الأكلُ على الجنابة

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

المسألة:

ما حكمُ الأكلِ على الجنابة؟

الجواب:

الأكلُ على الجنابةِ جائزٌ ولكنَّه مكروه، وقد حذَّرت الرواياتُ الواردة عن الرسول الكريم (ص) وأهلِ بيته (ع) مِن الأكل وكذلك الشرب على الجنابة.

فمِّما ورد في ذلك ما رُويَ عن الإمام الصادق (ع) عن آبائه عن أمير المؤمنين (ع) قال: "نهى رسولُ الله (ص) عن الأكلِ على الجنابة، وقال: إنَّه يُورثُ الفقر"(1)

وفي معتبرة السكوني عن أبي عبدالله (ع) "فانَّه يُخافُ منه الوضَح"(2) والمراد من الوضَح هو البرَص. يعني أنَّه قد يورث هذا الداء.

نعم ترتفعُ الكراهةُ أو مرتبةٌ منها إذا توضأ المُجنِب قبل الأكلِ والشرب أو تمضمضَ وغسل وجهَه ويدَه، وذلك لِما ورد في مثل معتبرة زرارة عن أبي جعفر (ع) قال: "الجُنُب إذا أراد أنْ يأكلَ ويشربَ غسل يدَه وتمضمض وغسل وجهَه وأكَلَ وشرب"(3).

ومعتبرة السكوني عن أبي عبدالله (ع) قال: "لا يذوقُ الجنُبُ شيئاً حتى يغسلَ يدَه ويتمضمض، فإنَّه يُخاف منه الوضَح"(4).

وفي معتبرة الحلبي عن أبي عبدالله (ع) انَّه قال:" إذا كان الرجل جُنباً لم يأكلْ ولم يشربْ حتى يتوضأ"(5). فجملة لم يأكل ولم يشرب خبريَّة أريد منها الإنشاء أي النهي عن الأكل والشرب قبل الوضوء أو الأمر بالوضوء قبل الأكل والشرب.

وقد استظهرَ عددٌ من الأعلام إرادة غَسل اليدين والمضمضةِ من الوضوء في الرواية، وذلك بقرينة مثل معتبرة زرارة، ولأنَّ عنوان الوضوء يُستعمل في ذلك كثيراً إلا أنَّه لا يبعد إرادة الوضوء الاصطلاحي من الرواية فإنَّه المُنسبِق للذهن عند الإطلاق، وعليه فيكون الجمع بين معتبرة الحلبي وبين مثل معتبرة زرارة هو الحمل على التفاوت في مرتبة ما يرتفع من الكراهة، فما يرتفعُ من الكراهة بالوضوء أكثر ممَّا يرتفع بالمضمضةِ وغسل اليدين، ولعلَّ مايُؤيِّد هذا الجمع ما ورد في التهذيب في معتبرة عبدالرحمن بن أبي عبد الله -في حديث- قال: قلتُ لأبي عبد الله (ع): أياكلُ الجُنبُ قبل أنْ يتوضأ؟ قال (ع): ".. ولكن ليغسلَ يده، والوضوء افضل"(6).

والحمد لله رب العالمين

الشيخ محمد صنقور


1- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج2 / ص220.

2- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج2 / ص219.

3- المصدر السابق.

4- المصدر السابق.

5- المصدر السابق.

6- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج2 / ص220.