حذف الياء من اسم إبراهيم في خصوص سورة البقرة

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

المسألة:

ورد في مصحف المدينة المنوَّرة اسم النبيِّ ابراهيم (ع) في سورة البقرة فقط بالكسرة تحت الهاء دون ياء، أمَّا في باقي السور فقد كُتب بالياء بعد الهاء. فلماذا الاختلاف في الكتابة؟

الجواب:

إنَّ اسم إبراهيم يُقرأ على ستة أوجُه:

الاول: إبراهيم بالياء، وهذه هي القراءه المتعارفة.

الثاني: إبراهُم بحذف الياء وضم الهاء.

الثالث: إبراهَم بحذف الياء وفتح الهاء.

الرابع: إبراهِم بحذف الياء وكسر الهاء.

الخامس: إبراهام بإضافةِ الألف بعد الهاء، وهذا يقتضي أن تكون الهاء مفتوحة.

السادس: إبرهم بحذف الألف بعد الراء والياء التى بعد الهاء.

ثم إنَّ اسم إبراهيمَ ورد في سورة البقرة خمس عشرة مرَّة، وورد في باقي السور أربعاً وخمسين مرَّة، فيكون المجموعُ تسعاً وستين مرَّة، اختلف القرَّاء في ثلاثة وثلاثين موضعاً، منها الخمسة عشر مرَّة الواردة في سورة البقرة، فإنَّ فيها جميعاً اختلافاً في القراءة، والباقي من الثلاثة والثلاثين موزَّعة على باقي السور.

ثم إنَّ ما عدا الثلاثة والثلاثين أتَّفق القرَّاء على قراءتِها بالياء، وأمَّا في الثلاثة والثلاثين فقرأها هشامُ عن بن عامر الدمشقي بألفين أي مع حذف الياء هكذا "إبراهام" واتَّفق معه في المواضعَ من سورة البقرة الراوي الآخر لقراءة ابن عامر وهو ابنُ ذكوان، حيث قرأها في جميع المواضع من سورة البقرة بألفين أو قرأها بالوجهين، بالياء كما عليه المشهور وبألفين كما قرأها هشام.

فالمقدارُ الذي اتَّفق فيه كلٌّ من هشام وابنِ ذكوان هي الخمسة عشر المذكورة في سورة البقرة حيث إنَّ كلاً منهما قرأها بألفين مع حذف الياء، لذلك رُسمتْ "إبراهيم" بحذف الياء في سورة البقرة للإشارة إلى وجود أكثر من قراءةٍ فيها، وأمَّا باقي الثلاثة والثلاثين موضعاً فلأنَّ هشام قد تفرَّد بخلاف المشهور في قراءتِها، لذلك لم تُراعَ قراءتُه في الرسم. وأمَّا باقي الوجوه في قراءة إبراهيم فهي شاذَّة، لذلك لم تُراعَ في الرسم كما قيل.

والمتحصَّل إنَّ منشأ حذف الياء من اسم إبراهيم في مواضعِ ذِكْره من سورة البقرة هو التنبيهُ والإشارةُ إلى وجود اختلاف في قراءة هذا الإسم، وأمَّا إثباتُها في باقي المواضع من القرآن فلأنَّ المشهور هو قراءتُه بالياء، وأمَّا مَن قرأ -وهو هشام- بالألف بعد الهاء في بقية الثلاتة والثلاثين موضعاً فقد تفرَّد بذلك، ولهذا لم تُراعَ قراءتُه في الرسم.

وأمَّا لماذا كُسرت الهاء في إبراهيم في مواضعِ ذكْرهِ من سورة البقرة فهو للإشارة إلى القراءة المشهورة ولم تُثبت الياء ليتنبَّه القارىء إلى قراءة كلٍّ من هشام وابن ذكوان المرويَّة عن ابن عامر.

وأمَّا حذفُ الألف التى بعد الراء فذلك ما عليه الرسمُ القرآني في جميع المصاحف.

ثم إنَّ كلمة إبراهيم كُتبت محذوفةَ الياء في مواضع ذِكْرها من سورة البقرة في المصحف الشامي والكوفي والبصري، وأمَّا في الرسم المدني والمكِّي والمصحف الامام فالياءُ من كلمة إبراهيم ليست محذوفةً حتى في مواضع ذكْرها من سورة البقرة، وكذلك هي ليست محذوفة في بقيَّة المصاحف ماعدا المصاحف المذكورة، نعم رُسمتْ كلمة إبراهيم في المصحف المُتداول المراعَى فيه قراءة حفص رُسمت بحذف الياء كما عليه المصاحف الشاميَّة والعراقية.

والحمد لله ربِّ العالمين

 

الشيخ محمد صنقور