علامات ظهور الإمام الحجة (عج) (5)
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وخاتم النبيين حبيب إله العالمين أبي القاسم محمد وعلى آله الأخيار الأبرار الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً،اللهم أخرجنا من ظلمات الوهم، وأكرمنا بنور الفهم، وافتح علينا أبواب رحمتك، وانشر علينا خزائن علومك.
العلامة الثانية: قتل النفس الزكية:
الكلام في هذه الجلسة إن شاء الله حول قتل النفس الزكيَّة، وقد أفادت الروايات الواردة عن أهل البيت (ع) أن ذلك من المحتوم(1)، إلاَّ أن البحث ليس في ثبوت هذه الحادثة في مستقبل الزمان، وإنما في تحديد موقعها، وهوية النفس الزكية الذي سوف يُقتل.
معنى النفس الزكية:
وقبل البحث في ذلك لابدَّ من تحديد المراد من معنى النفس الزكية، فهنا معنيان لهذا المفهوم:
المعنى الأول: أنَّ المراد من النفس الزكية هو النفس الكاملة الطيبة، الواجدة للملكات والسجايا الحميدة، والمتميِّزة بالإخلاص والتكامل المعنوي. هذا هو المراد من معنى النفس الزكية.
المعنى الثاني: ثمة معنىً آخر للنفس الزكية، وهو: أنها النفس البريئة التي لا تستحق القتل، فيكون هذا المعنى مساوقاً للمعنى الوارد في الآية الشريفة ﴿أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ﴾(2)، والإشكال الذي أورده النبي موسى (ع) على الخضر عندما قتل الغلام، قال: ﴿أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ﴾(3) ناشىء من أنها بحسب الظاهر نفس بريئة لم ترتكب ما يُوجب سفك دمها.
أيُّ المعنيين هو المراد من الموصوف بالنفس الزكية في الروايات الشريفة؟ لايبعد أنَّ المعنى الأول هو المراد من مفهوم النفس الزكية في الروايات الشريفة، وإن كان المعنى الأول يتضمَّن المعنى الثاني أيضاً، فالنفس الزاكية المتكاملة، الواجدة للملكات والسجايا الحميدة، والمتميزة بالإخلاص والتضحية هي نفس لا تستوجب أن يُسفك دمها، ولم ترتكب ما يقتضي القتل.
تعيُّن المعنى الأوّل:
إلاَّ أنه رغم ذلك لابدَّ من الإصرار على تعيُّن إرادة المعنى الأول من لفظ النفس الزكية الوارد في الروايات، وذلك لقرينتين:
القرينة الأولى: هو أنَّ الروايات الشريفات أفادت أموراً تقتضي تعيُّن المعنى الأول، حيث أفادت أن النفس الزكية إذا قُتلت؛ غضب مَن في السماء(4)، وغضب عليهم -أي على القاتلين- مَن في الأرض، وأفادت بعض الروايات أنَّهم إذا قتلوه؛ لم يبق لهم في السماء عاذر، ولا في الأرض ناصر (5).
هذه المضامين تُعبِّر عن أنَّ هذه الذات التي سيتم تصفيتها، ليست مجرَّد ذات بريئة لا تستحق القتل، بل إنَّها ذات تمتلك من التميُّز ما يقتضي أن تغضب السماء لقتله، ويغضب لقتله الصالحون من أهل الأرض، ويقع الأسف الشديد والعميق على فقد هذه الشخصية وهذه الذات، وذلك لا يُتعقل إلاَّ في مثل ذاتٍ متميزة بالعلم والإخلاص، والصلاح والتضحية.
القرينة الثانية: إنَّ الروايات أفادت أنَّ المهدي (عجل الله فرجه الشريف)، يخرج عقيب مقتل النفس الزكية، فكأنما كان قتل النفس الزكية واحدة من حلقات التخطيط الإلهي الذي خططه من أجل ذلك اليوم الموعود، فلا بد أن تكون حلقةً ذات اهتمام واضح، وذات أهمية خاصة. وذلك لا يُتصور عادةً إلاَّ في مثل شخصية تكون واجدةً لمجموعة من الملكات يؤهلها لأن تكون ضمن هذه الحلقات -حلقات التخطيط الإلهي لليوم الموعود يوم الفتح العالمي-. وتشير الروايات إلى أن الإمام المهدي يؤبِّنه، ويترتَّب عليه أن يأتي مكة بعد مقتله، فأول مَن يقتل خطيبها -خطيب مكة الشريفة-، وبعده يغيب ثم يخرج في الليل ليُعلن عن ظهوره، ثم لا يلبث أن يظهر الفجر كما ورد في بعض الروايات، فيُعلن جبرئيل عن بيعته، وأوَّل من يبايعه الطائر الأبيض جبرئيل، ويعقبه ميكائيل، ويأتي الممحَّصون من أصحاب الحجة بن الحسن -وهم ثلاثمائة ويزيدون قليلاً- (6) فيبايعونه، ثم تبدأ الحركة المهدوية من أجل الفتح العالمي المبين. كلُّ ذلك يعبِّر عن مستوى سامٍ لهذه النفس الزكية، لذلك فنحن نصر على أن النفس الزكية ليست شخصية اعتيادية وإنما هي شخصية متميزة.
