ملامح من السيرة الذاتية للإمام الحسن المجتبى (ع)
أعوذُ باللهِ مِنَ الشيطانِ الرجيم
بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ
الحمدُ لله رفيعِ الدرجاتِ، ذي العرشِ، يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، ربِّ العبادِ والبلادِ، وإليه المعادُ، سريعِ الحِسابِ، شديدِ العقابِ، ذي الطَولِ، لا إلهَ إلا هو إليه المصيرُ، جميلِ الثناءِ، حَسَنِ البلاءِ، سميعِ الدعاءِ، له الكبرياءُ، يفعلُ ما يَشاءُ، عالمِ الغيبِ، وباسطِ الرزقِ، ومنشئِ السَحابِ، ومُعتقِ الرقاب، ومدبِّرِ الامرِ، ومُجيبِ المضطَّر، لا مانعَ لما أعطى، ولا مُعطيَ لِمَا مَنَع، ليس كمثلِه شيءٌ وهو السميعُ البصير. وأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَحْدَه لَا شَرِيكَ لَه، وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً (ص) عَبْدُه ورَسُولُه.
عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله والورعِ عن محارمِه، وتذكروا أنَّ الدُّنْيَا دَارُ مَجَازٍ والآخِرَةَ دَارُ قَرَارٍ، فَخُذُوا مِنْ مَمَرِّكُمْ لِمَقَرِّكُمْ، ولَا تَهْتِكُوا أَسْتَارَكُمْ عِنْدَ مَنْ يَعْلَمُ أَسْرَارَكُمْ، وأَخْرِجُوا مِنَ الدُّنْيَا قُلُوبَكُمْ، مِنْ قَبْلِ أَنْ تَخْرُجَ مِنْهَا أَبْدَانُكُمْ، فَفِيهَا اخْتُبِرْتُمْ ولِغَيْرِهَا خُلِقْتُمْ، إِنَّ الْمَرْءَ إِذَا هَلَكَ قَالَ النَّاسُ مَا تَرَكَ، وقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ مَا قَدَّمَ.
أَعْظَمَ اللهُ لَنا وَلَكُمُ الأْجْرَ بمصابِنا بأبي محمدٍ الإمامِ الحسنِ المجتبى (ع) سبطِ رسولِ الله (ص) ووصيِّه، وصفوةِ اللهِ ووليِّه ونجيبِه وصفيِّه، الذي اختاره فيمَن اختارهم ليكونوا أدلَّاءَ لعبادِه على دينِه وشرائعِه، فهو ممَّن قال اللهُ تعالى فيهم: ﴿إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ / ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾(1) وهو خامسُ خمسةِ أصحابِ العباء الذين قال اللهُ تعالى فيهم: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾(2) وهو مَّمن نزلتْ فيهم آيةُ المباهلةِ وآيةُ المودةِ وسورةُ الدهر وهو ممَّن خلَّفهم رسولُ الله (ص) في أُمَّتِه، وضمِن لها عدمَ الضلالِ إنْ هي تمسَّكتْ بهم، فقال (ص) في المتواترِ عنه: "إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا، كِتَابَ اللَّه وعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي، فَإِنَّ اللَّطِيفَ الْخَبِيرَ قَدْ عَهِدَ إِلَيَّ أَنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ"(3) فالتمسُّك بأهلِ بيتِ النبيِّ (ص) أمانٌ أبداً من الضلالِ كما أفاد الرسولُ (ص) وأفاد في موردٍ آخر كما روى الفريقان بأسانيدَ فيها الصحيحُ والحسنُ قال: "أهلُ بيتي فيكم مثلُ سفينةِ نوحٍ من ركبَها نجا ومَن تخلَّف عنها غرِق"(4) والإمامُ الحسنُ (ع) مصداقٌ شاخصٌ في هذه السفينةِ التي منحها اللهُ تعالى لبني الإنسانِ حتى إذا ما ركِبوا فيها أِمنوا من الغرقِ والضلال، وإنَّ تخلَّفَ عنها متخلِّفٌ فعنْ حظِّه قد تخلَّف.
نستثمر هذه المناسبة الجليلة لنسلِّط شيئاً من الضوءِ على شيءٍ مِن ملامح السيرةِ الذاتيَّةِ لهذا الإمامِ العظيم.
