ركوبُ المرأة الخيل

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

 

المسألة:

هل يجوز للبنت أنْ تركبَ الخيل؟ وهل هناك حديثٌ يمنعُ أو يُجيز ذلك؟ وما هو رأيكم في هذا الموضوع؟

 

الجواب:

إذا كان الركوبُ في محضرِ الرجل الأجنبي، وكان منافياً للستر فهو محرَّمٌ، وأمّا إذا لم يكنْ في محضر الأجنبي ولم يكن منافياً للستر الواجب فهو مكروهٌ كراهةً شديدة، وذلك لورود رواياتٍ كثيرةٍ معبِّرة عن مبغوضيَّة صدور هذا الفعل من المرأة، وأنَّه من العلامات العامَّة التي تسبقُ ظهور الإمام المهدي (عج) حيث يتجاوزُ الناس حينذاك الكثير من حدود الله تعالى، وورد أنَّ ذلك من أشراطِ الساعة وعلائم القُرْب لقيامِها.

 

فمِن هذه الروايات ما رواه الكلينيُّ بسندٍ معتبرٍ عن ابنِ ابي عمير عن بعض أصحابِه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: "السرجُ مركبٌ ملعونٌ للنساء"(1).

 

والمراد من السرج في الرواية هو الخيل حيث يُسرجُ عليها عند الركوب على ظهرها، وكذلك البغل، وكلُّ دابةٍ يتمُّ الركوب على ظهرِها بالكيفيَّة المتعارفة عند وضع السرج على ظهرِها، وهي صيرورةُ فخذي الراكب على جانبي ظهرِ الدابَّةِ بما يُفضي إلى اِنفراج وسطِه على ظهرها أو على السرج الذي على ظهرِها، فركوبُ المرأة على هذه الهيئة ملعونٌ بحسب الرواية وهو تعبيرٌ عن مبغوضيَّة الركوب على هذه الهيئة أو على السرج المُستلزِمِ لهذه الهيئة.

 

ومن الروايات ما ورد في تفسير القمّي بسندٍ إلى رسول الله (ص) أنَّه قال: ".. إنَّ من أشراط القيامة إضاعةُ الصلوات واِتِّباعُ الشهوات .. ولتركبنَّ ذواتُ الفروجِ السروج، فعليهِنَّ من أمّتي لعنةُ الله .."(2). والمراد من ركوب ذواتِ الفروج السروج هو ركوبُ النساء على الخيل ومطلقِ الدوابِّ التي تُركبُ مسروجةً.

 

ومنها: ما ورد في كتاب الغيبة بسندٍ إلى محمَّد بن حمران قال: قال الصادق (ع): "القائم منَّا منصورٌ بالرُّعب..." إلى أنْ قيل: ".. يابنَ رسولِ الله متى يخرجُ قائمُكم؟ قال (ع): إذا تشبَّه الرّجالُ بالنّساء والنّساءُ بالرّجال .. وركِبَ ذواتُ الفُروج السُّروج، وقُبِلت شهادةُ الزور، ورُدَّت شهادةُ العدل، واستخفَّ النَّاسُ بالدّماء، وارتكابِ الزّنى، وأكْلِ الرّبا والرُّشا، واستيلاءُ الأشرار على الأبرار"(3).

 

ومنها: ما رُويَ عن أمير المؤمنين (ع) أنَّه قال: "احذروا الدنيا إذا أمات الناسُ الصلاةَ، وأضاعوا الأمانات .. ونُقضت العهودُ، وحزنت القلوبُ، واستحلَّوا المعازف، وشُربت الخمور .. وعلت الفروجُ السروجَ، وتشبهنَ بالرجال، فحينئذٍ عُدُّوا أنفسَكم في الموتي، ولا تغرَّنَّكم الحياة الدنيا"(4).

 

فهذه الرواياتُ ومثلُها ظاهرةٌ في المبغوضيَّة الشديدة لركوب المرأةِ الخيلَ وشبهها، ذلك لأنَّها واقعةٌ في سِياق التَعداد لممارساتٍ مذمومةٍ سوف تبتلي الأمةُ بإجتراحِها في آخر الزمان، ويظهرُ من لحْن هذه الروايات عظيمَ الحسرةِ في قلبِ رسول الله (ص) وأهلِ بيتِه (ع) من وقوع هذه الخصال في الأمَّة.

 

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور


1- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج11 / ص496.

2- تفسير القمي -علي بن إبراهيم القمي- ج2 / ص304.

3- مستدرك الوسائل -الميرزا النوري- ج12 / ص335.

4- بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج75 / ص23.