هل خرج السهمُ بثلثي قلبِ الحسين (ع)؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

 

المسألة:

كيف يقول الخطباء إنَّ السهم المثلث أخرج ثلثي قلب الحسين (ع) ومع ذلك لم يمت إلا بعد فترة مع أنَّ الطب اليوم أثبت أنَّه بمجرَّد توقُّف القلب يموت الإنسان؟

 

الجواب:

لم نجد في النصوص التأريخيَّة ولا فيما ورد عن أهل البيت (ع) بعد التتبع أنَّ السهم المثلث الذي وقع في صدر الحسين (ع) قُبيل مقتله قد خرَجَ حين أُخرج بثلثي قلب الحسين (ع) أو حتى بشيءٍ من قلبه، والوارد في بعض هذه النصوص أنَّ سهماً محدَّداً مسموماً له ثلاث شُعَب كان قد أصاب صدر الحسين (ع) فانبعث الدم كالميزاب فضعف (روحي فداه) حينذاك عن القتال، وورد في نصوصٍ أُخرى أنَّ السهم المثلث أصاب قلبه الشريف دون أنْ ينصَّ شيءٌ منها على أنَّ السهم خرج بشيءٍ من قلبِ الحسين (ع)(1).

 

ثم إنَّ من نصَّ من المؤرِّخين على أنَّ السهم قد أصاب قلب الحسين (ع) إنَّما أراد من ذلك اصابته لجهة القلب، ولم يكن مراده من ذلك اصابته لذات القلب، وذلك بقرينة أنَّ كلَّ مَن نصَّ على ذلك ذكرَ أحداثاً وخطاباتٍ للإمام الحسين (ع) صدرت عنه بعد اصابته بالسهم المشؤوم، وذلك يسترعي وقتاً ليس بالقصير نسبياً، وهو ما يكشفُ عن أنَّ مرادهم من اصابة السهم لقلب الحسين (ع) هو اصابته لجهة قلبه الشريف وليس لذات القلب وإلا لَما بقيَ بعد الإصابة كلَّ تلك المدَّة.

 

ولهذا فمَن عبَّر عن موضع الاصابة بالصدر كان أكثر دقةً ممَّن ذكر أنَّ السهم كان قد وقع في القلب لكنَّ هذا التعبير غيرُ ضائرٍ بعد أنْ كان المراد منه -ظاهراً- أنَّ الإصابة كانت في جهة القلب، ولو كان مرادهم اصابته لذات القلب لما كان ذلك مقبولاً لاستلزامه الموت الفوري، وهو ما يُنافي العديد من النصوص التي أفادت أنَّه بقيَ بعد تلك الإصابة مدَّةً لم تكن يسيرة نسبياً.

 

وعليه فإذا كانت الإصابة في الصدر وقد تمَّ اخراج السهم من القفا -كما ذكر البعض(2)- فإنَّ مِن المحتمَل قريباً أنْ يكون شيءٌ من أحشائه قد خرج مع السهم المشؤوم لكنَّ أحداً لم ينصَّ على ذلك كما أنَّ المحرَز بمقتضى النصوص أنَّه لو كان قد خرج شيءٌ مع السهم فإنَّ ذلك الشيء لن يكون جزءً من القلب لاستلزامه الموت الفوري والذي لم يقع بمقتضى العديد من النصوص التي تحدَّثت عن وقائعَ لا يُمكن القبول بوقوعها إلا مع البناء على أنَّ السهم المشؤوم لم يكن قد أصاب قلب الحسين (ع) وإنَّما أصاب جهة القلب الشريف. 

 

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور


1- لاحظ: مقتل الحسين -الخوارزمي- ج2 / ص39، اللهوف -ابن طاووس- ص71، مثير الأحزان -ابن نما الحلِّي- ص55، مناقب آل أبي طالب -ابن شهراشوب- ج3 / ص258.

2- مقتل الحسين -الخوارزمي- ج2 / ص39، مثير الأحزان -ابن نما الحلِّي- ص55 .