مولده والخصوصيَّات الإلهية التي حظي بها:
ونبدأُ بمولدِه الشريفِ والذي كان أولَ ثمرةٍ للزواجِ الميمونِ الذي انعقدَ في السماء -قبل انعقادِه في الأرض- بينَ فاطمةَ وعليٍّ (عليهما السلام)، فكان الثمرةَ الأولى لهذا الزواج المبارك هو الإمام الحسنُ السبط (ع)، وما أنْ وُلد وبُشِّر بذلك النبيُّ الكريم (ص) حتى بدتْ معالمُ البهجةِ على محيَّاه، ثم جِيء به إليه فحملَه وأخذ يُناغيه ويُسارُّه، ثم هبطَ جبرائيلُ -كما نصَّتِ الرواياتُ- على قلبِ رسولِ الله (ص) ينقلُ تهنئةَ الجليلِ جلَّ وعلا بهذا المولودِ المبارك، ثم سألَه بمَ سمَّاه؟ فقال (ص): لا أسبِقُ بتسميتِه ربِّي، فأفادَ: إنَّ الجليلَ جلَّ وعلا يامرُك بأنْ تُسمِّيَه باسمِ أولِ ولدٍ لهارون، ذلك لأنَّ عليَّاً (ع) منكَ بمنزلةِ هارونَ من موسى"، قال وما اسمُ الولدِ الأولِ لهارونَ؟، قال اسمُه شُبَّر، قال يا جبرئيل إنَّ لساني عربي، قال: سمِّه الحسنَ فإنَّه معنىً لشُبَّر(5).
فالتهنئةُ تنزلُ من ربِّ السماء، والاسمُ يَهبطُ به جبرئيلُ مِن السماء، وكان أولَ ثمرةٍ لزواجٍ عُقدَ في السماء، من أبوينِ هما سيدُ الأوصياءِ وسيدةُ نساءِ الجنة، وهو السبطُ الأكبرُ لسيدِ الخلقِ على الإطلاق، فأيُّ مولودٍ عظيمٍ هذا!! دلائلُ مترادفةٌ تُعبِّرُ عن المقامِ الشامخِ والسامي لوليِّ اللهِ أبي محمدٍ الحسنِ المجتبى (عليه السلام).
نشأته ومبلغ عمره الشريف:
نشأَ (ع) في كنَفِ الرسولِ الكريم (ص) وظلَّ في عهدتِه وتحت رعايتِه يحبوه ويعتني بتنشأتِه وتربيته، وقد أثنى عليه وعلى مستقبلِه ثناءً يحكي مقامَ الأنبياءِ والرسُل، وأنبأ عن انَّه وأخاه الحسينَ خيرُ أهلِ الأرضِ وسيدا شبابِ أهلِ الجنة وأنَّهما إمامانِ قاما أو قعدا، وبعد سبعٍ أو ثمانِ سنينَ من مولدِ الإمامِ (ع) رحلَ الرسولُ (ص) إلى ربِّه، فبقيَ مع أبيهِ أميرِ المؤمنين (عليه السلام) ثلاثينَ سنةٍ ملازماً له ومقتفياً لأثرِه، وخاضَ معه حروبَه الثلاث، وأبلى فيها بلاءً متميِّزاً ثم اضطلع بدورِ الإمامةِ وعمرُه الشريف سبعاً وثلاثينَ سنة فامتدَّت إمامتُه عشرَ سنين، فكان عمرُه الشريفُ قبل أنْ يغتالَه معاويةُ بنُ أبي سفيانَ سبعاً وأربعين سنة أو بعده بسنة، فرحلَ إلى ربِّه شهيدًا مظلوماً لم يَرعَ له حتى بعضُ المحبِّينَ حُرمةً، فكانَ فيهم مَن يَعرفُ مقامَه ولكنَّه وجدَ في نفسِه عتاباً -غيرَ مبرَّرٍ- على الإمام (ع) بتوهُّمِ أنَّه سلَّم الأمرَ لمعاويةَ لوهنٍ كان فيه، فوصمَه لجهلِه وعدمِ تفطُّنه أو احاطته بواقعِ الحال أنَّه أذلَّ رقابَ المؤمنين بقبولِه للصُلح، فكانتْ مثلُ هذه الكلمات تصلُ إلى مسامعِ الإمام (ع) فيكونُ وقْعُها على قلبِه وقْعَ المواسي ولكنَّه كان يكظِمُ غيظَه ويتجرَّعُ مرارةَ هذه الإساءات، ويَتفهَّمُ اندفاعَ المتجاسرينَ وحماسَهم، فلم يكونوا مُدركِينَ أنَّه (ع) كان حريصاً على دمائِهم حتى لا تُسفكَ وانَّ ذلك هو أحدُ مناشئ قبولِه بالصلح، فكانَ يقولُ: أنتمُ البقيةُ الباقية، وكان يؤكِّدُ لهم انَّه لو وَجدَ أنصاراً يُعوِّلُ عليهم لقاتلَ معاويةَ ليلَه ونهارَه حتى يَحكمَ اللهُ بينَه وبينَه ولكنَّ الخياناتِ التي توالت في جيش الإمامِ الحسن (ع) من القياداتِ وزعماءِ العشائر والخُذلانَ الذي ظهرَ جليَّاً من أفرادِ الجيشِ ألجأهُ إلى أنْ يَقبلَ بالصُلحِ على غيرِ طيبٍ من نفسِه، وذلك للتحفُّظِ على البقيةِ الباقية، ولكي يبدأَ حربًا باردةً يكشفُ بها للأُمةِ والتاريخِ زيفَ الواقعِ الذي كان عليه معاويةُ والطغمةُ الأمويَّة، ولكي يُمهِّدَ لثورةٍ مُجلجلةٍ تَهُزُّ ضميرَ الأمةِ وتنتهي إلى زوالِ بني أميَّة، ولا نريدُ الخوضَ في تفاصيلِ هذا الحديث في المقام.
