الاطِّلاع على سطوح الجيران

 

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

 

المسألة:

ما حكمُ النظرِ إلى سطوحِ الجيران؟

 

الجواب:

ورد النهيُ عن ذلك في رواياتٍ مستفيضةٍ عن الرسول (ص) وأهل بيته (عليهم السلام):

 

منها: ما رواه الشيخ الصدوق بإسناده عن شعيب بن واقد عن الحسين بن زيد عن الصادق عن آبائه عن النبيِّ (ص): انَّه نهى أنْ يطَّلع الرجلُ في بيت جاره، وقال: "مَن نظَرَ إلى عورةِ أخيه المسلم أو عورةِ غيرِ أهله متعمِّداً أدخلَه اللهُ مع المنافقين الذين كانوا يبحثون عن عوراتِ الناس، ولم يخرج من الدنيا حتى يفضحَه اللهُ إلا أنْ يتوب"(1).

 

ومنها: ما رواه الصدوق أيضاً في ثواب الأعمال بسند إلى رسول الله (ص) قال: من اطَّلع في بيت جاره فنظرَ الى عورةِ رجلٍ أو شعرِ امراةٍ او شيءٍ من جسدِها كان حقَّاً على الله أنْ يُدخلَه النار مع المنافقين الذين كانوا يتَّبعون عورات النساء في الدنيا، ولا يخرجُ من الدنيا حتى يفضحَه الله، ويُبدي للناس عورتَه في الآخرة .."(2).

 

ومنها: ما رواه في الجعفريات بسنده إلى جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه قال رسولُ الله (ص): "ثلاث يُطفين نور العبد -إلى أن قال-: أو وضع بصره في الحجرات، من غير أنْ يُوذَن له"(3).

 

ومنها: ما رواه أيضاً بسنده إلى جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن عليٍّ (عليهم السلام)، قال: "قال رسولُ الله (ص): إنَّ الله عزَّ وجل كرِهَ لكم أشياء. العبث في الصلاة -إلى أنْ قال-: وإدخال الأعيُن في الدور بغير إذْن"(4).

 

وهناك رواياتٌ أُخرى عديدة أعرضنا عن ذكرها خشية الإطالة، ثم إنَّ منشأ النهي عن الاطَّلاع في الدور ظاهراً هو أنَّ في ذلك مظنَّةَ وقوع النظر على ما يحرمُ النظر إليه أو الاطَّلاع على ما يكرهُ صاحبُ الدار الاطَّلاع عليه من قِبل الآخرين، ولعلَّ من مناشئ النهي أيضاً هو أنَّه لو خشي أصحاب الدور من اطَّلاع الجيران على أحوالِهم وخصوصياتهم لكان ذلك مفضياً لتكلُّفِهم واحتشامهم في منازلهم، وهذا ما يُوقعُهم في الضيق والحرج ويسلبُ عنهم السكون والاستقرار والحال أنَّ المساكن إنَّما أُعدَّت لذلك، فالغرض من النهي المُفضي لالتزام المؤمنين كما هو المنتَظَر منهم بمقتضى تديُّنِهم هو استشعار الجيران للاستقرار والاطمئنان على أعراضِهم وخصوصياتِهم.

 

ثم إنَّ الحكم بكراهة الاطَّلاع في الدور مختصٌّ بما اذا لم يعلمْ أنَّ ذلك سيُفضي إلى وقوع نظرِه على ما يحرمُ النظرُ إليه والا كان الاطَّلاع محرَّماً، وكذلك هو محرَّمٌ لو كان قاصداً من اطَّلاعه في الدورِ النظرَ إلى ما يَحرمُ.

 

ويدلُّ على ذلك مثل معتبرة الحلبي، عن أبي عبدالله (ع) -في حديث- أيُّما رجلٍ إطَّلع على قوم في دارِهم لينظرَ الى عوراتِهم ففقوؤا عينَه أو جرحوه فلا ديةَ عليهم، وقال: مَن اعتدى فاعتُديَ عليه فلا قوَدَ له"(5).

 

فظاهرُ الرواية أنَّ غرضه من الاطَّلاع في الدار هو النظرُ إلى عورات أهلِها، وقد وصفت الرواية فِعلَه ذلك بالاعتداء، وأفادت أنَّ أهل الدار لو زجروه فأصابَه من ذلك جرحٌ فإنَّه لا ديةَ له عليهم.

 

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور


1- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج5 / ص335.

2- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج20 / ص194.

3- مستدرك الوسائل -الميرزا النوري- ج3 / ص465.

4- مستدرك الوسائل -الميرزا النوري- ج3 / ص465.

5- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج29 / ص59.