مَن هي النفس الزكيَّة؟
وقع البحث في هوية هذه الشخصية، كما وقع البحث في زمن وقوع هذه الحادثة التي أخبر عنها الرسول وأهل بيته (ع) جميعاً -فالروايات لا تختص بالأئمة وإنما وردت عن الرسول أيضا-، وتحمل هذه الروايات ضبابية من حيث تحديد مجموعة من التفاصيل، لذلك وقع البحث بين العلماء.
فالنفس الزكية تُطلق، أو يمكن أن نقول أنها أُطلقت على أربع شخصيات:
الشخصية الأولى: محمد بن عبدالله المحض
شخصية كانت في التاريخ، وهي شخصية علوية وكان من الثوار العلويين الذين خرجوا في وجه الدولة العباسية، وهو محمد بن عبد الله المحض. وعبد الله بن المحض هو ابن الحسن بن الحسن المثنى فهو حسنيّ إذن، وكان يُلقب بالنفس الزكية. وهذا الاسم يكاد يكون علماً على هذه الشخصية عند جميع المؤرخين، فعندما يُقال النفس الزكية ينصرف الذهن إلى هذه الشخصية: أعني محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن المثنى، المعروف بمحمد بن عبد الله المحض.
هذا الرجل الملقب بالنفس الزكية، كان قد لُقِّب بذلك في أواخر عمره أو بعد استشهاده لماذا؟
يذكر المؤرخون أنه بويع محمد هذا وكذلك أخوه إبراهيم من قِبَل بني العباس، بما فيهم أبو جعفر -المنصور الدوانيقي-، وأبو العباس السفاح، ووجوه بني العباس. ولكن عندما سقطت الدولة الأموية وانقلبت الأحوال -تفاصيل لا مجال لعرضها الآن- وآلت الأمور لبني العباس اختفى إبراهيم، واختفى معه محمد بن عبد الله المسمى بالنفس الزكية. وأما أبوهما عبدالله المحض فسجنه العباسيون، فقرَّر محمد وإبراهيم أن يخرجا على أبي جعفر المنصور الدوانيقي. وهنا تجدر الإشارة إلى أن الإمام الصادق (ع) كان قبل ذلك قد منعهما، ومنع والدهما وهو عبدالله من الخروج والثورة، إلا أنَّ عبد الله المحض (رحمه الله) لم يكن يستجيب للإمام الصادق (ع)، وكان يتوهَّم أن الإمام الصادق يحسده، فلم يستجب إلى قوله. كان الإمام الصادق قد قال في أكثر من موضع: ليس الأمر إليك، ولا لابْنَيْك، وإنما هو لهؤلاء، فاجلس(7). إلَّا أنه لم يكن يستجيب، ثم إنه (ع) نهى محمد وإبراهيم، إلاَّ أنهما لم يستجيبا أيضاً، هذا الرجل -وهو محمد- خرج في المدينة، وإبراهيم خرج في البصرة، واتفقا على أن يخرجا على المنصور في يومٍ واحد، أحدهما في البصرة وهو إبراهيم، والآخر في المدينة وهو محمد. أما إبراهيم فإنَّه لم يخرج نتيجة وعكةٍ أصابته فأخرَّته عن الخروج، إلاَّ أن محمد خرج وكان عبدالله المحض حينذاك في السجن. وكان عمره حينما كان في السجن خمساً وسبعين سنة، والعجيب من أبي جعفر المنصور أنه قتل عبد الله رغم شيخوخته وتقدم سنه، وهو رجل معروف بالصلاح، وإن كان قد خالف الإمام.