بل نريدُ أنْ نُسلِّطَ شيئاً من الضوءِ على بعضِ معالمِ شخصيةِ الإمامِ الحسنِ (ع) حيثُ إنَّ كثيراً ما تختفي معالمُ شخصيةِ الإنسانِ خلفَ الأحداثِ السياسيةِ والاجتماعيةِ التي تكتنفُهُ في حياتِه.
زهدُ الإمام (ع) وعبادتُه:
يروي الشيخُ الصدوقُ بسندٍ معتبرٍ عن المفضَّلِ بن عمر عن الإمام الصادقِ (عليه السلام) قال يصفُ الإمامَ الحسنَ (عليه السلام): "كان الحسنُ بنُ عليٍّ أعبدَ الناسِ -تذكروا أنَّ مَن يتكلمُ معصومٌ لا تأخذُه عاطفةٌ ولا تقودُه المحاباةُ لأنْ يقولَ غيرَ الحق- كان الحسنُ بنُ عليٍّ (عليه السلام) أعبدَ الناسِ في زمانِه، وأزهدَهم وأفضلَهم، وكانَ إذا حجَّ حجَّ ماشياً، وربَّما مشى حافياً، وإذا ذكرَ الموتَ بكى، وإذا ذكرَ القبرَ بكى، وإذا ذكرَ البعثَ والنشورَ بكى، وإذا ذكرَ الممرَّ على الصراطِ بكى، وإذا ذكر العَرضَ على اللهِ تعالى شهَقَ شهْقةً يُغشى عليه منها، وكان إذا قامَ في صلاتِه تَرتعدُ فرائصُه بين يدي ربِّه عزَّ وجل، وكان إذا ذكر الجنَّةَ والنارَ اضطربَ اضطرابَ السليم، -والسليمُ هو الملدوغ من الحيَّة فهو (ع) يضطربُ إذا وقَفَ بين يدي ربِّه للصلاة اضطرابَ مَن لدغتْه حيَّةٌ-، ولم يُرَ في شيءٍ من أحوالِه إلا ذاكراً للهِ سبحانَه، وكان أصدقَ الناسِ لهجةً، وأفصحَهم منطقا"(6)، إلى آخر كلام مولانا الإمامِ الصادق (عليه السلام).
و يقول ابنُ شهراشوب (رحمه الله) في المناقبِ: "كان أبو محمدٍ الحسنُ (عليه السلام) إذا توضأ -وهي حالةٌ يوميَّةٌ تنتابُه- يقولُ عنه مَن كان يشاهدُه ويخالطُه: "كان إذا توضأ ارتَعدتْ مفاصلُه"(7)، هذا الرجلُ الشجاعُ المِقدامُ، المعروفُ برباطةِ الجأش وبالحزمِ والهيبةِ وكما يصفُه الواصفونَ: "كانت عليه هيبةُ الملوكِ، وسيماءُ الأنبياء"(8) هذا الرجلُ الذي يتميَّزُ بسيماء الأنبياءِ وهيبةِ الملوكِ إذا أفرغَ الماءَ للوضوءِ على وجهِه اصفرَّ لونُه، وارتعدت مفاصلُه، فقيل له في ذلك، فقال: "حقَّ على كلِّ مَن وَقفَ بين يدي ربِّ العرشِ أن يصفرَّ لونُه وترتعدُ مفاصلُه"(9).
وكان (ع) إذا بلغَ بابَ المسجدِ رفعَ رأسَه قائلاً: "إلهي ضيفُك ببابِك يا محسنُ قد اتاك المسيءُ فتجاوزْ عن قبيحِ ما عندي بجميلِ ما عندَك يا كريم"(10). وذكر الزمخشري في كتابه الفايق وكذلك ابنُ الأثير في النهاية: إنَّ الحسنَ (ع) كان إذا فرَغَ من الفجر لم يتكلَّم حتى تَطلُعَ الشمسُ وانْ رام أحدٌ استنطاقَه أو إلجاءَه على الكلام لم يفعل، فكان يشتغلُ بالذكرِ في موضعِه حتى ترتفعَ الشمس(11) كما ذكرَ ابنُ كثير، ويذكر المحدِّثون من الفريقين والمؤرخون لشخصيتِه المباركة أنَّه "حجَّ خمساً وعشرينَ سنةٍ ماشيًا"(12) من المدينةِ إلى مكةَ الشريفة، ثم مِن مكةَ إلى منى ومنها إلى عرفات، ومن عرفات إلى مزدلفة، ومنها إلى منى، ثم إلى مكةَ ماشياً، وإنَّ النجائبَ لتُقادُ بين يديه، فقد يمشي الفقيرُ لأنَّه لا يملكُ مَركباً، أما الحسنُ المجتبى (ع) فكان يمشي والنجائب -يعني الجمال- تُقادُ بين يديه(13)، وكان يقولُ كما يُروى عنه: "إنِّي أستحيي من ربِّي عزَّ وجلَّ أنْ ألقاهُ ولم أمشِ إلى بيتِه"(14) ويقولُ الصادق (ع): "وربَّما مشى حافيا"(15).
