مشروعية صلاة الحائض على الجنازة

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

 

المسألة:

هل يجوزُ للنساء المشاركةُ في الصلاة على الجنازة؟ وماذا عن الحائض هل تصحُّ منها الصلاة على الجنازة؟

 

الجواب:

نعم تُشرعُ صلاة الجنازة للنساء لإطلاق الأمر بالصلاة عليها المُقتضي لتناول عمومِ المكلَّفين، هذا مضافًا إلى الرواياتِ الخاصَّة الصريحةِ في مشروعيَّة صلاة الجنازة للنساء، كما أنَّه تصحُّ من النساء المشاركةُ في صلاة الجماعة على الجنازة كما هو الشأن في مشروعيَّة الجماعة للنساء في سائر الفرائض، فما دلَّ على مشروعيَّة الجماعة في صلاة الجنازة باعتبارها من الفرائض يدلُّ على مشرعيَّة ذلك لمُطلق المكلَّفين من الرجال والنساء على حدٍّ سواء، هذا مضافًا إلى الروايات الخاصَّة الظاهرة في المشروعيَّة.

 

وأمَّا صلاةُ الجنازةِ جماعةً من الحائضِ -فمضافًا إلى عدم المانعِ من مشروعيَّتِها بعد ثبوت مشروعيَّة الجماعة في صلاة الجنازة، وبعد أنْ لم تكن صلاةُ الجنازة مشروطةً بالطهارة الحدَثِ الأكبرِ والأصغر كما نصَّت على ذلك الرواياتُ الواردةُ عن أهل البيت (ع)- فمضافًا إلى ذلك فإنَّه قد نصَّت على مشروعيَّتةِ صلاة الجنازة جماعةً من الحائض العديدُ من الرواياتِ، غايتُه أنَّها أمرتْ بأنْ تقفَ الحائضُ في صفٍّ وحدها.

 

فممَّا ورد في ذلك صحيحةُ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ الله (ع) عَنِ الْحَائِضِ تُصَلِّي عَلَى الْجِنَازَةِ؟ قَالَ: "نَعَمْ، ولَا تَصُفُّ مَعَهُمْ"(1) وزاد الشيخُ الطوسي في التهذيب: "تقفُ مفردة"(2).

 

ومنها: موثَّقةُ سماعة، عن أبي عبد الله (ع) عن المرأةِ الطامثِ إذا حضرتْ الجنازة، فقال(ع): "تتيمَّمُ وتُصلِّي عليها، وتقومُ وحدَها بارزةً عن الصف"(3).

 

ومنها: موثَّقة عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَبْدِ الله عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (ع) قَالَ: قُلْتُ: تُصَلِّي الْحَائِضُ عَلَى الْجِنَازَةِ؟ قَالَ (ع): "نَعَمْ، ولَا تَصُفُّ مَعَهُمْ تَقُومُ مُفْرَدَةً"(4).

 

ومعنى أنَّها تقومُ مفردةً ولا تصفُّ معهم هو أنَّها تكون في صفِّ وحدها، فلا تقفُ حتى في صفوف النساء فذلك هو ما فهمه الأصحاب من الروايات وهو الظاهر منها، إذ لو كان المراد هو أنَّها لا تقف في صفوف الرجال لما كان لها خصوصيَّة فإنَّ مطلق النساء مخاطبات بالوقوف في صفٍّ مستقلٍّ عن صفوف الرجال.

 

وكيف كان فقد حمل الفقهاءُ الأمرَ بوقوف الحائض في صفٍّ وحدَها على الاستحباب، فلا يُعتبر في صحَّة صلاتِها على الجنازة أنْ تكون في صفٍّ وحدها، ولعلَّ منشأ هذا الحمل هو أنَّ أمر الحائض بأنْ تقفَ في صفٍّ مفردةً، ونهيها عن أنْ تصفَّ مع الجماعة، هذا الأمرُ وهذا النهيُ واقعان في سِياق توهُّم الحظر والمنع فلا يكونان ظاهرين في اللزوم.

 

والحمد لله ربِّ العالمين

 

الشيخ محمد صنقور


1- الكافي -الشيخ الكليني- ج3 / ص179.

2- تهذيب الأحكام -الشيخ الطوسيّ- ج3 / ص204.

3- وسائل الشّيعة -الحرّ العاملي- ج3 / 113.

4- الكافي -الشيخ الكليني- ج3 / ص179.