الخضر ينفي الصبر عن موسى (ع)!!

المسألة:

في إطار السياق القرآني لعرض قصة نبيِّ الله موسى (ع) مع الخضر (ع) ورد ﴿هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا﴾(1) والسؤال هو لماذا عبَّر القرآن عن ردِّ الخضر بـ ﴿لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا﴾(2) وهل يفقدُ موسى (ع) الداعية إلى الله صفة الصبر التي هي أساسية في الدعاة؟

الجواب:

لم يكن الصبر الذي نفاهُ الخضِرُ (ع) عن موسى (ع) هو الصبر الذي يجب أنْ يتوفَّر عليه الأنبياءُ ومطلقُ الدعاة إلى الله تعالى.

وإنَّما نفى عنه الصبر على الممالئة على ما ينافي ظاهر الشريعة والتعقُّل، وذلك أمرٌ محمود، فليس في وسع موسى (عليه السلام) أنْ لا يُنكر على أحدٍ قَتلَ غلامًا بغير جرمٍ ظاهر أو خَرقَ سفينةً لمساكين يسترزقون منها أو شيَّد بناءً لغير وجهٍ عقلائيٍّ ظاهر يقتضي ذلك، فهو في ظاهره عملٌ سفهي بل إنَّ واقع أهلِ تلك القرية التي أجمعت على عدم تضييفهما يؤكِّدُ سفهيَّة ما قام به الخضر في ظاهر الحال من تشييده لجدارٍ فيها يُوشَك أنْ يسقط، فعدمُ الصبر على مثل هذه الأعمال لا يُنافي مقام النبوَّة، فهو إنْ لم يكن محموداً فهو ليس مذموماً.

نعم يكون عدمُ الصبر مذمومًا ومنافيًا لمقام النبوَّة لو كان واقع الحال ما صدر عن الخضر منكشفاً لنبيِّ الله موسى (ع) إلا انَّ الامر لم يكن كذلك فكان عليه بمقتضى تديُّنه بشريعته وبمقتضى تعقُّلِه أن يُبادر للاستفهام عن المبرِّر لصدور هذه الأفعال.

والحمد لله رب العالمين

 

من كتاب: شؤون قرآنية

الشيخ محمد صنقور


1- سورة الكهف / 66.

2- سورة الكهف / 67.