خرج محمد في المدينة وخذله مَن معه. وكان الرجل شريفاً، ومعروفاً بغزارته في العلم، وكان من أهل الصلاح والتقوى، وكان رجلاً ذا بأس وشدة وشجاعة، حتى أنه كان يُشبَّه بالحمزة بن عبد المطلب (رحمه الله)، ولما أن رأى الخذلان وأيقن أنه سيُقتل، عاد سريعاً إلى بيته، فأسجر ناراً وأخرج الدفاتر التي فيها أسماء مَن بايعوه وأحرقها -حتى لا يتعرف عليها أبو جعفر المنصور-، ثم خرج وقُتِل عند أحجار الزيت. ولأنَّه قُتل عند أحجار الزيت قالوا: إذن هو النفس الزكية. لماذا؟ لرواية يرويها السنة، ويرويها الشيعة عن الرسول الكريم (ص) قال: "تُقْتَلُ بأحجار الزيت من ولدي نفسٌ زكية"(8)، وهو قد قُتل عند أحجار الزيت، وهو من ولد رسول الله (ص)، فلقَّبه الناس بالنفس الزكية. وقد ورد أنَّ الإمام الصادق (ع) كان قد حذَّر عبدالله المحض حينما دعى لمبايعة ابنه محمد وحرَّضه على الثورة والخروج على العباسين قال له الإمام الصادق (ع): "أيها الشيخ لا تسفك دم ابنك فإني أخاف أن يكون المقتول بأحجار الزيت"(9) والظاهر من خطاب الإمام (ع) هو الإشارة للنبؤة الورادة عن النبي الكريم (ص) وتطبيقها على محمد بن عبدالله المحض وهو ما يؤكد أنه المقصود من النفس الزكية. وثمة رواية أخرى وردت عن الإمام الباقر، رواها رجل يُسمى أبو حازم، قال: كنت مع أبي جعفر الباقر (ع) في المدينة نمشي، فنظر الإمام الباقر إلى بيت هشام بن عبد الملك، وكان قد بناه بأحجار الزيت بيت مشيد ضخم، متميز على بيوتات أهل المدينة نظر إليه الإمام فقال: "أما والله لتهدمن يعني هذه الدار أما والله لينقلن ترابها من مهدمها، أما والله لتندر أحجار الزيت، أما والله إنه لموضع النفس الزكية(10)". الرواية تؤكد أن النفس الزكية هو الذي قُتل عند أحجار الزيت، يقول أبو حازم: فسمعت هذا من أبي جعفر (ع) وتعجبت، قلتُ: هذه دار هشام وهو أمير المؤمنين، من يجرء على هدم هذه الدار؟! يقول: فرأيت بعد موت هشام أن الوليد بن يزيد بعث مَن يهدم الدار، فهُدمت، ونُدرت أحجار الزيت، ثم أن محمد بن عبد الله بن الحسن المحض قُتل هناك عند أحجار الزيت. فإذن النفس الزكية التي أخبرت الروايات بأنه سيُقتل هو محمد بن عبد الله بن الحسن المحض، فهو ذو النفس الزكية. إلا أن هذا لا يعني أنه الذي يكون قتله من علامات الظهور؛ لأنّ الإمام الحجة لم يُولد بعدُ في ذلك الوقت، فقد وُلد الإمام الحجة بعد مقتل النفس الزكية -أي محمد بن الحسن المحض- بأكثر من مئة سنة. فلا يمكن أن يكون هو المقصود من الروايات الكثيرة التي أفادت أن قتل النفس الزكية من المحتوم(11)، وأن خمساً من علامات ظهور القائم: اليماني، والخسف بالبيداء، السفياني، والصيحة في السماء، وقتل النفس الزكية(12). وإن من يتوهم أن محمد بن الحسن المحض هو النفس الزكية التي تُقتل فتكون من علامات الظهور، فهو حتماً مشتبه، نعم لا مانع من أن تكون هي النفس الزكية الواردة في حديث الرسول (ص): "تُقتل عند أحجار الزيت نفس زكية من ولدي"، لا مانع من أن يكون هو المقصود من الحديث النبوي، فهو رجل صالح وزكي بلا ريب، وإن كان قد أخطأ في خروجه، حيث لم يكن خروجه بإذن من الإمام الصادق (ع)، حتى أنَّ الإمام الصادق -وإن كان لم يقبل بخروجه وثورته- كان ينفق على جميع عوائل الشهداء الذين قُتلوا مع النفس الزكية، وكان -كما ورد- كلَّما رأى محمد بن عبد الله اغرورقت عيناه، وقال: كأني بك تُقتل. وكان قد غضب غضباً شديداً على بني العباس عندما قتلوا هذا الرجل البريء الذي لا يستحق القتل، فهو نفس زكية، وهو الذي أشار رسول الله (ص) بأنه سوف يُقتل عند أحجار الزيت. نعم، لا نمانع من ذلك، لكنَّ هذا لا يعني أنَّ النفس الزكية التي ورد أن قتله من علامات الظهور، وأن ذلك من المحتوم، هو ذلك الشخص الذي وقع قتله في التأريخ.
الشخصية الثانية: نفسٌ تُقتل في ظهر الكوفة:
الشخص الآخر الذي ورد في الروايات إطلاق هذا العنوان عليه هو: ما أفاده الشيخ المفيد -قدس الله نفسه-، فقد روى أنه تُقتل نفسٌ زكيَّةٌ بظهر الكوفة، في سبعين من الصالحين. يعني يُقتل مع هذه النفس الزكية سبعون شخصاً من الصالحين. ثم أفاد فيما رواه: وذبح الهاشمي بين الركن والمقام (13). ويبدو أن هناك شخصاً آخر سيُقتل أيضاً -غير النفس الزكية الذي في ظهر الكوفة-.
أفادت هذه الرواية التي رواها الشيخ المفيد أن النفس الزكية التي تُقتل في ظهر الكوفة هي من علامات الظهور، ولم تقل أنها من علامات الظهور التي يتعقبها الظهور بزمنٍ محدَّد، فلم تحدِّد مقدار المدة التي تتخلل ما بين قتل النفس الزكية وبين الظهور، ولكن أفادت أن ذلك بين يدي الظهور، يعني أنه من العلامات القريبة. وأفادت أن ظرف قتل هذا الرجل هو "ذبح ذريع، يكون بين الحيرة والكوفة، وفي الكوفة، ويُهدم سور الكوفة"(14)، والمراد من سور الكوفة كما فهمه بعض العلماء هو سور مسجد الكوفة، ويقع قتل ذريع في شيعة علي (ع) هناك. وأفادت الروايات أيضاً أنه في ظرف هذا القتل -قبله، وأثناءه، وبعده- تكون هناك رايات مختلفة في العراق، ويحصل الهرج والمرج(15)، فيُقتل الكثير، وشيعة آل محمد يقع عليهم قتل أيضاً، ولكن لا يختص القتل بهم. هذا الظرف الذي يكتنف قتل النفس الزكية في سبعين من الصالحين.
