النزعة الذكوريَّة في النصِّ الديني (الحلقة الأولى)

يرى بعضُ الكتاب أنَّ النصَّ الديني عندما يتصدَّى للحديث عن قضايا تتعلَّق بالمرأة أو عن صفاتها ومكونات شخصيتها أو عن حقوقها وواجباتها فإنَّه يتصدى للحديث عن كل ذلك على أساس نزعة ذكوريَّة، فكأنَّما الخطاب الديني ينزع عن رجل، وكأنَّما المرأة في الطرف المقابل والمتحدِّث عنها رجل معجب بجنسه وبملكاته، وهذا ما يبرِّر محاباة النصِّ الديني للرجل وتصنيف المرأة في سياق دوني من موقع الرجل.

 

فهي من حيث الحقوق أقلُّ حظاً من الرجل، ومن حيث المكونات الشخصية ناقصة عقلٍ ودين، وعندما يتصدَّى النصُّ الديني لبيان الصفات التي ينبغي أن تكون عليها المرأة المثالية تجد كل تلك الصفات تنحو نحو القبول بواقع الضعف والدونية، فالمرأة المثالية هي المطيعة لزوجها والراضية بقدرها والتي لا تدَّخر جهداً في توفير الراحة والمتعة لزوجها والتي تشقى من أجل إسعاد زوجها وقضاء حوائجه وتربية أطفاله.

 

وأمَّا حينما يتصدَّى النصُّ الديني لوعظ الرجل وتهذيبه وتربيته فإنَّه يحذره من فتنة المرأة، وذلك لأنَّها شيطان وذات كيدٍ وفتنة، وهي في ذات الوقت عورة يجب سترها وحبسها حتى لا يبدو منها شيء يُسيء للرجل ويخدش في كرامته، ثم أنَّه يضعها في مصاف المكاسب التي مُنحت للرجل، فهي زينة وريحانة وحرث ومتعة، وهي كالقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسوَّمة والأنعام.

 

هذا إجمال ما ذكره بعض الكتاب، ولعمري ما وجدتُ رأياً في الدين فيما يتَّصل بالمرأة أشدَّ جناية من هذا الرأي، فهو يُعبر عن سليقة سوداوية قاتمة تحكي عقداً مستحكمة في النفس، إلا إنَّه ورغم ذلك سنجيب عن كلِّ ما ورد في هذا البيان.

 

أمَّا الحقوق التي زعموا أنَّ حظَّ المرأة منها أقل من حظِّ الرجل فقد ذكروا القيمومة والشهادة، إذ أنَّ شهادة امرأتين تعادل شهادة رجل واحد، والميراث حيث أن للرجل منه مثل حظ الأنثيين، والدية، إذ أنَّ للمرأة المجني عليها نصف دية الرجل، والطلاق حيث هو حقٌّ للزوج دون الزوجة، والولاية حيث هي على البنت البكر دون الولد.

 

وقد أوضحنا واقع الحال فيما يتصل بجميع هذه الحقوق وأفردنا لكل واحدٍ منها بحثاً مستقلاً وأجبنا عن جميع ما يُثار من إشكالات حول هذه الحقوق، فلا حاجة للإعادة.

 

المُكوِّنات الذاتيَّة للمرأة

وأما فيما يتصل بالمكونات الشخصية للمرأة فقد أكدت الآيات والروايات إنَّ ما للرجل من ملكات ومكونات ذاتية فهي للمرأة على حدٍ سواء، وذلك بحكم إنسانيتها، حيث لم تفرق الآيات والروايات بين الرجل والمرأة من حيث واجديتهما للملكات الإنسانية، وقد أثبتنا في بحث القيمومة أنَّ عنوان الإنسان عندما يستعمل في الخطاب الديني يراد منه كلاً من الرجل والمرأة سواءً بسواء، ومعنى ذلك أنَّ المكونات الذاتية التي وصف النصُّ الديني الإنسان بها ثابتة بنظر الشريعة لكلٍّ منهما، وهنا نشير إلى بعض الآيات لتأكيد ما ذكرناه:

 

1- ﴿عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾(1).

2- ﴿بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ﴾(2).

 

3- ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ﴾(3).

4- ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيم﴾(4).

 

5- ﴿خَلَقَ الْإِنسَانَ / عَلَّمَهُ الْبَيَانَ﴾(5).

