حكم الشُرب لأبوال الإبل

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

المسألة:

أنا في نقاش مع بعض المخالفين وقد توقفنا عند جواز شُرب بول الإبل وجاؤوا بحديث من عندهم عن النّبيِّ (ص) في جواز ذلك .. فهل يجوز شُرب بول الإبل عندنا؟ وهل الحديث التّالي عن التّداوي ببول الأبل عندنا أيضا؟

الحديث: عن أنس رضي الله عنه: "أَنَّ نَاسًا اجْتَوَوْا فِي الْمَدِينَةِ فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم أَنْ يَلْحَقُوا بِرَاعِيهِ يَعْنِي الابِلَ فَيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا فَلَحِقُوا بِرَاعِيهِ فَشَرِبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا حَتَّى صَلَحَتْ أَبْدَانُهُمْ فَقَتَلُوا الرَّاعِيَ وَسَاقُوا الإبلَ فَبَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم فَبَعَثَ فِي طَلَبِهِمْ فَجِيءَ بِهِمْ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ".

الجواب:

لا إشكال في طهارة بول الإبل لأنَّه من الحيوانات المحلَّلة اللحم، وكلُّ حيوانٍ محلَّل اللحم فبولُه طاهر، إنَّما الكلام في جواز شربه وعدمه، وقد اختلف الفقهاء في ذلك والذي يقتضيه التحقيق كما أفاد السيد الخوئي رحمه الله تعالى هو جواز شربُه للتداوي لا مطلقًا، فلا يجوز شربُه لغير التداوي، وقد ذهب لذلك الكثير من الفقهاء كالشيخ الطوسي في النهاية، وابن حمزة في الوسيلة، والمحقق الحلي في الشرايع، والعلامة الحلِّي في العديد من كتبه والشهيد الأول في الدروس والشهيد الثاني في الروضة وغيرهم.

وقد دلَّت على ذلك بعض الروايات:

منها: موثقة عمار الساباطي عن الإمام الصادق (ع) حين سئل عن بول البقر يشربه الرجل قال (ع): "إنْ كان محتاجًا إليه يتداوى به بشربه وكذلك أبوال الأبل والغنم".

ومنها: ما رواه سماعة قال: "سألتُ أبا عبد الله (ع) عن شرب الرجل أبوال الإبل والبقر والغنم يُنعتُ له من الوجع هل يجوز له أنْ يشرب قال (ع): نعم لا بأس به".

فموثقة عمار الساباطي تدلُّ على جواز شرب أبوال الأنعام الثّلاثة للتّداوي وتدلُّ بمفهومها على حرمة شربها لغير التداوي، وبذلك تكون صالحة لتقييد ما ورد من الروايات الظاهرة في جواز شرب أبوال الأنعام الثلاثة مطلقًا، وأما أنَّ أبوال الإبل وسائر الأنعام مستقذرة فمسلَّم إلا أنَّ ذلك لا يمنع من صلاحيتها لأنْ تكون دواء لبعض الحالات إذا شخَّص ذلك الطبيب الحاذق، فالكثير من الأدوية والعقاقير متَّخذة من أشياء مستقذرة لدى عامَّة الناس إلا أنَّ العقلاء لا يجدون ذلك مانعاً من صلاحيتها للاستشفاء لذلك لا يجد العقلاء غضاضة في تناولها حال المرض حين يشخص ذوو الاختصاص أنَّها صالحة للعلاج.

وأمَّا الرّواية التي نقلتموها فهي غير معتبرة عندنا لاشتمالها على ما لا يصحُّ صدوره من النّبيِّ الكريم (ص).

والحمد لله رب العالمين 

 

الشيخ محمد صنقور