وفيما يتصل بكرمه وسخاءِ يده وعطفِه:
يذكرُ المؤرخون وكذلك المحدِّثونَ: أنَّه اقتسم مالَه مع ربِّه مرتين، وأفاد بعضُهم -كما في السنن الكبرى للبيهقي وحليةِ الأولياء لأبي نعيم وغيرهما- انَّه اقتسمها مع ربِّه ثلاثَ مرَّات(16)، ما معنى أنَّه اقتسم مالَه مرتين أو ثلاث ؟، معنى ذلك انَّه يعمدُ في كلِّ مرةٍ إلى جميع أموالِه الحقيرِ منها والخطير فيقسمُها نِصفين فيأخذُ نصفاً ويصرفُ النصفَ الآخر في سبيلِ اللهِ تعالى وفي وجوهِ الخير، فإذا كانتْ له أرضٌ قسَمها إلى نصفين، ويقسمُ منزلَ سُكناه إلى نصفين، ويقسمُ النقودَ والمواشى والدوابَّ التي يملُكها إلى نِصفينِ، ويعمدُ إلى ثيابِه ويقسمُها نصفين، فلا يستثني شيئاً ممَّا يملُكه إلا ويقسمُه إلى نصفين حتى نعله وخفَّه فإنَّه يأخذُ أحدهما ويعزلُ الآخر ثم يصرفُ النصفَ الذي جعلَه لله تعالى إلى الفقراء، صنع ذلك في حياته مرتين كما يروي جميعُهم وذكر العديدُ منهم أنَّه فعل ذلك ثلاثاً، وأمَّا النصفُ الذي يخصُّه فلم يكن يضنُّ به على الفقراء.
وممَّا يذكرُه المؤرخونَ حولَ كرمِه -وهو من نافلةِ القول الحديث عن كرمِه، فهو كريمُ أهلِ البيت (ع) الذي لم يكن يُجارى في كرمِه وسخاءِ يده-: (دخل رجل معدَمٌ على الإمام -حيثُ كانت، تقصدُه الناسُ ويقصدُه الفقراءُ وذوو الحاجاتِ فكان منهم هذا الرجلُ، دخل مجلسَ الإمام وكانت عليه آثار المسكنة ويلبس ثياباً رثةً، فحينَ جلس في محضرِ الإمام (ع) لم يتحدَّثْ بحديثٍ وإنَّما أنشدَ قائلاً:
"لم يبقَ لي شيءٌ يُباعُ بدرهمٍ ** يكفيك منظرُ حالتي عن مَخبر
إلا بقايا ماءِ وجهٍ صُنتُه ** أنْ لا يُباع وقد وجدتُك مشتري"
كان الإمام (ع) متكئًا فاستوى جالساً -تعبيراً عن تأثُّره، فهو كريم وقد حشَّمه هذا الرجل- فنادى أحدَ غلمانه وقال: اذهب إلى الصندوقِ وائتني بكلِّ ما فيه، فجاءَه بكلِّ ما فيه فأعطاهُ الرجل دون أن يستثنيَ منه شيئاً ورُغمَ ذلك اعتذرَ له بأنَّه قليلٌ في مقابلِ مابذلَه من ماءِ وجهه، فهو قد قال للإمام (ع) ماءُ وجهي قد صُنتُه عن كلِّ أحدٍ لأنِّي لم أجدْ له مشترياً يحفظُه وقد وجدتُك مشتري، أنتَ جديرٌ بأن يُباعَ ماءُ الوجهِ عندَه، وهذا هو معنى قوله:
إلا بقايا ماءِ وجهٍ صُنتُه ** أنْ لا يُباع وقد وجدتُك مشتري"، ولهذا أجابَه الإمام بقولِه:
"عاجلتنا فأتاك عاجلَ برِّنا ** قِلًّا ولو أمهلتنا لم نُقصر
فخذِ القليلَ وكنْ كأنَّك لم تبعْ ** ما صُنتَه وكأنَّنا لم نشترِ"(17)
عطوفٌ أبو محمد كان يمرُّ على الفقراء الذين يفترشونَ الأرض، فيدعونَه إلى كُسيراٍت من الخبز يأكلونَها يقولون: هلمَّ يا ابن بنت رسول الله إلى الغدا فينزلُ يأكلُ معهم حتى لا يستوحشوا بعد ذلك من دعوته إيَّاهم ثم يدعوهم إلى ضيافتِه فيطعمُهم ويكسوهم.