6- ﴿وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى﴾(6).

 

7- ﴿أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ﴾(7).

8- ﴿خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ﴾(8).

 

9- ﴿يُنَبَّأُ الْإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ﴾(9).

10- ﴿فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ﴾(10).

 

هذه بعض الآيات التي وردت في القرآن الكريم، وهي تُعبِّر عن أنَّ المكونات الذاتيَّة للمرأة في النصِّ الديني لا تختلف عن المكوِّنات الذاتيَّة للرجل.

 

فأهليَّة التعلم والبصيرة والقدرة على النظر والتأمل والحرص والعجلة والعناد والمجادلة عن الذات والرؤى كلها مكونات وملكات مشتركة، كما أنَّ كيفية الخلق ومكوناته وحسن القوام أمور مشتركة أيضاً، على أنَّ المصير الذي ينتظرهما واحد والمسئوليات المناطة بهما واحدة وآثار العمل والسعي والكدح في الدنيا والآخرة متكافئة، غايته أنَّ بعض الملكات والمسئوليات متفاوتة إلا إنَّها لم تكن لترقى لمستوى التكوين الإنساني، وإنَّما هي اختلافات اقتضتها طبيعة التكوين الجنسي عند الذكر والأنثى.

 

النساءُ ناقصاتُ عقلٍ ودين

بعد كلِّ ذلك لا يسعُ المنصف اتِّهام النصِّ الديني بالنزعة الذكوريَّة. وأمَّا ما ورد في بعض الروايات من أنَّ النساء ناقصاتُ عقلٍ ودين فقد أوضحنا المراد من الفقرة الأولى في بحث مستقل، وأمَّا الفقرة الثانية فبعد قطع النظر عن صحَّة السند وضعفه فإنَّ الرواية أشارت إلى منشأ وصف المرأة بالنقص في الدين وأنَّه الابتلاء بحدث الحيض المانع للمرأة عن أداء الصلاة والصوم، فالرواية هنا ليست بصدد الانتقاص من إنسانيَّة المرأة وإنَّما هي بصدد بيان أنَّ المسئوليَّة الدينيَّة للمرأة أقلُّ من المسئولية الدينيَّة المناطة بالرجل، فالرجلُ مسئول عن أداء الصلاة على أيِّ حال، وأمَّا المرأة فليست مسئولة عن الصلاة في ظرف ابتلائها بحدث الحيض.

 

ولعلَّ الرواية تُشير إلى موردٍ من الموارد التي أُعفيت فيها المرأة عن المسئولية الدينية و إلا فثمة موارد أخرى أُعفيت فيها المرأة عن بعض الواجبات والمسئوليات الدينية مثل الجهاد الابتدائي وحماية الثغور والنفقة وصلاة الجمعة والعيدين، وذلك هو ما يبرِّر وصف المرأة بالنقص في الدين والذي يعني أنَّها أقلُّ مسئولية من الرجل من جهة الواجبات الدينية، وهذا لا يُعبِّر عن أنَّ الرجل أكثر حظوةً وقرباً من الله عز وجل، إذ أنَّ ملاك القرب هو التقوى، فالأكثر قرباً وكرامة عند الله عزَّ وجل هو الأتقى كما صرَّحت بذلك الآية الشريفة ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾(11).

 

والمتحصَّل أنَّ وصف المرأة بالنقص في الدين لا يعني أكثر من نقص المسئوليَّات الدينيَّة المُناطة بالرجل، وذلك لم ينشأ جزافاً أو محاباة للرجل وإنَّما نشأ عن تفاوت في الخلق والتكوين.

 

المرأة المثاليَّة في الخطاب الديني

أمَّا دعوى أنَّ المرأة المثالية في الخطاب الديني هي تلك التي تـرضى بواقع الضعف والدونيَّة وتستفرغ وسعها في سبيل إرضـاء زوجها، فهي دعوى مجافية للحقيقة.

 

فعلاوة على أنَّ الدونية أمرٌ لا يُقرُّه الإسلام ولا يرتضيه لأحد ، فقد صرَّح رسول الله (ص)(12) أنَّ الناس سواسية كأسنان المشط، وأنَّه لا فضل لأحدٍ على أحد إلا بالتقوى، وأنَّ أكرمهم عند الله أتقاهم كما في الآية الشريفة(13)، وأنَّ المؤمنين أخوة كما في آية أخرى، وأنَّ للمؤمن أنْ يفعل بنفسه ما يشاء إلا أنْ يُذلَّ نفسه كما ورد عن الإمام الصادق (ع)(14).

