لا يُقتصُّ مِن الأب بقتل ابنِه
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد
المسألة:
لماذا لم يحكم الشرع باستحقاق الأب للقصاص إذا قتلَ ولده متعمِّدًا؟
الجواب:
لا يُقتص من الأب بقتل ابنِه وإنَّما تلزمُه الدية ويكون مستحقًّا للتعزير والعقوبة بما يَراه الحاكمُ مناسبًا.
وأمَّا لماذا لا يُقتصُّ من الأب بقتل ولدِه فذلك للرواياتِ المعتبرة الواردة عن أهل البيت (ع):
منها: معتبرة حمران عن أحدِهما (ع) قال: "لا يُقاد الوالد بولدِه، ويُقتل الولدُ إذا قتَل والدَه عمدًا"(1).
ومنها: معتبرة الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال: سألتُه عن الرجل يقتلُ ابنَه أيقُتل به؟، قال (ع): "لا"(2).
ومنها: معتبرة إسحاق بن عمَّار عن جعفرٍ (ع) عن أبيه (ع) قال "إنَّ عليًّا (ع) كان يقول: لا يُقتلُ والدٌ بولدِه إذا قتلَه"(3).
ومنها: ما رُوي عن جابر الجعفي عن أبي جعفرٍ (ع) في الرجلِ يقتلُ ابنَه أو عبدَه قال (ع): "لا يُقتلُ به ولكن يُضربُ ضربًا شديدًا ويُنفى عن مسقط رأسِه"(4).
ولعلَّ الحكمة من ذلك هو ما للأب على ابنِه من فضلٍ عظيم اقتضى أنْ يُجازى في الدنيا بإسقاط القصاص عنه، ولعلّ إسقاط القصاص نشأ أيضًا من ملاحظة الحالةِ الغالبة في قتلِ الأب لابنِه وهو الغضب الذي سرعان ما يزولُ فتعقبُه حسرةٌ وندمٌ شديد، فقتلُ الأبِ لابنِه يندرُ أن يكونُ عن سبقِ إصرار.
والحمد لله رب العالمين
الشيخ محمد صنقور
1- الكافي -الشيخ الكليني- ج7 / ص297-298.
2- الكافي -الشيخ الكليني- ج7 / ص298.
3- تهذيب الأحكام -الشيخ الطّوسيّ- ج10 / ص238.
4- تهذيب الأحكام -الشيخ الطّوسيّ- ج10 / ص236.