المعاشرة الزوجيَّة وقت الأذان

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد 

 

المسألة:

ما حكم المعاشرة أثناء رفع الأذان؟

 

الجواب:

ورد النّهيُ عن المعاشرة بين الأذان والإقامة في رواية الصدوق بسندٍ إلى الرسول (ص): ".. لا تُجامعْ إمراتَك بين الاذانِ والاقامة .."(1) وورد مايدلُّ على كراهةِ المعاشرةِ فيما بين الطُلوعين وهو تمامُ وقتِ صلاة الصبح، وما بين المَغيب إلى سقوط الشفَق، وهو الوقت الفضيليِّ لصلاة المغرب، فمن ذلك مارواه الكلينيُّ في الكافي بسندٍ معتبر عن عبد الرحمن بن سالم عن أبيه عن أبي جعفرٍ (ع) قال: قلتُ له: هل يُكرهُ الجماعُ في وقتٍ من الأوقات وإنْ كان حلالا ً؟ قال: نعم، ما بينَ طلوعِ الفجر إلى طلوعِ الشمسِ، ومِن مغيب الشمسِ إلى مَغيبِ الشَفَق .."(2).

 

وأمَّا المعاشرةُ عند رفع الأذان فلم أقفْ على روايةٍ تنهى عن ذلك بعنوانه إلا أنَّه يُمكنُ استئناسُ مرجوحيَّة الاشتغال بالمعاشرة عند رفع الأذان -لمُطلق الصلوات المكتوبة- بما هو المقطوعُ به من ذمِّ الاشتغال بغير الصلاة عند دخول وقتِها من غير علَّة، فقد نصَّت رواياتٌ كثيرةٌ تفوقُ حدَّ الاستفاضة على ذلك:

 

منها: ما رواه علي بن ابراهيم في (تفسيره) عن أبي عبد الله (ع) في قول الله عز وجل: ﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ / الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾(3) قال: تأخير الصلاة عن أوَّل وقتها لغير عذر"(4).

 

ومنها: ما رواه الشيخُ بسندٍه عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) -في حديث- قال: " لكلِّ صلاةٍ وقتان، وأوَّلُ الوقتينِ أفضلُهما، ولا ينبغي تأخيرُ ذلك عمداً"(5).

 

ومنها: ما رواهُ العيَّاشي بالاسناد عن يونُس بن عمَّار، عن أبي عبد الله (ع) في قولِه تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ / الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ أهي وسوسةُ الشيطان؟ فقال: لا، كلُّ أحدٍ يُصيبُه هذا ولكن أنْ يُغفلَها ويدعَ أنْ يُصلِّي في أولِ وقتِها"(6).

 

ومنها: ما رواه الراوندي في الخرائج بسنده عن إبراهيم بن موسي القزَّاز قال: ألححْتُ على الرضا (ع) في شيءٍ طلبتُه منه فخرجَ يستقبلُ بعضَ الطالبيِّين، وجاء وقتُ الصلاة، فمالَ إلى قصرٍ هناك، فنزلَ تحتَ شجرةٍ بقُربِ القصر وأنا معَه، وليس معنا ثالثٌ ، فقال: أذِّنْ. فقلتُ: ننتظرُ يلحقُ بنا اصحابُنا؟ فقال: غفرَ اللهُ لك، لا تُوخرنَّ صلاةً عن أوَّلِ وقتِها إلى آخرِ وقتِها من غير علَّةٍ عليك، اِبدأْ بأوَّل الوقت. فأذَّنتُ وصلَّينا"(7).

 

والرواياتُ في ذلك كثيرةٌ، واقتضاؤها لكراهةِ الاشتغالِ من غير علَّةٍ بشأنٍ من شؤون الدنيا أوضحُ من أنْ يخفى، ولذلك يمكن البناءُ على كراهةِ الاشتغالِ بالجماع عند رفعِ الأذانِ والإعلانِ عن دخولِ الوقتِ استناداً إلى مادلَّ على كراهةِ مُطلقِ الاشتغالِ بغيرِ الصلاة عند دخولِ وقتها.

 

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور


1- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج20 / ص251.

2- الكافي -الشيخ الكليني- ج5 / ص498.

3- سورة الماعون / 4-5.

4- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج4 / ص124.

5- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج4 / ص119.

6- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج4 / ص114.

7- مستدرك الوسائل -الميرزا النوري- ج3 / ص101.