وروى الشيخُ المجلسي عن بعض كتبِ المناقب التي وصفها بالمعتبرة بإسنادِه عن نجيح قال: رأيتُ الحسنَ بنَ عليٍّ (عليهما السلام) يأكلُ وبين يديه حيوانٌ كلَّما أكلَ لقمةً طرحَ له مثلَها فقلتُ له: يا ابنَ رسولِ الله ألا أرجمُ هذا عن طعامِك؟ قال: دعْه إنِّي لأستحيي من اللهِ عزَّ وجل أنْ يكونَ ذو روحٍ ينظرُ في وجهي وأنا آكلُ ثم لا أطعمُه"(18) أين هم دعاةُ حقوق الحيوان من عظيم هذا الخلق الذي يتحلَّى به روَّاد الإسلام.
حلمه يزن الجبال:
وأما الحديثُ عن سعة صدره وحلمِه الذي كان يُوازنُ الجبالَ، فيذكرُ المؤرخون كالبلاذري في أنسابِ الأشرافِ والذهبي في سِير أعلامِ النبلاء انَّ جنازةَ الإمام (ع) حين اتَّجهوا بها نحو البقيع جاءَ مروانُ بنُ الحكم بعد أنْ أحدثَ ما أحدث فدخلَ في المشيِّعين يُشاركُهم في حملِ النعش الذي عليه جنازةُ الإمام (ع) فقيلَ له تحملُ نعشَ الحسنِ (ع) ولطالمَا كنتَ جرَّعته غيظاً، فقال مروانُ: "إنِّي كنتُ أفعلُ ذلك بمَنْ يُوازنُ حلمُه الجِبال"(19).
ويذكرُ المؤرخونَ من الفريقين بألسنة متقاربةٍ: إنَّ رجلاً شيخاً كبيراً من الشام مرَّ بأبي محمدٍ الحسن (ع) فشتمه، وأوقعَ فيه وفي أبيه -عليِّ بنِ أبي طالب (عليه السلام)- والإمامُ ساكت، فلما انتهى الشيخُ من سُبابه وشتمه تبسَّم الإمامُ ثم قال: يا شيخ أحسبُك غريباً ولعلَّك شبَّهت -يلتمسُ له العُذر- ولعلَّك شبهت، يا شيخ، إنْ استعتبتنا أعتبناك، ولو سألتنا أعطيناك، ولو استرشدتنا أرشدناك، ولو استحملتنا -يعني طلبت دابةً نحملُك عليها- أحملناك، وإنْ كنت جائعاً أشبعناك، وإنْ كنتَ محتاجاً أغنيناك، وإنْ كنتَ طريدا آويناك، ثم دعاه إلى بيتِه، وقال له: فلو حرَّكت رحلَك الينا وكنتَ ضيفنا إلى وقتِ ارتحالِك كان أعودَ عليك، لانَّ لنا موضعاً رحْباً فاستحى ذلك الشيخ، وقال: اللهُ أعلمُ حيثُ يجعلُ رسالتَه، فأصرَّ عليه الإمام أنْ يحلَّ عليه ضيفاً، وهكذا فعل(20).
