحة، وعلية فيتعَّين من ذلك أنَّ المراد من المفاخرة التى هي من الفسوق ومن محرمات الإحرام هو المفاخرة المحرَّمة وهي المستلزمة للانتقاض والإهانة والسُّباب أو التى تكون كذباً.

 

وكيف كان فالمفاخرة في الحجِّ وإنْ كانت محرَّمة إلا أنَّها غير مستوجبة للكفارة كما دلَّت على ذلك معتبرة الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال: قلتُ له: أريتَ مَن ابتُلي بالفسوق ما عليه ؟قال (ع) "لم يجعل اللهُ له حدَّاً ويُلبي"(2).

 

نعم الأولى له التكفير ببقرة كما هو مقتضى ما ورد في معتبرة سليمان بن خالد قال: سمعتُ أبا عبدالله (ع) يقول في حديث: " وفي السُّباب والفسوق بقرة"(3) فظاهر معتبرة سليمان بن خالد وإنْ كان هو الوجوب إلا أنَّ مقتضى الجمع بينها وبين معتبرة الحلبى هو الحمل على الاستحباب.

 

وعلى أيِّ تقدير فارتكاب المفاخرة والفسوق في الحجِّ لا يُوجب فساد الحج كما هو الشأن كذلك عند ارتكاب أكثر تروكات الاحرام.

 

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور


1- وسائل الشيعة (الإسلامية) -الحر العاملي- ج9 / ص109.

2- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج13 / ص149.

3- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج13 / ص148.