هل القلم مرفوعٌ وقت الأكل؟!

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

المسألة:

هل صحيح أنَّ القلم مرفوعٌ عن المكلَّف وقتَ الأكل؟ بمعنى أنّه لا يُحاسب من قِبَل الله تعالى على ما يفعلُه وقتَ الأكل؟

الجواب:

ليس الأمرُ كذلك، فوقتُ الأكلِ شأنُه شأنُ سائر الأوقات إذا ارتكبَ المكلَّف فيها معصيةً كان مُحاسبًا عليها.

ومعنى ما ورد في بعض الروايات لو صحَّت هو أنَّ إطالة المكوثِ على المائدة لا يُحاسب الإنسان عليها، فالمحاسبة منفيةٌ عن الإطالة على المائدة وليس عن المعاصي التي قد يتَّفق وقوعُها منه حال الجلوس على المائدة، فكأنَّ مفاد هذه الروايات هو أنَّه لا حرج على الإنسان من جهة إطالة المكث على المائدة وإنْ كان في ذلك هدرٌ للوقت، فهي فُسحةٌ مُنحتْ للإنسان ليُروِّح فيها عن نفسه.

والروايات الواردة في ذلك كلُّها ضعيفة السند:

الأولى: أوردها الحسن بن فضل الطبرسي في مكارم الأخلاق: نقلاً من طبِّ الأئمة، عن الصادق (عليهم السلام)، قال: "أطيلوا الجلوس على المائدة فإنَّها ساعةٌ لا تُحسب من أعماركم"(1).

الثانية: ورد في كتاب فقه الرضا (عليه السلام) أنَّه: رُوي: "أطِيلوا الجلوس عند الموائد، فإنَّها أوقاتٌ لا تُحسب من أعمارِكم"(2) وكذلك وردتْ في كتاب الاختصاص المنسوب للشيخ المفيد رحمه الله.

الثالثة: أوردها أبو عبد الله محمد بن أحمد الصفواني في كتاب التعريف -كما في المستدرك- قال: رُوي: أنَّ طول الجلوس على المائدة، لا يصيرُ من العمر"(3).

فكلُّ هذه الروايات مراسيل وقد تكون متَّحدة، وعلى أيِّ تقدير فهي لا تقتضي أكثر من إفادة أنَّه لا غضاضةَ على الإنسان في إطالة المكث على المائدة، فلا يعدُّ ذلك من هدرِ الوقت الذي ينبغي تجنُّبه بل قد تكون هذه الروايات ظاهرةً في رجحان إطالة المكثِ على المائدة، ولعلَّ منشأ الرُّجحان هو أنَّه نحوٌ من الترويح المباح عن النفس الذي ينبغي التحرِّي لمظانِّه وأسبابه لِما له من تأثيرٍ على بعث النشاط في النفس، وكذلك فإنَّ إطالة المكث على المائدة يُعطي فسحةً لإجادة المضغ للطعام والذي هو راجح نظرًا لِما يترتَّب عليه من آثارٍ تعودُ على الإنسان بالنفع.

والحمد لله ربِّ العالمين

الشيخ محمد صنقور


1- مكارم الأخلاق -الشيخ الطّبرسيّ- ص141.

2- فقه الرّضا -عليّ بن بابويه القمّي- ص362.

3- مستدرك الوسائل -الميرزا النّوري الطّبرسيّ - ج16 / ص234.