الذي يُقتل في ظهر الكوفة ليس الحسني:
ووردت رواية أخرى عن الإمام علي (ع) أنه قال: "وقتل النفس الزكية بظهر الكوفة في سبعين(16)"، ثم قال (ع): "والمذبوح بين الركن والمقام" والظاهر أن المذبوح بين الركن والمقام فيما روي عن علي (ع) هو عينه الهاشمي الذي روى المفيد "رحمه الله" أن يذبح بين الركن والمقام.
وكذلك فإن الظاهر مما أفاده الشيخ المفيد رحمه الله أن الحسنى الذي روى أنَّ قتله من علامات الظهور هو غير النفس الزكية الذي يقتل بظهر الكوفة في سبعين من الصالحين وذلك لا يعني أن النفس الزكية الذي يقتل بظهر الكوفة لن يكون حسنياً فربما يكون كذلك ولكنه ليس هو المعنيُّ ظاهراً من الموصوف بالحسني في رواية الشيخ المفيد رحمه الله، وهل الحسني هو من سيقتل بين الركن والمقام؟ ظاهر كلام المفيد أنه غيره وإن كان ما رواه ساكتاً عن موقع قتل الحسني وظروف مقتله إلا أنه حيث ذكر قتل الحسني ثم بعد فقرات ذكر قتل الهاشمي الذي يذبح بين الركن والمقام فإن ظاهر ذلك هو اختلاف الواقعتين إلا أن يكون ما رواه المفيد ملفقاً من أكثر من رواية كما لا يبعد ذلك وكيف كان فقد ورد في بعض الروايات أن الذي يقتل في مكة هو الحسني.
ثم إنَّه لم يستبعد العديد من العلماء أن قتل النفس الزكية في ظهر الكوفة هي العلامة التي أشارت لها الروايات بأنها من المحتوم، وليس هو الذي يُقتل بين الركن والمقام -وسيأتي الحديث عنه-، فذلك لم تسمِّه الكثير من الروايات بالنفس الزكية. نعم، سمَّته بعض الروايات بالنفس الزكية، ولكنَّ رواياتٍ كثيرة أخرى لم تسمِّه بذلك، بل قالت: "غلام هاشمي يُقتل"، ولم تقل بأن الذي يُقتل بين الركن والمقام هو النفس الزكية.
ولا يبعُد أنَّ كلا الشخصين يصحُّ إطلاق عنوان النفس الزكية عليه، ولكن أحدهما يُقتل بظهر الكوفة،والآخر يُقتل بمكة. وهذا الثاني الذي يُقتل بمكة بين الركن والمقام هو علامة الظهور القريبة جداً.
الشخصية الثالثة: نفسٌ تقتل في المدينة:
وهذه الشخصية وردت في رواية لم تلق اهتماماً من العلماء، نظراً لكونها عامَّية إلا أنَّه ورد من طرقنا ما يؤيدها وكيف كان فمفاد(17) تلك الرواية أنَّ هناك نفساً من آل محمد تُقتل في المدينة المنورة(18) أيضاً، لكنها غير تلك النفس الزكية التي قُتلت في التاريخ. وأما كيف عرفنا أنَّ هذه النفس الزكية تختلف عن تلك التي قُتلت سابقاً، فذلك لأن النفس الزكيّة -كعلامة على الظهور- قد ارتبطت بخروج السفياني، وأن الذي يقتله هو جماعة السفياني، والسفياني عنوان يُطلق من سوف يخرج في آخر الزمان، وقُبَيْل ظهور القائم (عجل الله فرجه الشريف) وهذا ما ينسجم مع ما أفادته هذه الرواية حيث أفادت بأن رجلاً هاشمياً وأخته يُقتلان في المدينة المنورة(19)، يقتلهما السفيانيّ، يدخل جيش السفياني -وسنتحدث عن ذلك إن شاء الله- فيعيثوا في المدينة فساداً، وثمة روايات أفادت أنه يهدم القبر الشريف، وتُنْتَهَك حرمة القبر الشريف على يد جماعة السفياني (20)، والإمام الحجة يكون حينها في المدينة أي حين دخول جيش السفياني، وسوف يخرج الإمام الحجة هارباً يترقَّب -على سُنَّة موسى (ع)- إلى مكة، وهناك يُقتل رجل من آل محمد، يُسمى بمحمد بن الحسن أيضاً، وأخته تُسمى فاطمة، يُقتلان معاً، ويُصلبان عند باب المسجد". هكذا ورد، ولم تسمِّ هذه الرواية التي قرأناها هذا الرجل بالنفس الزكَّية، بل قالت: "رجل من آل محمد وأخته وأفادت أنَّ اسمه محمد، وأخته اسمها فاطمة"، نعم ثمة روايات أخرى سمته بالنفس الزكية، لذلك جعلناه ضمن من سُموا بالنفس الزكية(21).