 

فعلاوة على كلِّ ذلك يُمكن إيضاح زيف هذه الدعوى من خلال استعراض الآيات التي تصدَّت للحديث عن صفات النساء المثاليات، إذ بملاحظتها يتبيَّن أنَّ المرأة المثالية في الخطاب الديني هي الواجدة لصفات لو توفَّر عليها الرجل لكان رجلاً مثالياً، فالصفات التي تتأهَّل معها المرأة لأنْ تكون مثاليَّة هي عينها الصفات التي تُؤهل الرجل لوصف المثالية.

 

فمثلاً قوله تعالى: ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾(15).

 

هذه الآية المباركة تُوضح وبكلِّ جلاء أنَّ المرأة المثالية هي مَن تكون في موقع الرضى الإلهي، وذلك المقام السامي تتأهَّل له المرأة عندما تكون واجدة لمجموعة من الصفات ذكرتها الآية الشريفة، وهي الإسلام والإيمان والقنوت لله عز وجل والصبر على النائبات والخشوع والتصدُّق والحفظ للفرج، والذكر الكثير لله عزَّ وجل.

 

وعين هذه الصفات تُؤهِّل الرجل لتسلُّم المقام السامي كما هو واضح من الآية الشريفة بلا أدنى خفاء بل إنَّ هذه الصفات هي عينها التي أمتدح اللهُ بها أنبياءه وكان لهم مقام النبوَّة نظراً لاشتمالهم على أعلى درجات هذه الصفات.

 

فإبراهيم وهو شيخ الأنبياء وصفه القرآن بأنَّه أُمَّةٌ في رجل، وأشار إلى منشأ اتِّصافه بذلك وأنَّه كان قانتاً مؤمناً ولم يكن من المشركين قال تعالى: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾(16).

 

وأيوب وهو أحد أنبياء الله عزَّ وجل أمتدحه القرآن بواحدة من الصفات الموجبة لتأهُّل الإنسان لمقام النبوَّة، وهي الصبر، قال تعالى: ﴿إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾(17)، وقد أمر الله عزَّ وجل نبيَّه (ص) باقتفاء سيرة الأنبياء الذين صبروا على ما أصابهم فبلغوا بذلك أعلى مدارج الكمال وهو مقام أولي العزم والذي هي أعلى مرتبة لمقام النبوَّة، قال الله تعالى: ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ﴾(18).

 

وبذلك يتبين أنَّ المرأة المثالية في الخطاب الديني هي تلك التي تتحلَّى بصفات الأنبياء من الإيمان والقنوت والصبر.

 

هذا وقد ضرب اللهُ عزَّ وجل مثلاً أعلى للذين آمنوا (الذكور والإناث) وهما امرأة فرعون والسيِّدة مريم، فرغم أنَّهما امرأتان إلا أنَّ ذلك لم يحُلْ دون اعتبارهما نموذجين ومثلين يُحتذى بهما.

 

فالأولى تمرَّدت على طغيان زوجها ولم يُرهبْها جبروتُه، ولم تُقعدها سطوتُه عن أنْ تقول كلمة الحقِّ محتسبةً صابرةً راجيةً لثواب الله عزَّ وجل، فما غفلت عمَّا أعدَّه اللهُ للصالحين من عباده، وما أغشى بصرها ما هي عليه من نعيم حيث أدركتْ ببصيرتها أنَّ نعيم الدنيا زائل وأنَّ ما ينتظرها من نعيم الله عزَّ وجل دائمٌ لا يزول.

 

وأما الثانية فكانت من القانتات الطائعات المصدِّقات بكلمات الله عزَّ وجل والمُذعِنات لأوامره ونواهيه الحافظات لفروجهن، وذلك ما أهَّلها لمقام الصدِّيقين، حيث وصفها القرآن الكريم بقوله: ﴿وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ﴾(19) فصيرها بذلك في مصافِّ الأنبياء والشهداء والصالحين، قال الله تعالى: ﴿فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا﴾(20)، وقال اللهُ تعالى في موضع آخر: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا﴾(21).

