المعاشرةُ بتخيُّل امرأةٍ أخرى

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

المسألة:

رُوي كراهةُ معاشرةِ الرجل زوجتَه بشهوةِ غيرها، فهل هذا الحكم خاصٌّ بالرجل، أو أنَّه يُكرهُ للزوجةِ أيضاً أنْ تُعاشرَ زوجَها بشهوةِ غيره، ولو أنَّ الزوجين نظرا إلى ما يثيرُ الرغبة ثم وقعتْ بينهما معاشرة ولكنَّهما دون أن يفكِّر أحدهما في غير صاحبه فهل ينطبقُ على هذا أيضاً عنوان المعاشرة بشهوة الغير؟

الجواب:

الوراد هو النهيُ عن معاشرةِ الزوجة بشهوة امرأةٍ رجلٍ آخر فقد رُوي عن النبيِّ (ص) أنَّه قال: "لا تُجامع امرأتَك بشهوة امرأةِ غيرك"(1).

ومعنى ذلك هو النهي عن تخيُّل امرأةٍ أجنبيَّة متزوِّجة أثناء المعاشرة للزوجة، ولا يبعد أنَّ النهي شامل لتخيُّل مطلق المرأة المعيَّنة وإنْ لم تكن متزوِّجة، وذلك لاستقراب أنَّ منشأ النهي هو أنَّ الاسترسال مع مثل هذا التخيُّل قد يُفضي إلى كراهةِ الزوجة أو يبدو منه ما يُوجبُ إهانتها أو أنَّ المنشأ هو أنَّ الاسترسال مع مثل هذا التخيُّل هو من حبائل الشيطان الذي قد يُفضي إلى الوقوع في المعصية، فلو كان أحد الاحتمالين هو منشأ النهي فحينئذٍ لا فرق بين كون المرأة المتخيَّلة متزوِّجة أو غير متزوِّجة.

ولو كان أحد الاحتمالين أو كلاهما هو منشأ النهي لكان من المُحتمل قريباً شمول النهي للمرأة وأنَّه يُكره لها أنْ تُعاشرَ زوجَها بشهوةِ رجل آخر.

نعم لو كان منشأُ النهي هو ما وردَ في الرواية من أنَّ مُعاشرةَ الزوجةِ بشهوة امرأةِ رجلٍ آخر يُوجبُ الخشيةَ على الولد المُتخلِّق من تلك المُعاشرة، حيثُ أفادتْ الروايةُ أنَّه قد يَنتِجُ عن هذه المُعاشرة ولدٌ مخبول، فلو كان ذلك هو منشأ النهي فحينئذٍ لا يُمكنْ التعدِّي من المورد المفروض في الرواية.

إلا أنَّه يمكن القول بأن هذه النتيجة وهي الخشية على الولد ليست هي ملاك النهي وإنَّما هي أثرُ الفعل المنهيِّ عنه، بمعنى أنَّ الرواية نهتْ عن هذا الفعل لملاكٍ اقتضى النهي ثم تصدَّت لبيان ما قد يترتَّب على هذا الفعل من أثرٍ سيء، فيكون مساقُها مساقُ القول "لا تشرب الخمر وإلا كنتَ مستحقَّاً للنار" فالاستحقاقُ للنار ليس هو ملاكَ النهيِ عن شربِ الخمر وإنَّما هو أثرٌ مترتِّب على فعل المنهيِّ عنه.

وأمَّا الفرضُ الأخير فهو أجنبيٌّ عن مفاد الرواية، فلو كان المنظور إليه لغرض الاستثارة شيئاً يحرمُ النظر إليه فهو حينئذٍ يكون مُحرَّماً، وأمَّا المعاشرة المتعقِّبة لذلك فلا تكونُ مورداً للنهي إذا فُرض إمكان قطعِ التخيُّل عمَّا تمَّ النظرُ إليه.

والحمد لله رب العالمين

الشيخ محمد صنقور


1- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج20 / ص252.