بطبيعة الحال قد يتَّسعُ صدرُ الحليم فيتجاوزُ عن غريبٍ يُسيء إليه أما أنْ يُكرمَه وقد أساء إليه فذلك لا يتفقُ إلا لمَن بلغَ من الحلمِ مبلغاً لا يُسامى، ويفوقُ هذا المستوى من الحلم أن يتَّسع صدرُ الحليم لإساءةِ من يُحبُّه ويرعاه ويرفقُ به ويُحاذرُ عليه حتى لا يقعَ في مكروهٍ ويتجرَّعُ الأذى في سبيلِ حياطته وحمايتِه، فإنَّ اساءة مثلِ هذا القريبِ أوقعُ في القلبِ واحتمالُها والتماسُ العذرِ لها والبقاءُ على الودِّ والإحسانِ لهذا المسيء لا يكونُ إلا ممَّن بلغَ من الحلم منتهاه وغايتَه، ذلك لأنَّ ظلمَ الأقرباء وإساءتهم أشدُّ على القلبِ بمراتبَ من الأباعد:
فظلمُ ذوي القربى أشدُّ مضاضةً على النفسٍ من وقع الحسام المهندِ
فالإمامُ (عليه السلام) بعد أنْ سُقي السُم -صار دنِفاً موجوعاً- فكانَ فيمَن دخل عليه رجلٌ من شيعته فقال: يابنَ رسولِ الله -كان الإمام جالساً متجِّلداً للناس رغم قسوةِ الألم الذي يُكابدُه من أثرِ السُم الذي قد شَرِبَه، "قال: يا بنَ رسولِ الله أذللتَ رقابَنا وجعلتَنا معاشرَ الشيعةِ عبيداً، فقال (ع) ممَّ ذاك؟، قال بتسليمِك الأمرَ لهذا الطاغية، قال (ع): واللهِ ما سلمتُ الأمرَ إليه إلا لأنِّي لم أجدْ أنصاراً، ولو وجدتُ أنصاراً لقاتلتُه ليلي ونهاري حتى يحكمَ اللهُ بيني وبينه"(21)،- كان بوسعِ الإمام (ع) أنْ يزجرَه أو يطردَه، لكنَّه لم يفعلْ رغم انَّ المريضَ لشدَّةِ ما يجدُ لا يتَّسع صدرُه عادةً لأدنى مُكدِّرٍ، فكيفَ بالإساءة، فالمريضُ لا يرغبُ حتى في الكلام بل لا يرغبُ في السماع لفضولِ الكلام، لكنَّ هذا الرجلَ جاء ليُسيءَ إلى الإمام (ع) ويتَّهمَه بما لا يرضاه ذوو المروءاتِ والحميَّةِ لأنفسهم، فلا ريبَ انَّ تلك الوقاحةَ التي بدرتْ من ذلك الرجل كان لها شديدُ الوقعِ على قلبِ الإمامِ (ع) لكنَّه كظَمَ غيظَه وتجرَّعَ مرارةَ هذه الإساءةِ وأجابه بكلِّ رحابةِ صدر وأوجزَ له منشأ الصُلح، دون أنْ يزجرَه أو يُنقِصَ من قدرِه، قال له: "والله ما سلَّمتُ الأمرَ إليه إلا لأنِّي لم أجدْ أنصاراً، ولو وجدتُ أنصاراً لقاتلتُه ليلي ونهاري حتى يحكمَ اللهُ بيني وبينه"، ثم إنَّ الإمام (ع) وفي أثناءِ حديثه للرجل أشار أو نادى أحدَ غلمانه فجاءَ بطستٍ فتقيأ الإمام (ع) دماً كثيراً، يقولُ الرجل ففزعتُ من ذلك فقلتُ: يا أبا محمد أراكَ وجِعاً ألا تتداوى؟، قال: أجلْ دسَّ إليَّ هذا الطاغيةَ مَن سقاني سُماً .. فهو يخرجُ قِطعاً كما ترى، قلتُ: أفلا تتداوى؟ قال: قد سقاني مرتين وهذه الثالثةُ لا أجدُ لها دواءً.
ظروف تشييع جنازة الإمام الحسن (ع):
ويحسن في نهاية الحديث أنْ نُشيرَ إلى ظروفِ تشييعِ الإمام (ع) بإيجازٍ شديد، وبما يتناسبُ مع الظروف، فبعدَ أنْ استُشهدَ مظلوماً -وكان قد أوصى بأنْ يُجدَّدَ به عهداً عند قبرِ رسولِ الله (ص)- حملَه الناس ويتقدَّمُهم بنو هاشم والحسين (ع) في طليعتِهم، وكان قد غسِّله وحنِّطه وكفِّنه وصلَّى عليه، حينذاك حُملَ إلى بيتِ رسول الله (ص) عند موضعِ قبرِه الشريف، فجاء بنو أميةَ وجاء معهم آخرونَ وقد حملوا السلاحَ يقودُهم مروانُ يُحرِّضهم ويقول: يا ربَّ هيجا هي خيرٌ من دَعة، فأحاطوا بحجرةِ الرسول (ص) وقالوا لا يُدفنُ الحسنُ عند جدِّه ثم ركبَ مروانُ بغلتَه وذهبَ مسرعاً يطلبُ المددَ فعادَ ومعه المدَد ويذكرُ عددٌ من مؤرخي العامةِ كالذهبي وابنِ عساكر إنَّ الفتنةَ كادت أنْ تقعَ حتى كانت بينهم المراماةُ بالنبل، ولم ينصرفْ الأمويونَ ومن آزرهم حتى اطمئنوا أنْ بني هاشم لن يدفنوا الإمامَ الحسنَ (ع) عند جدِّه (ص)(22).