الشخصية الرابعة:
تسالم الكثير من العلماء على أن النفس الزكية هو ذلك الذي يُقتل في مكة بين الركن والمقام، وهو غلام من آل محمد، يُقتل بلا ذنب ولا جرم، فإذا قتلوه لم يبق لهم في السماء عاذر، ولا في الأرض ناصر، فإذا قُتل خرج المهدي غاضباً. وفي بعض الروايات أنه يذهب إلى مكة فيقتُل خطيبهم، ثم يغيب، فإذا جنَّ الليل صعد على ظهر الكعبة الشريفة وأعلن الخروج، فإذا ما انفلق الفجر أعلن عن ظهوره، فأول من يبايعه الطائر الأبيض جبرئيل (ع)، ويعقبه ميكائيل، ويأتي معه جماعة لا يتجاوزون الثلاثمائة، ينظر إليهم الناس فيشفقون عليهم. إذ أنهم! كيف سيواجهون هذا العدد الضخم الكبير؟ هذه الثلَّة القليلة تُعبِّر عنهم الروايات بأنهم كالكحل!(22) انظروا كيف أنَّ الكحل دقيق لايكاد يبين في ضمن الجسد الكبير فكذلك هم، ولكنَّ هؤلاء سيكون الفتح العالمي على أيديهم. ولا يخرج من مكة حتى يزفه عشرة آلاف رجل، يكونون مع الحجة ابن الحسن (عجل الله فرجه الشريف)، ثم ينطلق من هناك إلى الفتح العالميّ المبين، هكذا ورد في الروايات.
وورد في الروايات أيضاً أنَّ الإمام الحجة يبعث النفس الزكية من المدينة المنورة إلى مكة الشريفة، فحين يصل إلى مكة يقف خطيباً، فيقول: "نحن أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة .."، فيدعو للهداية والصلاح، والثورة على الظالمين، ويعبِّئ ويمهِّد لظهور الحُجَّة، إلَّا أنهَّم ينهالون عليه فيقتلونه بين الركن والمقام، فيغضب من في السماء -كما ورد في الرواية- ويغضب من في الأرض، فيصل الخبر إلى الإمام الحجة فيقول: "ألم أقل لكم أنَّ أهل مكة لا يحبوني ولا يريدوني؟!(23) ما من بيت في مكة يحبنا أهل البيت"، فيُقتل -كما في الرواية- يوم الخامس والعشرين من ذي الحجة، ويخرج الحجة ابن الحسن يوم العاشر(24)، فيكون ما بين مقتل ذي النفس الزكية وبين ظهور القائم خمسة عشرة يوماً. طبعاً، الروايات الشريفة التي تحدثت عن الغلام الذي يُقتل بين الركن والمقام لم تقل أنَّه الحسنيّ -كما هو معروف بين الناس أن الذي يُقتل هو الحسني-، وما وجدت رواية تشير إلى أنَّ الذي يُقتل بين الركن والمقام حسنيّ أو غير حسنيّ، ونحن لا ننفي ذلك ولكننا لا نستطيع أن نثبته؛ حيث لم نجد رواية يمكن أن نعتمد عليها تقول بأنَّ الذي يُقتل بين الركن والمقام هو الحسنيّ، وإنما أفادت بأنه غلامٌ من آل محمد. نعم، أفادت بعض الروايات -إذا أردنا أن نطبِّقها عليه- بأنه الهاشميّ الذي يُقتل مع النفس الزكيّة، إلَّا أن يُقال بأن الحسنيّ الوارد في الرواية -التي قرأناها يوم كنا بصدد الحديث عن قتل النفس الزكية بظهر الكوفة- هو نفسه النفس الزكية الثالثة -التي تقدم الحديث عنها في الشخصية الثالثة-، وإلّا فلا توجد رواية أفادت أن النفس الزكية -التي هي علامة الظهور الحتمية- هو الحسني(25).
من هي النفس الزكية الحتميّة؟
وقع بحث بين العلماء -رضوان الله تعالى عليهم- في الروايات الكثيرة التي قالت بأن النفس الزكيَّة من المحتوم، وهل هي النَّفس الزكيَّة التي تُقتل بظهر الكوفة؟ أو التي تُقتل بين الركن والمقام؟
الجواب:
قد ندعي أن الذي يُقتل بين الركن والمقام هو خبرٌ مُتسالَم عليه، ولا يمكن التشكيك في وقوعه، وأنَّ رجلاً من آل محمد سيُقتَل بين الركن والمقام. هذا المقدار يبدو أنَّه لا يمكن التشكيك في وقوعه؛ لكثرة الروايات، لكن هل هو نفسه الذي أفادت الروايات بأنَّ قتله من المحتوم؟ وأنَّه النَّفس الزكيَّة؟ هذا الذي يمكن أن نتوقَّف عنده؛ على اعتبار أنَّ الروايات ليست كثيرة في تطبيق عنوان النفس الزكية عليه، إذ أنَّها طبقَّت أيضاً عنوان النفس الزكيَّة على من يُقتل بظهر الكوفة. فإذا كنا نقول أنَّ النفس الزكية الذي هو من علامات الظهور هو شخصٌ واحد، فإما أن يكون هو المقتول بظهر الكوفة، أو أنَّه الذي يُقتل بين الركن والمقام، نعم الذي سيُقتل بين الركن والمقام سيكون بعد قتله ظهور القائم بخمسة عشر يوماً هذا المقدار ثابت؛ لأن الروايات في ذلك كثيرة -من طرقنا وطرق السنة- وأنه يُقتل رجلٌ من آل محمد بين الركن والمقام، وعندها يظهر الإمام الحجة (ع)، وعندنا بعض الروايات أفادت أنَّ الإعلان عن ظهور الحجّة (عجل الله فرجه الشريف) سيكون عقيب قتل النفس الزكية، أو عقيب قتل الرجل الهاشميّ الذي يُقتل بين الركن والمقام -وهذا الذي ذكرناه البارحة-. ولعل هناك صيحتان: الصيحة الأولى هي المُتَسَالَم عليها، والتي وردت الروايات فيها، ولا يبعد أنَّها تبلغ حدَّ التواتر، وهذه لا تكون إلَّا في شهر رمضان. وصيحة أخرى تُؤذِن بظهور القائم بعد قتل النفس الزكية، فإذا قُتِلت نودي بخروج القائم بعد مقتلها الشريف بين الركن والمقام.
