قضية تزويج القاسم (ع) في كربلاء

السؤال:

تعدُّ رواية تزويج الحسين (ع) للقاسم (ع) من إبنته سكينة محط جدل، ماهو رأيكم في هذه الرواية؟ وما هو تعليقكم على إحيائها وسردها على المنبر وفي العزاء؟

الجواب:

قضية تزويج القاسم بن الحسن (ع) يوم عاشوراء في كربلاء ليست مورد جدلٍ عند العلماء، فهي ليست ثابتة عند أحدٍ منهم، إذ لم يرد ذكرها في شيءٍ من مصادرنا المعتبرة ولو في الجملة.

نعم تفرَّد كتاب المنتخب المنسوب لفخر الدين الطريحي (رحمه الله) بنقل روايةٍ مفادها -ونقلها قبله الملا حسين الكاشفي بالفارسية في روضة الشهداء- أنَّ الحسين (ع) عقد للقاسم على إبنةٍ له لم يسمِّها إلا انَّه لم يذكر سنده إليها، فهي ضعيفة نظراً لكونها مرسَلة هذا مضافا إلى انَّه لم يذكر مصدره للرواية، والفاصلة بينه وبين واقعة الطف تزيد على الألف عام، فليس من وسيلةٍ للتثبُّت من صدور الرواية، على انَّ من غير المحرَز إنتساب كلِّ ما هو مكتوب في كتاب المنتخب للشيخ الطريحي رحمه الله، فلا يبعد انَّه قد أُضيف عليه ما ليس منه كما احتمل ذلك بل جزم به بعض المحقِّقين.

ولو ثبت أنَّ المذكور في كتاب المنتخب مُنتَسِبٌ واقعاً لفخر الدين الطريحي فإنَّ ذلك لا ينفي الضعف عن الرواية المذكورة بعد أنْ لم يذكر لها سنداً بل ولا مصدراً، وبعد عدم قيام القرائن الموجبة للوثوق أو حتى الظن بوقوعها.

فالرواية ساقطة عن الإعتبار سنداً بل لا يخلو متنها من وهن، فلا ينبغي تناولها في مجالس العزاء حرصاً على المصداقية.

وأما ما يذكره بعض الإخوة الخطباء في مقام الاستدلال على ثبوت الرواية فهو في غالبه من الحديث عن الإمكان، والإمكان ليس مورداً للإشكال إلا انَّه لا يُنتج الإثبات للصدور، أذ أنَّ الذي يُثبت الوثوق بصدور الرواية هو إما سلامة سندها أو اكتنافها بقرائن موجبة للوثوق بالصدور، وكلُّ ذلك غير متاح، فالرواية مرسَلةٌ بل هي من أضعف ما تكون عليه المراسيل نظراً لخلوها أساسأ من السند هذا مضافاً إلى انَّه قد تفرَّد بنقلها مَن تفصله عن واقعة الطف فاصلةٌ زمنيَّة تربو على الألف عام، وليس في النصوص الحديثيَّة أو التأريخية ما يُشعر بوقوع ما اشتملت عليه الرواية من مضامين، وليس ثمة من موانع تقتضي عدم نقلها لو كانت قد وقعت بل الدواعي مقتضيه لنقل مثلها، وقد نُقلت من الأحداث ما هو أقل شأناً منها، هذا مع قطع النظر عن غرابة بعض مضامين الرواية التي يحتاج الاستئناس بها ورفع الاستيحاش عنها إلى توجيهٍ لا يخلو من تكلُّف.

والحمد لله رب العالمين

الشيخ محمد صنقور