وذكر ابنُ شهراشوب في المناقب أنَّ جنازة الحسن (ع) رُميتْ بالنبال حتى سُلَّ منها سبعونَ نبلاً(23)، يا لله!! جنازةُ سبطِ الرسول الله (ص) تُرمى بالنبل!!، ذلك من هوانِ الدنيا على الله، يقولُ أبو عبد الله الحسين (ع): لبني هاشم وقد حملوا السلاح: "اَلله اَلله! أنْ تَفعَلوُا وَتُضَيِّعوُا وَصِيَّةَ أَخي! بأن لا يُراق في أمرِه محجمةَ دم، ثم إنَّ الإمام الحسين (ع) خاطب من تصدَّر المنع من دفنِ الحسن (ع) عند جدِّه قائلاً -بالمعنى- تاللهِ لو كان الدفنُ عند الرسول (ص) جائزا فيما بيننا وبين الله، لعُلم أنَّه سيُدفن وإنْ رغم معطسُه، ولكنَّ أخي الحسنَ (ع) أعلمُ الناسِ باللهِ ورسولِه، وأعلم بتأويلِ كتابِه من أنْ يَهتكَ على رسولِ الله (صلى الله عليه وآله) سترَه، ولهذا فهو لم يكن قد أوصى بأكثرَ من تقريبِه من أبيه رسولِ الله (صلى الله عليه وآله) ليُحدثَ به عهداً(24).
تأبين الحسين (ع) لأخيه الحسن (ع):
ثم حُمل جثمانُ الإمامِ الحسنِ (ع) إلى قبرِ جدَّته فاطمةَ بنتِ أسد (رضوان الله تعالى عليها) فدُفنَ هناك في حضورٍ مهيبٍ وحاشد حتى إنَّه "لو طُرحت إبرةٌ ما وقعت إلا على رأسِ انسان"(25) كما في المستدرك على الصحيحين للنيسابوري. وكان الناسُ بعد دفنِ الحسنِ (ع) ينتظرونَ تأبينَ الحسينِ (ع) لأخيِه، وقفَ الحسينُ (ع) -كما في عيون الأخبار لابن قتيبة الدينوري- وقفَ الحسينُ عند قبرِ أخيه (عليه السلام) بعد أنْ حمِد اللهَ وأثنى عليه قال: "رَحِمَكَ اللهُ أَبا مُحَمَّد! أنْ كُنْتَ لَتُباصِرُ الْحَقَّ مَظانَّهُ، وَتُؤْثِرُ اللهَ عِنْدَ مداحُضِ الْباطِلِ في مَواطِنِ التَّقيَّةِ بِحُسْنِ الرَّوِيَّةِ، وَتَسْتَشِفُّ جَليلَ مَعاظِمِ الدُّنْيا بِعَين لَها حاقِرَة، وتَفيضُ عَلَيْها يَداً طاهِرَةَ الأْطْرافِ نَقيَّةَ الأْسِّرَةِ، وَتَرْدَعُ بادِرَةَ غُرَبِ أَعْدائِكَ بِأَيْسَرِ الْمَؤُونَةِ عَلَيْكَ، وَلا غَرْوَ وَأَنْتَ ابْنُ سُلالَةِ النُّبُوَّةِ، وَرَضيعُ لِبانِ الْحِكْمَةِ، فَإِلى رَوْح وَرَيْحان وَجَنَّةِ نَعيم، أَعْظَمَ اللهُ لَنا وَلَكُمُ الأْجْرَ عَلَيْهِ، وَوَهَبَ لَنا وَلَكُمُ السَّلْوَةَ وَحُسْنَ الأْسى عَنْهُ"(26) ثم استعبر وقال:
أأَدْهُنُ رَأْسي أَمْ أَطيبُ مَحاسِني ** وَرَأْسُكَ مَعْفُورٌ وَأَنْتَ سَليبٌ
أَوْ اسْتَمْتِعُ الدُّنْيا لِشَيْء أُحِبُّهُ ** أَلا كُلُّ ما أَدْنى إِلَيْكَ حَبيبٌ
فَلا زِلْتُ أَبْكي ما تَغَنَّتْ حَمامَةٌ ** عَلَيْكَ، وَما هَبَّتْ صَبا وَجَنُوبٌ
وَما هَمَلَتْ عَيْني مِنَ الدَّمْعِ قَطْرَةً ** وَمَا اخْضَرَّ في دَوْحِ الْحِجازِ قَضيبٌ
بُكائي طَويلٌ وَالدُّمُوعُ غَزيرةٌ ** وَأَنْتَ بَعيدٌ وَالْمَزارُ قَريبٌ
غَريبٌ وَأَطْرافُ الْبُيوُتِ تَحُوطُهُ ** أَلا كُلُّ مَنْ تَحْتَ التُّرابِ غَريبٌ
وَلا يَفْرَحُ الباقي خِلافَ الَّذي مَضى ** وَكُلُّ فَتىً لِلْمَوتِ فيهِ نَصيبٌ
فَلَيْسَ حَريبٌ مَنْ أُصيبَ بِمالِهِ ** وَلكِنَّ مَنْ وارى أخاهُ حريبٌ
نَسيبُكَ مَنْ أَمْسى يُناجيكَ طَرْفُهُ ** وَلَيْسَ لِمَنْ تَحْتَ التُّرابِ نَسيبٌ(27)
روى الشيخُ الصدوقُ بسندِه عن سعيدِ بن جُبير، عن ابنِ عباس قال: قال رسولُ الله (ص): ".. وأمّا الحسنُ فإنَّه ابني وولَدي، ومنّي، وقرّةُ عيني، وضياءُ قلبي، وثمرةُ فؤادي، وهو سيّدُ شبابِ أهلِ الجنّةِ، وحجّةُ اللهِ على الأُمّة، أمرُه أمري وقولُه قولي، مَن تَبِعه فإنَّه منِّي، ومَن عصاه فليس منِّي .. فلا يزالُ الأمرُ به حتّى يُقتلَ بالسمّ ظلماً وعدواناً، فعندَ ذلك تبكي الملائكةُ والسّبعُ الشّدادُ لموته، ويبكيه كلُّ شيء .. فمَن بكاه لم تعمَ عينُه يوم تَعمى العيونُ، ومَن حزَنَ عليه لم يحزنْ قلبُه يوم تحزنُ القلوبُ، ومَن زاره في بقعتِه ثبتت قدماه على الصّراطِ يوم تزلُّ فيه الأقدامُ"(28).
﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ / قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ / مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ / وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ / وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ / وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ﴾(29)
خطبة الجمعة - الشيخ محمد صنقور
7 من صفر 1437هـ - الموافق 20 نوفمبر 2015م
جامع الإمام الصّادق (عليه السّلام) - الدّراز
1- سورة آل عمران / 33-34.
2- سورة الأحزاب / 33.
3- الكافي -الشيخ الكليني- ج2 / ص415.
4- الأمالي -الشيخ الطوسي- ص60، المستدرك -الحاكم النيسابوري- ج2 / ص343.
5- ".. فقال (صلى الله عليه وآله): وما كنت لأسبق باسمه ربي عز وجل، فأوحى الله تبارك وتعالى إلى جبرئيل أنه قد ولد لمحمد ابن فاهبط واقرئه السلام وهنئه، وقل له: إن عليا منك بمنزلة هارون من موسى، فسمه باسم ابن هارون. فهبط جبرئيل (عليه السلام) فهنأه من الله عز وجل، ثم قال: إن الله عز وجل يأمرك أن تسميه باسم ابن هارون. قال: وما كان اسمه؟ قال: شبر. قال: لساني عربي. قال: سمه الحسن، فسماه الحسن"، الأمالي -الشيخ الصدوق- ص198.
6- الأمالي -الشيخ الصدوق- ص244.
7- مناقب آل أبي طالب -ابن شهر آشوب- ج3 / ص180.
8- مناقب آل أبي طالب -ابن شهر آشوب- ج3 / ص176.
9- مناقب آل أبي طالب -ابن شهر آشوب- ج3 / ص180.
10- مناقب آل أبي طالب -ابن شهر آشوب- ج3 / ص180.
11- "كان إذا فرغ من الفجر لم يتكلم حتى تطلع الشمس وإن زحزح": الفايق في غريب الحديث -الزمخشري- ج2 / ص77، النهاية في غريب الحديث والأثر -مجد الدين ابن الأثير- ج2 / ص297.
12- تاريخ مدينة دمشق -ابن عساكر- ج13 / ص244، مستدرك الوسائل -ميرزا حسين النوري الطبرسي- ج8 / ص30.
13- مستدرك الوسائل -ميرزا حسين النوري الطبرسي- ج8 / ص30.
14- مناقب آل أبي طالب -ابن شهر آشوب- ج3 / ص180.
15- الأمالي -الشيخ الصدوق- ص244.
16- مناقب آل أبي طالب -ابن شهر آشوب- ج3 / ص180.
17- الانتصار -العاملي- ج8 / ص14.
18- بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج43 / ص352.
19- سير أعلام النبلاء -الذهبي- ج3 / ص276، أنساب الأشراف -أحمد بن يحيى بن جابر (البلاذري) - ج3 / ص67.
20- ربيع الأبرار ونصوص الأخبار -الزمخشري- ج2 / ص214، كشف الغمة في معرفة الأئمة -علي بن أبي الفتح الإربلي- ج2 / ص183.
21- بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج44 / ص147.
22- تاريخ مدينة دمشق -ابن عساكر- ج13 / ص292، مقاتل الطالبيين -أبي الفرج الأصفهاني- ص49.
23- مناقب آل أبي طالب -ابن شهر آشوب- ج3 / ص204.
24- بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج44 / ص157.
25- المستدرك -الحاكم النيسابوري- ج3 / ص173.
26- عيون الأخبار -ابن قتيبة الدينوري- ج2 / ص338.
27- "أأدهن رأسي أم تطيب مجالسي .." بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج44 / ص160.
28- الأمالي -الشيخ الصدوق- ص176.
29- سورة الفلق.