مشروعيَّة صلاة الضحى

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

 

السؤال:

ما هي صلاة الضحى وما هو رأي الإماميَّة في مشروعيَّتها؟

 

الجواب:

صلاة الضحى نافلةٌ يذهبُ أهلُ السُنَّة إلى القول بمشروعيَّتها وهي مؤقتة بوقتِ الضحى والذي يبدأُ بارتفاع الشمس ويمتدُّ إلى قُبيل الزوال بما يقارب العشرين دقيقة، وأقلُّ ركعاتِها ركعتان وأكثرُها ثمان ركعات، ونُسب إلى الشافعي القولُ بأنَّ أكثرها اثنتا عشرة ركعة.

 

وأمَّا رأيُ الإماميَّة في مشروعيَّة صلاة الضحى فهو أنَّهم مُطبِقون على القولِ بعدم مشروعيَّتها وأنَّها من البِدَع، وذلك لأنَّه لم يثبتْ عن الرسول (ص) أنَّه صلَّاها أو أمَرَ بها بل الثابتُ عنه (ص) وعن أهلِ بيته (ع) النهيُ عن صلاة الضحى ووصفُها بأنَّها بدعة.

 

قال صاحبُ الحدائق (رحمه الله): اتَّفق أصحابُنا (رضوانُ اللهِ عليهم) على أنَّ صلاة الضحى بِدعة(1)، وقال الشيخُ الطوسي في الخلاف: صلاةُ الضحى بدعةٌ ،لا يجوز فعلُها وخالفَ جميعُ الفقهاء (السنة) في ذلك فقالوا إنَّها سنَّة ثم قال: دليلُينا إجماعُ الفرقة، ثم نقلَ بعضَ الروايات الدالَّة على ذلك من طرقِهم(2).

 

وقال العلامةُ الحلِّي في المُنتهى: "صلاةُ الضحى بدعةٌ عند علمائِنا خلافاً للجمهور فإنَّهم أطبقوا على استحبابِها"(3).

 

واستدلَّ الإماميَّة على بِدعيَّة صلاةِ الضحى برواياتٍ كثيرة واردةٍ من طرقِ أهلِ البيت (ع):

 

منها: صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم والفضيل قالوا : سألناهما -الباقرَ والصادقَ (ع)- عن الصلاةِ في رمضانَ نافلةِ الليل جماعةً فقالا: "إنَّ النبيَّ (ص) قام على منبرِه فحمِدَ الله وأثنى عليه ثم قال: أيَّها الناسُ إنَّ الصلاةَ بالليل في شهرِ رمضان النافلةَ جماعةً بدعةٌ، وصلاةُ الضُّحى بدعةٌ، ألا فلا تجمعوا ليلاً في شهرِ رمضان لصلاةِ الليل ،ولا تصلُّوا صلاةَ الضُّحى، فإنَّ ذلك معصيةٌ، ألا وإنَّ كلَّ بدعةٍ ضلالة، وكلُّ ضلالةٍ سبيلُها إلى النار ، ثم نزل وهو يقول: قليلٌ في سُنَّة خيرٌ من كثيرٍ في بِدعة"(4).

 

ومنها: ما رواه الصدوقُ في الصحيح عن زرارةَ عن أبي جعفرٍ (ع) قال: "ما صلَّى رسولُ الله (ص) صلاةَ الضُّحى قط"(5).

 

ومنها: ما رواه الصدوقُ بإسناده عن عبد الواحد الأنصاري عن أبي جعفرٍ (ع) قال: سألتُه عن صلاةِ الضُّحى فقال(ع): "أولُ مَن صلَّاها قومُك، إنَّهم كانوا من الغافلين فيصلُّونها ولم يصلِّها رسولُ الله (ص)"(6).

 

والمتحصَّل إنَّ صلاة الضُّحى بدعةٌ بنظر عموم الإماميَّة بمعنى أنَّ من صلَّى في الضُّحى بقصد أنَّها نافلة موظَّفة فهو مشرَّعٌ أي مرتكِبٌ لبدعةٍ محرمة.

 

فالصلاةُ وإنْ كانت خيرُ موضوع فمَن شاءَ فليستكثِرْ ومَن شاء فليُقِلْ، فللمكلَّف أنْ يصلِّي في أيِّ وقتٍ شاء وبأيِّ مقدارٍ شاء إلا أنَّ قصد الخصوصيَّة للضُّحى والتعبُّد بالكيفيَّة المذكورة لصلاة الضُّحى والاعتقادَ باستحباب ذلك على نحو الخصوصِ تشريعٌ وبدعةٌ نظراً لعدم ثبوتِ هذه الخصوصيَّة عن الرسول الكريم "ص" وأهلِ بيتِه عليهم السلام، وليس لأحدٍ أنْ يخترعَ عبادةً ثم يدَّعى استحبابَها بنحو الخصوصيَّة، إذ أنَّ العبادات يتمحَّض تشريعُها وتوظيفُها بالمشرِّع وهو اللهُ جلَّ وعلا والرسولُ الكريم (ص) بتخويلٍ من ربِّه جلَّ وعلا.

 

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور

26 جمادى الأولى 1427 هـ


1- الخلاف -الشيخ الطوسي- ج 1 ص 543.

2- الحدائق الناضرة -المحقق البحراني- ج 6 ص77.

3- منتهى المطلب (ط.ق) -العلامة الحلي- ج 1 ص 196.

4- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج 8 ص 45.

5- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج 4 ص 100.

6- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج 4 ص 101.