الروايات تشير إلى أنَّ ظرف مقتل الهاشميّ، أو النفس الزكية بين الركن والمقام، سيكون في حالة فراغ في الحجاز، أي أنه لا يوجد مُلْكٌ وهيمنةٌ لسلطةٍ على جميع ربوع أرض الحجاز حتى مكة والمدينة، لذلك يتمكن جيش السفيانيّ من عبور الشام والوصول إلى المدينة، ويبحث عن الإمام الحجة (ع)، فتسود حالة من الهرج والمرج، وقد تكون هناك سلطات داخلية وهيمنة وقوَّات، بحيث أمكنها أن تُصفَّي النفس الزكية، فيغضب منها الإمام الحجة، كما ورد في رواياتهم أنه يقتل خطيبهم، وهذا تعبير عن أن هناك جماعة ذات نفوذ، وهي التي تقوم بتصفية النفس الزكية، إلَّا أن أجواء الروايات -بشكل عام- تشير إلى وجود حالة فراغ سياسي في الحجاز، في وقت ظهور الحجة بن الحسن (ع).
المحتوم هو قتل النفس الزكية بين الركن والمقام:
هنا أمر أخير نريد أن نشير إليه، ونؤكد من خلاله أن النفس الزكية التي أفادته الروايات أنها من العلامات الحتمية، هي النفس الزكية التي تُقتل بين الركن والمقام يؤكد ذلك رواياتٌ وردت عن أهل البيت (ع)، ومنها رواية عن الإمام الصادق (عليه السلام) أفادت بأنه من علامات الظهور خروج السفياني، قتل النفس الزكية، الخسف بالبيداء، والصوت في السماء. ثمَّ إنَّ السائل يسأل الإمام، يقول له: "جُعلت فداك، أخاف أن يطول هذا الأمر يعني يتخلل مابين العلامة والأخرى زمن طويل، قال له: لا، إنما هي كنظام الخرز يتبع بعضه بعضاً (26)". وهذا تعبير عن أن قتل النفس الزكية يكون في ضمن العلامات القريبة جداً، وهذا يؤكد تعيُّنها فيمن سيُقتل في مكة بين الركن والمقام.
الحسني الذي يُبايع المهدي:
وهنا يحسن أن نشير إلى أنَّ ثمة مَن وصف في الروايات بالحسني وهو غير الذي ذكرناه سابقاً فقد ورد أنه قائد عسكري، أو قائد سياسي، وأنَّه ممن يُسلِّمون الراية للإمام الحجة (ع) فهذا غير من يُقتل على أساس أنه نفسٌ زكية قُتلت، بل إنه قائد عسكريّ يخرج في الطالقان، وتخرج معه كنوز الطالقان، وهذه الكنوز ليست ذهباً ولا فضة، وإنما هم رجال كزُبُر الحديد، يخرجون معه. وبعد أن يخرج هؤلاء وتكون لهم قوَّة ضاربة، وتمتد حركة الإمام إلى أن تصل إلى الكوفة، إلى العراق، حينها يأتي هذا الرجل الحسني إلى الإمام (عجل الله فرجه الشريف)، ويطلب منه أماراتٌ على أنه الإمام، المُنتظر فيسأل الإمام المهديَ عن أمورٍ كثيرة، منها: أين قضيب رسول الله؟ قضيب أوعصا رسول الله (ص)، ولعلَّها عصى موسى (ع)، لأنَّ أهل البيت قد ورثوا مواريث الأنبياء، ومنها عصا موسى كما ورد في الروايات، فيضعها أمام الجيش جيش الحسني يضعها على صخرة فتُورق"(27). وهكذا تظهر على يد الإمام الحجة مجموعة من الكرامات تُعرِّف جيش الحسني بأن هذا هو المهديّ، فيقول: مُدَّ يدك لأبايعك. فيبايعه، ويبايعه جيش الحسني.
