تجمير الميت واِتْباع الجنازة بالبخور

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

 

المسألة:

هل يُكره أو يُستحبُّ وضع البخور على القبر أو في المقابر؟

 

الجواب:

ما وجدناه في الروايات هو النهي عن اِتباع الجنازة بالمجمرة "البخور"، وكذلك ورد النهي عن تجمير كفنِ الميِّت أو الجنازة.

 

فمِمَّا ورد في النهي عن اِتباع الجنازة بالمَجمرة ما رواه الكلينيُّ بسندٍ معتبر عن السكوني عن أبي عبد الله (ع) أنَّ النبيَّ (ص) نهى أنْ يُتبع جنازة بمجمرة"(1).

 

والمرادُ بالمَجمرة هي الظرفُ الذي يُوضع فيه مثلُ العُودِ أو المِسك ويجعلُ عليه أو تحته الجمرُ لغرضِ التطيُّب بما يتصاعدُ من الدخان الناشئ عن اِحتراق مثل العُود، ويُعبَّر عن هذا الدخان بالبخور.

 

ومنها: مارواه الكلينيُّ بسندٍ معتبر عن الحلبي عن أبي عبدالله (ع): إذا أردتَ أنْ تُحنِّط الميِّت فأعمد إلى الكافور فامسحْ به آثارَ السجود منه ومفاصلَه كلَّها ورأسَه ولحيتَه وعلى صدرِه من الحَنوط. وقال: حنوطُ الرجلِ والمرأةِ سَواء، وقال: وأكرهُ أنْ يُتبَعَ بمَجمرة"(2).

 

ومنها: مارواه الشيخُ في التهذيب بسندٍ معتبرٍ عن غياث بن إبراهيم عن أبي عبدالله (ع): "وكان يكرهُ أنْ يُتبَعَ الميِّت بالمَجمرة"(3).

 

تجمير الكفن:

وأمَّا ما ورد في النهي عن تجميرِ الكفنِ أو الجنازة فرواياتٌ عديدة أيضاً:

 

ومنها: ما رواه الكلينيُّ بسندٍ معتبرٍ عن محمَّدِ بن مسلم، عن أبي عبد الله (ع) قال: قال أمير المومنين (ع): لا تُجمِّروا الأكفان، ولا تمسحوا موتاكم بالطيب الا الكافور، فانَّ الميِّت بمنزلةِ المُحرم(4).

 

ومنها: مارواه الكلينيُّ بسندٍ معتبرٍ عن ابن أبي عمير، عن بعضِ أصحابِه، عن أبي عبد الله (ع) قال: لا يُجمَّرُ الكفنُ"(5).

 

ومنها: ما رواه الشيخُ في التهذيب بسندٍ معتبرٍ عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفرٍ (ع): "لا تقرِّبوا موتاكم النار يعني الدَخنة"(6).

 

ومعنى الروايةِ هو النهيُ عن تجميرِ الجنازة وتبخيرِها أو وضعِ المجمرة على النعش، ولا يبعدُ شمول النهي للمشي بالمَجمرة بإزاء الجنازة أو خلفها كما يفعل العامَّة، وكون ذلك من تقريب النار إلى الميِّت منشأه أنَّ المجمرة تكون مشتملة على الجمر،  فتبخيرُ الميِّت أو المشيُ خلف جنازتِه بالمَجمرة أو وضعُها على النعش معناه تقريبُ الجمرِ والنارِ إليه.

 

ثم إنَّ أحداً من الفقهاء لم يفهم الحرمة من النهي عن اِتباع الجنازة بالمجمرة، فهذا المقدار متسالمٌ عليه بينهم، ولذلك حمل المشهورُ النهي على الكراهة بل ادَّعى الاجماعَ عددٌ منهم على ذلك، وكذلك هو النهي عن تجمير كفن الميِّت وتجمير الجنازة، وأمَّا الروايات المُشعِرة أو الظاهرة في الاستحباب فحملوها على التقيَّة نظراً لاِشتهار استحباب كلِّ ذلك عند العامَّة.

 

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور


1- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج3 / ص17.

2- الكافي -الشيخ الكليني- ج3 / ص144.

3- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج3 / ص20.

4- الكافي -الشيخ الكليني- ج3 / ص147.

5- الكافي -الشيخ الكليني- ج3 / ص147.

6- تهذيب الأحكام -الشيخ الطوسي- ج1 / ص295.