حكمُ العزلِ عن الزوجة
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد
المسألة:
ما هو حكمُ العزلِ عن الزوجةِ دون إذنِها؟
الجواب:
المشهورُ بين الفقهاء (رضوان الله تعالى عليهم) هو جوازُ العزل عن الحرَّة، نعم هو مكروهٌ ما لم ترضَ أو يَشترِط عليها حين العقد.
ويُستدلُّ للجواز برواياتٍ عديدة:
منها: معتبرة محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال: "لا بأسَ بالعزلِ عن المرأةِ الحرَّة إنْ أحبَّ صاحبُها وإنْ كرهت"(1).
ومنها: معتبرة أخرى لمحمد بن مسلم قال: قلتُ لأبي جعفر (ع): الرجل تكون تحته الحرَّة أيعزل عنها؟ قال (ع): "ذاك إليه إنْ شاء عزلَ وإنْ شاء لم يعزل"(2).
فمقتضى إطلاقِ مثل هاتين الروايتين هو جوازُ العزل بقطع النظر عن كون الزواج من الحرَّة دائماً أو منقطعاً وسواءً اشترط عليها ذلك في متنِ العقد أو لم يشترِط.
وأمَّا ما يُمكن أنْ يُستدلَّ به على الكراهةِ مع عدم الاشتراط فبمعُتبرة محمَّد بن مسلم عن أحدهما (ع) أنَّه سُئل عن العزلظ فقال (ع): "أمَّا الأمة فلا بأس، وأمَّا الحرَّة فإنِّي أكرهُ ذلك إلا أنْ يشترطَ عليها حين يتزوَّجُها"(3).
وكذلك ما ورد في معتبرةٍ أُخرى لمحمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال : ".. إلا أنْ ترضى أو يشترطَ عليها حين يتزوَّجُها"(4).
فمفهومُ هذه الرواية أنَّ الكراهة تنتفي بأحد أمرين، الأول: أنْ يكونَ العزلُ عن رضىً من الزوجة، والثاني: اشتراطُ الرجلُ حين العقد أنْ يكونَ له العزلُ متى شاء.
وأمَّا الدليل الذي اعتمدَه القائلون بحرمةِ العزل فعمدتُه ما رُويَ عن النبيِّ الكريم (ص) : أنَّه نهى أنْ يُعزل عن الحرَّة إلا بإذنِها(5) وما رُويَ عنه (ص) أنَّه قال: "العزلُ هو الوأدُ الخفي"(6).
إلا أنه لمَّا كان الخبران ضعيفي السند لذلك لا يصحُّ الاستناد إليهما في نفسيهما حتى مع عدم وجود المعارض، والأمرُ في سقوطِهما عن الاعتبار يكونُ أكثرَ وضوحاً بعد ما كان في مقابلِ هذين الخبرين رواياتٌ عديدة معتبرةٌ من حيثُ السند، على أنَّه يُمكن حملُ النهي في الخبر الأول على النهي الكراهتي، وذلك بقرينة الرواياتِ الأخرى التي هي صريحةٌ في الجواز، وكذلك لا بدَّ من رفع اليد عن ظهور الخبر الثاني في الحرمة وحملِه على إرادة المرجوحيَّة والكراهة.
والحمد لله رب العالمين
الشيخ محمد صنقور
1- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج20 / ص150.
2- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج20 / ص150.
3- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج20 / ص151.
4- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج20 / ص151.
5- مستدرك الوسائل -الميرزا النوري- ج14 / ص233.
6- السنن الكبرى -البيهقي- ج 7 ص 359.