الشفاعة لأهل الكبائر

 

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

 

المسألة:

هناك رواية عن الرسول (ص): "ادخرتُ شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي"(1)، ورواية أخرى مشهورة عن الإمام الصادق (ع): "لا تنال شفاعتنا مستخفًّا بصلاته"(2)، كيف يمكننا التوفيق بين الروايتين؟

 

الجواب:

مقتضى الجمع بين الروايتين هو أنَّ بعض الذنوب الكبيرة لا ينال مرتكبها الشفاعة، فشفاعةُ النبيِّ الكريم (ص) وإنْ كانت تشمل كلَّ مرتكبي الكبائر من أمَّةِ النبي الكريم (ص) إلا أنَّ لهذا العموم استثناءاتٍ عديدةً دلَّت عليها الروايات الواردة عن الرسول وأهل بيته (ع) منها مورد الرواية المذكورة وهو الاستخفاف بالصلاة.

 

ومنها: ما ورد عن الرسول الكريم (ص): "مَن لم يُؤمن بشفاعتي فلا أناله الله شفاعتي"(3).

 

ومنها: ما ورد عن الإمام الصادق (ع) عن آبائه عن رسول الله (ص) قال: "إذا قمتُ المقام المحمود تشفَّعت لأهل الكبائر من أمتي فيشفِّعني اللهُ فيهم، والله لا تشفَّعتُ فيمن آذى ذريتي"(4).

 

ومنها: ما ورد عن الرسول الكريم (ص): "شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي ما خلا الشرك والظلم"(5).

 

ومنها: ما ورد عن الإمام الصادق (ع) قال: "إنَّ شفاعتنا لا تنال مستخفًّا بالصلاة، ولم يرد علينا الحوض مَن يشرب من هذه الأشربة، فقال له بعضُهم: أيُّ أشربةٍ هي؟ فقال (ع): كلُّ مسكر"(6).

 

ومنها: ما ورد عن الصادق (ع) عن أبيه قال: قال رسول الله (ص): "صنفان لا تنالهما شفاعتي: سلطانٌ غشوم عسوف وغالٍ في الدين، مارقٌ منه غير تائب ولا نازع"(7).

 

ومنها: ما ورد عن الرسول (ص): "رجلان لا تنالهما شفاعتي صاحبُ سلطانٍ عسوفٌ غشومٌ وغالٍ في الدين مارقٌ"(8).

 

ومنها: ما رُوى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنَّ رسول الله (ص) قال لعليٍّ (ع): "قد أفلح مَن والاك وخاب وخسِرَ من قلاك، محبُّو محمدٍ (ص) محبُّوك ومبغضوه مبغضوك لا تناله شفاعة محمَّدٍ (ص)"(9).

 

ثم إنَّ هنا أمرًا لا بُدَّ من التنبيه عليه وهو أنَّ ادراك الشفاعة لأهل الكبائر لا يعني أنَّهم لا يدخلون النار لأنَّ الشفاعة قد لا تُدركهم إلا بعد المكوث ردحًا طويلاً من الزمن.

 

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور


1- بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج8 / ص30.

2- بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج79 / ص227.

3- بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج8 / ص58.

4- الأمالي -الشيخ الصدوق- ص370.

5- روضة الواعظين -الفتال النيسابوري- ص501.

6- مستدرك الوسائل -الميرزا النوري- ج17 / ص58.

7- بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج25 / ص268-269.

8- بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج25 / ص269.

9- الأمالي -الشيخ الطوسي- ص604.