زيارةُ القبور ليلاً

 

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

 

المسألة :

ماحكمُ زيارةِ القبور ليلاً؟

 

الجواب:

لا بأسَ في ذلك، ولم تثبُتْ كراهتُها بل هي مستحبةٌ لإطلاق ما دلَّ على استحبابِ زيارة القبور في مُطلق الأوقات كحديث الأربعمائة المُعتبر سنداً أبي عبد الله (ع) قال: قال أميرُ المؤمنين (ع): "زوروا موتاكم فإنَّهم يفرحونَ بزيارتِكم، وليطلبْ أحدُكم حاجتَه عند قبر أبيهِ وعند قبر أُمِّه بعدَ ما يدعو لهما"(1).

 

وأمَّا ما أورده القطب الراوندي في الدعوات عن أبي ذر رضي الله عنه أنَّه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله : يا أبا ذر أوصيك ، فاحفظ لعل الله أن ينفعك به : جاور القبور تذكر بها الآخرة ، وزرها أحيانا بالنهار ولا تزرها بالليل، واغسل الميت يتحرَّك قلبك، فإنَّ الجسد الخاوي عظة بالغة .."(2) فهي رواية مرسلة لا تصلح لاثبات حكمٍ شرعي، على أنَّ من المرجَّح قويَّاً أنَّها من غير طرقنا  وأنَّه (رحمه الله) نقلها من بعض طرق العامَّة فقد أوردها ابن عساكر(3)- عن أبي ذر في تاريخ مدينة دمشق- بنصِّها مع تفاوت يسير في بعض الألفاظ وكذلك أوردها غيره . 

 

وعليه فلا دليل على كراهة زيارة القبور ليلاً، نعم لا يبعدُ أنَّ زيارة القبور في النهار أفضل، ومن أفضلِ أوقاتِ الزيارة هو عشيةُ كلِّ خميس لما ورد في معتبرة صفوان الجمَّال قال: سمعتُ أبا عبد الله (ع) يقولُ: كان رسولُ الله (ص) يخرجُ في ملاءٍ من الناس من أصحابه كلَّ عشية خميسٍ إلى بقيع المدنيِّين فيقول: "السلامُ عليكم يا أهلَ الديار" ثلاثاً "رحمَكم اللهُ "ثلاثا"(4) والعشية هي آخر النهار.

 

وكذلك فإنَّ من الأوقات الفاضلة لزيارة القبور يوم الاثنين والخميس لما ورد في معتبرةِ هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (ع) قال: سمعتُه يقول: "عاشتْ فاطمةُ (ع) بعد أبيها خمسة وسبعين يوماً لم تُرَ كاشرةً ولا ضاحكة، تأتي قبورَ الشهداء في كلِّ جمعةٍ مرَّتين الاثنين والخميس، فتقولُ: هاهنا كان رسولُ اللهِ (ص) هاهنا كانَ المشركون"(5). فقولِه (ع): "في كلِّ جمعةٍ مرَّتين" معناهُ في كلِّ اسبوع.

 

والحمد لله ربِّ العالمين

 

الشيخ محمد صنقور


1- الكافي -الشيخ الكليني- ج3 / ص230.

2- الدعوات ( سلوة الحزين) -قطب الدين الراوندي- ص277.

3- تاريخ مدينة دمشق -ابن عساكر- ج66 / ص188، كنز العمال -المتقي الهندي- ج16 / ص130، وأوردها مسندة الشجري في الأمالي الخميسيَّة ج2 / ص409.

4- وسائل الشيعة (الإسلامية) -الحر العاملي- ج2 / ص879.

5- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج3 / ص224.