التزوُّج من عمّة الزوجة وخالتها

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

المسألة:

(لا تُزوّج ابنة الأخ ولا ابنة الأخت على زوج العمة ولا على زوج الخالة إلا بإذن العمة أو الخالة. وتُزوّج العمة والخالة على زوج ابنة الأخ وزوج ابنة الأخت بغير اذن ابنة الأخ وابنة الأخت) .. لماذا هذا الاختلاف في أخذ الإذن؟هل لكم ان تعرضوا لنا الدليل مفصلاً فإن إخواننا أهل السنة يرون حرمة الجمع مطلقاً.

الجواب:

الدليل على جواز الجمع بين العمَّة وابنةِ أخيها والخالةِ وابنةِ أختها إذا كان ذلك عن اذن من العمَّةِ والخالة في فرض تقدُّم نكاحهمِا، الدليلُ على ذلك هو الروايات الكثيرة والمتضافرة التي وردت عن أهل البيت (ع) والذين هم أعلم بسنَّةِ رسول الله (ص) كما ثبتَ ذلك بالأدلَّة القطعيَّة كحديث الثقلين وحديثِ السفينة.

ولتوثيق ذلك ننقلُ لكم بعضَ ما ورد عن أهلِ البيت (ع):

1- معتبرة محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال: "لا تزوَّج ابنة الأخ وابنة الأخت على العمَّة والخالة إلا بإذنهما وتزوَّج العمَّة والخالة على ابنة الأخ وابنة الأخت بغير اذنها"(1).

2- معتبرة عليِّ بن جعفر عن أخيه الامام موسى بن جعفر (ع) قال: سألتُه عن امرأةٍ تُزوَّج على عمتِها وخالتِها؟ قال (ع): "لابأس، وقال: تُزوَّج العمَّة والخالة على ابنة الأخ وابنة الأخت، ولا تُزوَّج بنتُ الأخ والأخت على العمَّة والخالة إلا برضىً منهما، فمَن فعل فنكاحُه باطل"(2).

3- معتبرة أبي أيُّوب الخزَّاز عن محمد بن سلم عن أبي جعفرٍ (ع) قال: "إنَّما نهى رسولُ الله (ص) عن تزويج المرأة على عمَّتِها وخالتِها إجلالاً للعمَّة والخالة، فإذا أذِنت في ذلك فلا بأس .."(3).

وأمَّا ما ورد عن الرسول (ص) أنَّه نهى عن ذلك مطلقاً فلم يرد من طرقِنا وانَّما روتْه كتبُ العامَّة عن أبي هريرة، وهو غيرُ مُعتمَدٍ عندنا، وأهلُ البيت (ع) هم أعرفُ بسنَّة رسولِ الله (ص) من أبي هريرة وغيرِه.

وأمَّا منشأُ الاختلاف في اعتبار الإذن بين البنت وعمتها وخالتها، فذلك لا يعلمُه إلا الله ورسولُه (ص)، فالكثيرُ من الأحكام لا نعلمُ بملاكاتِها إلا أنَّه يلزمنا التسليمُ بها والعملُ وفقَ ما تقتضيه، وذلك امتثالاً لقول اللهِ تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا﴾(4) ومع ذلك فإنَّ معتبرة أبي أيُّوب الخزَّاز عن أبي جعفر(ع) تصلحُ لبيان الحكمة منهذا الحكم، فإنَّ الاستئذان نوع تأدُّبٍ وتقديرٍ للعمَّة والخالة، وبالاستئذان ينتفي الاستيحاشُ والغضاضة التي قد تنشأ عن إقدام الزوج على نكاح ابنةِ الأختِ والأخِ رغم أنَّ عمَّتها وخالتها في ذمَّتِه، فإمَّا أنْ تأذنا وحينئذٍ لاعذر لهما بعد ذلك في القطيعة أو الاشمئزاز، وإمَّا أنْ لا تأذنا وحينئذٍ لن يقع الزواج.

والحمد لله رب العالمين

الشيخ محمد صنقور


1- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج20 / ص487.

2- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج20 / ص488.

3- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج20 / ص490.

4- سورة الحشر / 7.