 

فالسيِّدة آسيا زوجة فرعون والسيِّدة مريم ابنة عمران هما نموذج المرأة المثاليَّة في الخطاب الديني، قال الله تعالى:﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ﴾ (22).

 

الزوجة المثاليَّة في الخطاب الديني:

هذا ما يرتبط بالمرأة المثاليَّة في الخطاب الديني، وأمَّا الزوجة المثاليَّة في الخطاب الديني فيمكن التعرُّف عليها من ملاحظة الآية الخامسة من سورة التحريم حيث أفادت أنَّ خير زوجة هي المسلمة المؤمنة القانتة التائبة العابدة السائحة، فحتى لو كانت ثيباً فإنَّها خير من بكرٍ ليست واجدةً لهذه الصفات، قال الله تعالى: ﴿عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا﴾(23).

 

وتلاحظون أنَّ هذه الصفات هي عينُها التي وصف اللهُ عزَّوجل بها النساء المثاليَّات في الآية الخامسة والثلاثين من سورة الأحزاب، وهي عينُها التي وصف اللهُ عزَّوجل بها الرجل المثالي في نفس الآية المذكورة وهي عينُها الأوصاف التي بلغ بها الأنبياء مقام النبوَّة.

 

وأمَّا ما ورد من الحثِّ على حُسن التبعُّل وأنَّ الزوجة الصالحة هي مَن تسعى لإرضاء زوجها والتودُّد له ومؤانسته وإشباع رغبته فذلك لا يُعبِّر عن الدونية إلا حينما تنحرف السليقة، إذ أنَّ ذلك ينسجم مع طبيعة الزوجة بل ومطلق المرأة، إذ ترغب كلُّ امرأة في التغنج والمؤانسة وإبراز مفاتنها والظهور بمظهر الحُسن والجمال، ولا ترى في ذلك إساءة لكبريائها بل هو تعبير بنظرها عن أنوثتها التي تعتزُّ بها وتسعى من أجل أبراز معالمها، فهي تحرصُ على نعومة ملمسها ورشاقة جسدها ونضارة وجهها وترى أنَّ أشدَّ إساءة يمكن أنْ تُصادفها هو أنْ يصفها أحد بالقبح.

 

على أنَّ الخطاب بحُسن التبعُّل يُقابله خطابٌ آخر للرجل بحُسن العشرة، فقد ورد عن الرسول الكريم (ص) أنَّه قال: "أكملُ المؤمنين إيماناً أحسنُهم خُلقاً"(24)، وورد عنه (ص) "شرُّ الناس المُضيِّق على أهلِه"(25)، وورد عنه (ص): "خدمتُك زوجتَك صدقة"(26)، كما ورد عن الرسول (ص) أنَّه قال: "خيرُكم خيرُكم لأهلِه وأنا خيرُكم لأهلي"(27)، وقال (ص): "خيارُكم خيارُكم لنسائه"(28).

 

من كتاب: مقالات حول حقوق المرأة

الشيخ محمد صنقور


1- سورة العلق / 5.

2- سورة القيامة / 14.

3- سورة الانشقاق / 6.

4- سورة التين / 4.

5- سورة الرحمن / 3-4.

6- سورة النجم / 39.

7- سورة يس / 77.

8- سورة الأنبياء / 37.

9- سورة القيامة / 13.

10- سورة الطارق / 5.

11- سورة الحجرات / 13.

12- المبسوط لشمس الدين للسرخسي ج5 / ص23.

13- سورة الحجرات / 13.

14- الوسائل 157:16 ب12 من أبواب الأمر والنهي ح2 (21233).

15- سورة الأحزاب / 35.

16- سورة النحل / 120.

17- سورة ص / 44.

18- سورة الأحقاف / 35.

19- سورة المائدة / 75.

20- سورة النساء / 69.

21- سورة مريم / 41.

22- سورة التحريم / 12-11.

23- سورة التحريم / 5.

24- الوسائل 156:12 ب104 من أبواب أحكام العشرة ح34 (15937).

25- كنز العمّال للمتقي الهندي ج16 / ص375 / حديث 44972.

26- كنز العمّال للمتقي الهندي ج16 / ص408 / حديث 45138.

27- الوسائل 156:12 ب104 من أبواب أحكام العشرة ح34 (15937).

28- مستدرك سفينة البحار 237:3.