المسبوق في صلاة الجمعة

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

 

المسألة:

ما حكمُ مَن لم يُدرك الإمامَ في صلاة الجمعة إلا في الركعة الثانية هل يصحُّ له الالتحاقُ به؟ وكيف يُتمُّها جمعةً أو ظهراً؟

 

الجواب:

المسبوقُ في صلاة الجمعة يصحُّ له الالتحاقُ إذا أدرك الإمامَ قبل أنْ يركعَ للثانية ويتمُّها جمعةً أي أنَّه يقومُ فيأتي وحدَه بالثانية وتصحُّ منه صلاة جمعة، وقد دلَّت على ذلك العديدُ من الروايات الواردةِ عن أهلِ البيت (ع):

 

منها: صحيحة الْحَلَبِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّه (ع) عَمَّنْ لَمْ يُدْرِكِ الْخُطْبَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَالَ: يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، فَإِنْ فَاتَتْه الصَّلَاةُ فَلَمْ يُدْرِكْهَا فَلْيُصَلِّ أَرْبَعاً، وقَالَ: "إِذَا أَدْرَكْتَ الإِمَامَ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ الرَّكْعَةَ الأَخِيرَةَ فَقَدْ أَدْرَكْتَ الصَّلَاةَ، وإِنْ كُنْتَ أَدْرَكْتَه بَعْدَ مَا رَكَعَ فَهِيَ الظُّهْرُ أَرْبَعٌ"(1).

 

ومنها: صحيحة عبدالرحمن العرزمي عن أبي عبد الله (ع) قال: "إذا أدركتَ الإمامَ يومَ الجمعةِ وقد سبَقكَ بركعةٍ فأضفْ إليها ركعةً أخرى وأجهرْ فيها"(2)

 

ومنها: صحيحة الفضل بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (ع): قال: "إذا أدرك الرجلُ ركعةً فقد أدركَ الجمعة، وإنْ فاتَتْه فليصلِّ أربعاً"(3).

 

فمثلُ هذه الروايات صريحةٌ في صحَّةِ صلاةِ المسبوقِ في صلاة الجمعة إذا كان قد أدرك منها ركعةً مع الإمام، ولذلك لم يقعْ خلافٌ في هذا المقدار، إنَّما الخلافُ في أنَّه لو أدرك الإمامَ وقد ركع للثانية قبل أنْ يرفع رأسَه منها، هل يصحُّ له أنْ يلتحقَ بالإمام وتصحُّ منه الجمعة أو لا؟

 

مقتضى صحيحة الحلبي هو أنَّه لا يصحُّ للمسبوق الالتحاقُ إلا في فرض إدراكِ الإمام قبل أنْ يركع، فإنَّ ذلك هو ظاهر قوله (ع): "إِذَا أَدْرَكْتَ الإِمَامَ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ الرَّكْعَةَ الأَخِيرَةَ فَقَدْ أَدْرَكْتَ الصَّلَاةَ"(4)، وأمَّا الصحيحة الثانيةُ والثالثةُ فهما مطلقتان من جهة هذا الفرض، ومقتضى الإطلاق فيهما هو كفايةُ إدراكِ الإمام قبل أنْ يرفعَ رأسه من الركوع كما هو الشأن في صلاة الجماعة، فإنَّ من أدرك الإمامَ فيها قبل أنْ يرفع رأسَه من الركوع فقد أدرك ركعةً مع الإمام.

 

ومقتضى الجمع بين صحيحة الحلبي والصحيحتين هو حملُ الإطلاق في مثل قوله (ع): "إذا أدرك الرجلُ ركعةً فقد أدركَ الجمعة" على إرادة إدراك الإمام قبل أنْ يركع، فمعنى: "إذا أدرك الرجلُ ركعةً" هو إدراك الإمام قبل الركوع، ولهذا لا يكونُ المُدرِك للإمام وهو في ركوع الثانية مُدرِكاً لركعةٍ في صلاة الجمعة بمقتضى الجمع بين الصحيحتين وبين صحيحة الحلبي التي هي أخصُّ مطلقاً من الصحيحتين.

 

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور


1- الكافي -الشيخ الكليني- ج3 / ص427.

2- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج6 / ص161.

3- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج7 / ص345.

4- الكافي -الشيخ الكليني- ج3 / ص427.