سترُ القدمين أمام الناظر الأجنبي

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

المسألة:

ذكر أحدُ الفقهاء (حفظه الله) أنَّ الأحوط وجوباً ستر القدم للمرأة في حين أنَّ كثيراً من الأعلام ذهبوا إلى وجوب الستر واستثناء الوجه والكفين على خلاف فيهما. فهل المدرَك هو جريان الأصل بعد عدم الدليل والاحتياط في مقام الفتوى، أو التمسك بالسيرة المدعاة على عدم اللزوم كما عن بعضهم والاحتياط في مقام الفتوى.

الجواب:

لا وجهَ للتمسُّك بأصل البراءة بعد إطلاق الأدلَّة المقتضية لوجوب ستر المرأة لتمام بدنها واقتصار الاستثناء فيها على الوجه والكفَّين، فالمتعيَّن هو الإفتاء بوجوب ستر القدمين عن الناظر الأجنبي، فالاحتياطُ لا وجهَ له إلا في فرض القبول بدعوى السيرة المؤيَّدة باستبعاد الفرق بين ما يجوز كشفه أمام الناظر الأجنبي وما يجوز كشفه في الصلاة، فإنَّ جواز كشفَ القدمين للمرأة في الصلاة مشعرٌ بخروج القدمين عن اطلاق ما يجبُ سترُه على المرأة، هذا مضافاً إلى ما ورد في مرسلة مَرْوَكِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (ع) قَالَ: قُلْتُ لَه: مَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَرَى مِنَ الْمَرْأَةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَحْرَماً قَالَ: "الْوَجْهُ والْكَفَّانِ والْقَدَمَانِ"(1) فلعلَّ ذلك هو الوجهُ في عدم الجزم بوجوب ستر المرأةِ لقدميها عن الناظر الأجنبي.

لكنَّ هذا الوجه لا يتمُّ، وذلك لوضوح عدم ثبوت دعوى السيرة، ولأنَّ جواز كشف القدمين في الصلاة لم ينشأ عن استثناء ذلك ممَّا يجب ستره على المرأة بل نشأ عن عدم شمول أدلَّة ما يُعتبر سترُه في الصلاة للقدمين، وهذا بخلاف حكم التستُّر عن الناظر الأجنبي فإنَّ اطلاق وجوب ستر المرأة لتمام بدنها يشملُ القدمين ابتداءً ولا دليل على خروجهما عن مقتضى الإطلاق سوى مرسلة مروك وهي فاقدة للحجيَّة نظراً لإرسالها.

والحمد لله رب العالمين

الشيخ محمد صنقور

 


1- الكافي -الكليني- ج5 / ص521، وسائل الشّيعة -الحر العاملي- ج20 / ص201.