سند خطبتي البيان والتطنجية

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

المسألة:

هل خطبة البيان وخطبة التطنجية صحيحتان؟

الجواب:

لم يثبت صدور خطبتي البيان والتطنجية عن أمير المؤمنين (ع)، فلم تُذكرا في الكتب المُعتبرة عندنا ولم يذكرهما الشريفُ الرضي في كتاب نهج البلاغة، نعم أورد الشيخُ علي البارجيني اليزدي الحائري في كتابه إلزام الناصب ثلاث نسخ من خطبة البيان اشتملت إحداها على أسماء أصحاب الحجَّة المهدي (ع)(1) واشتملت الأخرى على أسماء ولاة الإمام الحجة (ع)(2)، ونقل إحدى تلك النسخ عن كتاب الدر المنظم في السر الأعظم تأليف محمد بن طلحة الشافعي المتوفي 652 أفاد ذلك الشيخ آغا بزرك الطهراني في الذريعة(3).

هذا وقد ذكر سنده إلى النسخة الأولى فقال: "حدثنا محمد بن أحمد الأنباري قال: حدثنا محمد بن أحمد الجرجاني قاضي الري قال: حدَّثنا طوق بن مالك عن أبيه عن جدِّه عن عبد الله بن مسعود رفعه إلى عليِّ بن أبي طالب (ع)"(4).

وأمَّا النسخة الثانية فلم يذكر لها سنداً، وأمَّا النسخة الثالثة فذكر أنَّه أخذَها عن كتاب الدر المنظَّم في السرِّ الأعظم لمحمد بن طلحة الشافعي، وقال: "إنَّه من أكابر أهل السنَّة وقد ثبت عند علماء الطريقة ومشايخ الحقيقة بالنقل الصحيح والكشف الصريح أنَّ أمير المؤمنين كرّم الله وجهه قال على المنبر بالكوفة وهو يخطب .." ثم أورد الخطبة عنه كاملة(5).

فالخطبةُ بنسخها الثلاث ضعيفة، فالأولى اشتمل سندها على مجاهيل، والثانية لم يُذكر لها سنداً، والثالثة نقلها ابنُ طلحة الشافعي كما أفاد عن علماء الطريقة ومشايخ الحقيقة إلا أنَّه لم يذكر اسم أحدٍ منهم ولم يذكر طريقَهم إليها، على أنَّ الظاهر من كلامه أنَّهم من علماء العامَّة من الصوفيَّة. ثم إنَّ نسخ الخطبة بحسب الظاهر لا تقتصر على النسخ الثلاث التي أوردها الشيخ عليٌّ اليزدي الحائري بل ثمة نسخٌ أخرى مختلفة من حيث الزيادة والنقيصة.

وقد أورد الشيخ رجب البرسي في كتابه مشارق أنوار اليقين جملةً من فقرات خطبةِ البيان من غير أنْ يُسمِّيها بخطبة البيان كما أفاد ذلك الطهراني في الذريعة.

وكيف كان فخطبةُ البيان في غاية الضعف من حيثُ السند، فلم نقفْ لها على سندٍ من طرقِنا، والظاهرُ أنَّها من مختلقات الصوفيَّة من أبناء العامَّة.

هذا من جهة السند، وأمَّا من جهة المضامين التي اشتملت عليها الخطبة فبعضُها ورد ما يُماثلُه في رواياتِنا إلا أنَّ بعضَ المضامين منكَرةٌ بحسب ظاهرِها وهي أقربُ إلى عقائد الغلاة.

سند الخطبة التطنجية:

وأمَّا الخطبة التطنجية التي قيل إنَّ أمير المؤمنين (ع) أنشأها بين مكة والمدينة أو الكوفة والمدينة كما ذكر ذلك الشيخ رجبُ البرسي في مشارق أنوار اليقين فهي مذكورةٌ كما أفاد الشيخ بزرك الطهراني في كتاب المجموع الرائق المؤلف سنة 703 وذكرها الشيخُ البرسي في مشارق أنوار اليقين والذي ألَّفه سنة 773 وأوردها الشيخ علي اليزدي الحائري في كتابه إلزام الناصب، ومنشأ التعبير عنها بالخطبة التطنجية هو ما ورد في بعض فقراتِها "أنا الواقف على التطنجين -إلى قوله- والتطنجان خليجان من ماء"(6).

فالخطبة المذكورة لم نقفْ على سندٍ لها، فهي في غاية الضعف لذلك ولِما اشتملتْ عليه من مضامينَ مُنكَرةٍ شبيهةٍ بما يعتقدُ به الغلاة.

والحمد لله رب العالمين

الشيخ محمد صنقور


1- إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب -الشيخ علي اليزدي الحائري- ج2 / ص157.

2- إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب -الشيخ علي اليزدي الحائري- ج2 / ص210.

3- الذريعة -آقا بزرگ الطهراني- ج7 / ص200-201.

4- إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب -الشيخ علي اليزدي الحائري- ج2 / ص156.

5- إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب -الشيخ علي اليزدي الحائري- ج2 / ص202.

6- إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب -الشيخ علي اليزدي الحائري- ج2 / ص211.