هل الحسنيّ هو نفسه الخرساني؟
ورد أنَّ الخراساني أيضاً يُسلِّم الراية للإمام(28)، ومجموعة من الروايات تشير إلى أنَّ هذه المنطقة -منطقة الشرق الأوسط- أكثرها تُصبح في حالة فراغ، أو شبه فراغ سياسي؛ نتيجة حربٍ ضروس تحصل في المنطقة، وأكثر المناطق تابعة للإمام الحجة في أوائل ظهوره وقبل أن يهيمن الإمام الحجة على الأرض، وهذه المناطق هي إيران واليمن -كما لعلنا نوضح ذلك في ضمن الحديث عن السفياني-، ويكون للخراسانيين أو لأهل إيران دور كبير في الفتح العالميّ، كما يكون لليمنيين دور لعله يكون أكبر، أو مضاهٍ لدور الخراسانيين، فكل هؤلاء يسلِّمون الراية للإمام الحجة (ع) عندما ينزل العراق، وستكون عاصمة الإمام هي العراق بعد أن يهيمن على ربوع الأرض بحول الله وقوته إن شاء الله تعالى، ونستكمل الحديث إن شاء الله فيما بعد.
والحمد لله رب العالمين
الشيخ محمد صنقور
1- كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: 652.
2- سورة الكهف / 74.
3- سورة الكهف / 74.
4- الغيبة للشيخ الطوسي: 464، "أن المهدي لا يخرج حتى تقتل النفس الزكية فإذا قتلت النفس الزكية غضب عليهم من في السماء ومن في الآرض .." المصنف لابن أبي شيبة الكوفي ج 8/ 679.
5- الغيبة للشيخ الطوسي: 464.
6- بحار الأنوار ج52/ 307.
7- في ينابيع المودة للقندوري الامام قال لعبدالله المحض: "والله إنها ليست لي ولا لابنيك وانها لصاحب القباء الاصغر -يعني أبا جعفر المنصور- والله ليلعبن بها صبيانهم وغلمانهم" ج3/ 50 وفي الصواعق المحرقة قال: عند دولة بني أمية وضعفهم أراد بنو هاشم مبايعة محمد وأخيه إبراهيم وأرسل لجعفر ليبايعهما فامتنع فاتهم انه يحسدهما فقال: والله ليست لي ولا لهما أنها لصاحب القباء الأصغر ..": 121.
8- عمدة الطالب -ابن عنبة- ص105.
9- تاريخ البعقوبي ج2/ 349.
10- بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج46 ص268.
11- كمال الدين وتمام النعمة للصدوق: 652.
12- الخصال للشيخ الصدوق: 303.
13- قال: قد جاءت الاخبار بذكر علامات لزمان قيام القائم المهدي (ع) وحوادث تكون أمام قيامه وآيات ودلالات: فمنها خروج السفياني وقتل الحسني .. وقتل نفس زكية بظهر الكوفة في سبعين من الصالحين وذبح رجل هاشمي بين الركن والمقام وهدم سور الكوفة .." الأرشاد للمفيد ج 2/ 368.
14- الإرشاد للمفيد ج2/ 375، الغيبة للشيخ الطوسي: 446.
15- بحار الأنوار ج52/ 273.
16- بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج52 ص220.
17- عن الشيخ المفيد: "أن الأخبار قد جاءت عن أئمة الهدى من آباء الإمام المنتظر (ع) بعلامات تدل عليه قبل ظهوره .. منها خروج السفياني .. وقتل رجل من ولد الحسن بن علي (ع) يخرج بالمدينة داعياً إلى إمام الزمان .." المسائل العشر في الغيبة: 121.
18- "فيدكون نفساً من آل محمد (ص) فيذبحونه عن أحجار الزيت" كتاب الفتن لنعيم بن حماد المروزي: 200.
19- كتاب الفتن لنعيم بن حماد المروزي قال: "ويقتل أخوين من قريش من بني هاشم ويصلبهما على باب المسجد رجل وأخته يقال لهما محمد وفاطمة .." 426.
20- مختصر بصائر الدرجات: 185.
21- كنز العمال ج11/ 277، "عن علي بن أبي طالب (ع) قال: يهرب ناس من المدينة إلى مكة حين يبلغهم جيش السفياني .. قال: تستباح المدينة حينئذٍ وتقتل النفس الزكية".
22- "وقتل غلام من آل محمد (ص) بين الركن والمقام لسمه محمد بن الحسن النفس الزكية" كمال الدين وتمام النعمة للصدوق: 331، "النفس الزكية غلام من آل محمد اسمه محمد بن الحسن يقتل بلا جرم ولا ذنب، فإذا قتلوه لم يبق لهم في السماء عاذر ولا في الأرض ناصر، فعند ذلك يبعث الله قائم آل محمد في عصبة لهم أدق في أعين الناس من الكحل إذا خرجوا بكى لهم الناس لا يرون إلا أنهم يختطفون يفتح الله لهم مشارق الأرض ومغاربها ألا وهم المؤمنون حقا ألا أن خير الجهاد آخر الزمان" الغيبة للشيخ الطوسي: 464.
