السجودُ على ظهر الكفِّ

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

 

المسألة:

إذا كان المصلِّي مسافراً ولم يجد ما يصحُّ السجود عليه سوى فراش المسجد فهل يجبُ عليه أنْ يسجدَ كما قيل على ظهر كفِّه؟ وهل وردت رواياتٌ تصحِّح السجود على ظهر الكف؟

 

الجواب:

إذا لم يجد ما يصحُّ السجود عليه أو كان السجود على ما يصحُّ السجود عليه منافياً للتقية صحَّ له السجود على السجَّاد المفروش في المسجد وإنْ كان الأحوط السجود على ثوبِه لو أمكنَه ذلك، وأمَّا السجود على ظهر الكفِّ فهو جائز في هذا الفرض ولكنَّه غيرُ لازم.

 

وأمَّا أنَّه هل وردت رواياتٌ تحثُّ على السجود على ظهر الكفِّ فجوابُه أنَّه وردت روايتان تُبيحُ السجودَ على ظهر الكفِّ إذا لم يكن السجود على ما يصحُّ السجود عليه ممكناً ولم يكن السجود على الثوب ممكناً.

 

أما الرواية الأولى: فرواها الصدوق بسنده إلى أبي بصير قال لأبي عبد الله (ع): جُعلتُ فداك الرجلُ يكونُ في السفر فيُقطَعُ عليه الطريق فيبقى عرياناً في سراويل، ولا يجدُ ما يسجدُ عليه، يخافُ إنْ سجدَ على الرمضاء أحرقتْ وجهَه، قال (ع): "يسجدُ على ظهرِ كفِّه فإنَّها إحدى المساجد"(1).

 

والرواية الثانية: رواها الشيخُ الطوسي بسنده عن أبي بصير عن أبي جعفرٍ (ع) قال: قلتُ له: أكونُ في السفر فتحضرُ الصلاة وأخافُ الرمضاء على وجهي كيف أصنع؟ قال: "تسجدُ على بعض ثوبِك"، فقلتُ: ليس عليَّ ثوب يُمكنُني أنْ أسجدَ على طرفِه ولا ذيلِه؟ قال: "اسجُدْ على ظهرِ كفِّك فإنَّها أحد المساجد"(2).

 

ومفادُ الرواية الثانية أنَّه لا يُصار إلى السجود على ظهر الكفِّ إلا عندما لا يكون السجود على الثوب متاحاً، والرواية السابقة إنَّما لم تأمر -ظاهراً- بالسجود على الثوب لأنَّ مفروضَها عدمُ وجود ثوبٍ للسائل، فلا تُنافي رواية الصدوق ما دلَّت عليه الرواية الثانية من تعيُّن السجود أولاً على الثوب عند تعذُّر السجود على ما يصحُّ السجود عليه، ولعلَّ مما يؤيد تعيُّن السجود على الثوب أولاً معتبرة أبي بصير أنَّه سأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجلٍ يُصلِّي في حرٍّ شديد فيخاف على جبهته من الأرض، قال: يضعُ ثوبَه تحت جبهته"(3).

 

فإنَّ قولَه (ع): "يضعُ ثوبه تحت جبهته" وإنْ كان جملةً خبريَّة ولكنَّها سِيقتْ لغرض الإنشاء، فهي ظاهرةٌ في الأمر المقتضي للتعيين أي المقتضي لتعيُّن الوظيفة في السجود على الثوب في فرض تعذُّر السجود على ما يصحُّ السجود عليه، إلا أنْ يقال إنَّ الأمر هنا واقعٌ في سياق توهُّم الحظر فلا يدلُّ على أكثر من الجواز إلا أنَّه يقال إنَّها تدلُّ على جواز السجود على الثوب فلا يُتعدَّى منها إلى شيءٍ آخر بعد أنْ كان الأصل عدم صحَّة السجود على غير ما يصحُّ السجود عليه فلا بدَّ من الاقتصار على ما أجازته الرواية، وهذا هو معنى تعيُّن الوظيفة في السجود على الثوب عند تعذُّر السجود على ما يصحُّ السجود عليه.

 

والحمد لله ربِّ العالمين

الشيخ محمد صنقور

 

1- علل الشرائع -الصدوق- ج2 / ص341.

2- تهذيب الأحكام -الشيخ الطوسي- ج2 / ص306.

3- وسائل الشيعة -الحر العاملي- ج5 / ص352.