تخليل الأسنان بالطرفاء

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

 

المسألة:

ورد عن الإمام عليٍّ (ع): "التخلُّل بالطرفاء يُورثُ الفقر"(1)، ما المرادُ من هذا الحديث؟ وهل هو صحيح؟

 

الجواب:

الطرفاء شجرةٌ بريَّة يصلُ ارتفاعها إلى مترين تقريباً، وهي تنبتُ في الأرض السبِخة المالحة، وهي كما قِيل من أشجار الحُمض والتي تُعمِّر طويلاً، وتتكوَّن من أغصانٍ متشعِّبة خشبيَّة نحيلة، وهي ذاتُ أنواعٍ كثيرةٌ، بعضُها تحملُ أوراقاً صغيرة حرشفيَّة ولها أسنانٌ مثلَّثة مخروطيَّة.

 

والمقصودُ من الرواية هو مرجوحيَّة اتِّخاذ خشبَها لتخليلِ الأسنان من بقايا الطعام، وأمَّا أنَّه يُورث الفقر فلعلَّ اتِّخاذها للتخليل والمداومة على ذلك له إنعكاساتٌ صحيَّةٌ سيئةٌ تُقعِد الإنسان عن تحصيل الرزق، كما لوكان من آثار التخلُّل بها تلفُ الأسنان أو اِلتهابُ اللثَّة المنتجان لاستشعار الألم الشديد المُقعِد عن العمل وتحصيل الرزق، ولعلَّ ذلك ينشأ عن أنَّ مثل هذه الأشجار تنبت في المستنقعات التي عادةً ما تكون موبوءة.

 

ثم إنَّ الظاهر من الرواية أنَّ الأثر المذكور للتخلُّل بالطرفاء إنَّما يترتَّب عند المداومةِ أو الإكثارِ من التخلُّل بها، لا أنَّ هذا الأثر يترتَّبُ لمجرَّد التخلُّل بخشبها ولو لمرَّةٍ أو مرَّاتٍ قليلة.

 

وأمَّا سندُ الرواية فقد أوردها الحسنُ بن الفضل الطبرسي في كتابه مكارم الأخلاق نقلاً عن روضة الواعظين للفتَّال النيسابوري، والرواية مرسلةٌ في الموضعين، وأوردَ الشيخُ الصدوقُ في الخصال الروايةَ مسندةً إلى سعيد بن علاقة قال: سمعتُ أمير المؤمنين (ع): ".. والتخلُّل بالطرفاء يُورث الفقر .."(2) وفي سند الرواية ضعفٌ لاشتماله مثلاً على بعض المهملين الذين لا ذكْر لهم في كتب الرجال إلا أنَّ ذلك لا يمنع من التأدُّب بمفاد الرواية رجاءً للمطلوبيَّة، ولأنَّ البناء في الآداب هو التسامح في الأسناد وعدم التشدُّد فيها.

 

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور


1- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج24 / ص425.

2- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج15 / ص347.