23- بحار الأنوار ج52/ 307، نص الرواية: يا قوم إن أهل مكة لا يريدونني، ولكني مرسل إليهم لاحتج عليهم بما ينبغي لمثلي أن يحتج عليهم. فيدعو رجلا من أصحابه فيقول له: امض إلى أهل مكة فقل: يا أهل مكة أنا رسول فلان إليكم وهو يقول لكم: إنا أهل بيت الرحمة، ومعدن الرسالة والخلافة ونحن ذرية محمد وسلالة النبيين، وأنا قد ظلمنا واضطهدنا، وقهرنا وابتز منا حقنا منذ قبض نبينا إلى يومنا هذا فنحن نستنصركم فانصرونا. فإذا تكلم هذا الفتى بهذا الكلام أتوا إليه فذبحوه بين الركن والمقام، وهي النفس الزكية، فإذا بلغ ذلك الإمام قال لأصحابه: ألا أخبرتكم أن أهل مكة لا يريدوننا، فلا يدعونه حتى يخرج فيهبط من عقبة طوى في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا عدة أهل بدر حتى يأتي المسجد الحرام، فيصلي فيه عند مقام إبراهيم أربع ركعات، ويسند ظهره إلى الحجر الأسود، ثم يحمد الله ويثني عليه، ويذكر النبي صلى الله عليه وآله ويصلي عليه ويتكلم بكلام لم يتكلم به أحد من الناس. فيكون أول من يضرب على يده ويبايعه جبرئيل وميكائيل، ويقوم معهما رسول الله وأمير المؤمنين فيدفعان إليه كتابا جديدا هو على العرب شديد بخاتم رطب، فيقولون له: اعمل بما فيه، ويبايعه الثلاثمائة وقليل من أهل مكة. ثم، يخرج من مكة حتى يكون في مثل الحلقة قلت: وما الحلقة؟ قال: عشرة آلاف رجل، جبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن شماله".
24- كتاب الغيبة للنعماني: 267، الغيبة للطوسي: 453 وعن أبي عبدالله (ع) "ليس بين قيام قائم آل محمد وبين قتل النفس الزكية إلا خمسة عشر ليلة" كمال الدين وتمام النعمة للصدوق: 649.
25- نعم، أورد الكليني في الكافي عن أبي عبدالله أن ثمة رجل وصفه بالحسني يقتل في مكة ويبعث رأسه إلى الشامي -السفياني- إلا أنها لم تصفه بالنفس الزكية وأنه يقتل بين الركن والمقام فلعله غير الذي وصفت الروايات قتله بالمحتوم وإن كان لا يبعد أن الحسني في هذه الرواية هو عينه الغلام الذي يقتل بين الركن والمقام فيكون المقتول بين الركن والمقام هو الحسني نفسه، خصوصاً وأن الرواية أفادت أن الظهور يكون بعد مقتله" لا حظ الكافي ج8/ 225.
26- كتاب الغيبة للنعماني: 269، وفي رواية أخرى وصفت هذه العلامات بالمحتومات عن أبي عبدالله (ع) قال: قبل قيام القائم خمس علامات محتومات: اليماني والسفياني والصيحة وقتل النفس الزكية والخسف بالبيداء: كمال الدين وتمام النعمة للصدوق: 650.
27- "ثم يخرج الحسني الفتى الصبيح الذي نحو الديلم! يصيح بصوت له فصيح يا آل أحمد أجيبوا الملهوف، والمنادي من حول الضريح فتجيبه كنوز الله بالطالقان كنوز وأي كنوز، ليست من فضة ولا ذهب، بل هي رجال كزبر الحديد، على البراذين الشهب، بأيديهم الحراب، ولم يزل يقتل الظلمة حتى يرد الكوفة وقد صفا أكثر الأرض، فيجعلها له معقلا. فيتصل به وبأصحابه خبر المهدي عليه السلام، ويقولون: يا ابن رسول الله من هذا الذي قد نزل بساحتنا، فيقول: اخرجوا بنا إليه حتى ننظر من هو؟ وما يريد؟ وهو والله يعلم أنه المهدي، وأنه ليعرفه، ولم يرد بذلك الأمر إلا ليعرف أصحابه من هو؟ فيخرج الحسني فيقول: إن كنت مهدي آل محمد فأين هراوة جدك رسول الله صلى الله عليه وآله وخاتمه، وبردته، ودرعه الفاضل، وعمامته السحاب، وفرسه اليربوع وناقته العضباء، وبغلته الدلدل، وحماره اليعفور، ونجيبه البراق، ومصحف أمير المؤمنين عليه السلام؟ فيخرج له ذلك ثم يأخذ الهراوة فيغرسها في الحجر الصلد وتورق، ولم يرد ذلك إلا أن يري أصحابه فضل المهدي عليه السلام حتى يبايعوه. فيقول الحسني: الله أكبر مد يدك يا ابن رسول الله حتى نبايعك فيمد يده فيبايعه ويبايعه سائر العسكر الذي مع الحسني .." بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 53 ص 16.
28- الظاهر أنه غيره فالمذكور فقد ورد في بعض المرويات ان الخراساني من ذرية الحسين (ع) لا حظ معجم أحاديث الإمام المهدي للشيخ الكوراني ج2/ 503.