الحبْوة في الميراث

 

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمدٍ وآل محمد

 

الحبوة لغةً واصطلاحاً:

تُستعملُ الحَبوة لغةً ويُراد بها العطيَّة دون مقابل، والكرامة يُكرِمُ بها الرجلُ أخاه أو صاحبه، وهي من الحِباء بمعنى العطاء دون منٍّ أو انتظارِ جزاء، يُقال: حَبا الرجلُ أخاه حِباءً، وحبوتُه وأحبوه حِباءً، ومنه الحديث المأثور: "ألَا أَمْنَحُكَ ألَا أُعْطِيكَ ألَا أَحْبُوكَ"([1]) ومن الحباء اشتُقَّت المحاباة في البيع، يقال: حابَيته في البيع مُحاباةً، والمحاباة تعني بيع الشيءِ بما دون ثمنه، فكأنَّ البائع قد منحَ المشتري وأعطاه ما زاد من قيمة المبيع دون مقابل.

 

فالحِباء مصدرٌ بمعنى العطاء، والحَبوة والحِبوة هو الشيء المُعطَى والممنوح، وقيل هي كذلك مصدر.

 

وأمَّا المراد من الحبوة بحسب اصطلاح الفقهاء فهي ما يختصُّ به الابن الأكبر -دون سائر الورثة- من تركة أبيه، فهي وصف لتلك الأموال العينية المخصوصة من تركة الأب التي تكون مستحقة للابن الأكبر دون سائر الورثة، والمقدار المتوافق عليه ممَّا يُعدُّ من الحبوة هي ثياب بدن الأب المتوفَّى ومصحفه وخاتمه وسيفه، فهذه الأعيان من التركة هي الموصوفة بالحبوة، تُعطى للاِبن الأكبر ابتداءً قبل القسمة ودون وصيَّة، فهي لا تدخل في القسمة بل هي مستحَقَّة للابن الأكبر وحده دون سائر الورثة، ويقتسم الورثة ما عداها من التركة فيكون للابن الأكبر ما لسائر إخوته من نصيب. فيكون بذلك قد حظيَ بنصيبه كاملًا مضافًا للحبوة التي اختصَّ بها دون سائر إخوته من أبناءِ المتوفَّى.

 

الروايات التي نصَّت على أنَّ للابن الأكبر الحبوة:

ويدلُّ على استحقاق الابن الأكبر للحبوة في الجملة -أي بقطع النظر عن مواردها- رواياتٌ مستفيضة:

 

منها: صحيحة حَرِيزٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (ع) قَالَ: "إِذَا هَلَكَ الرَّجُلُ فَتَرَكَ بَنِينَ فَلِلأَكْبَرِ السَّيْفُ، والدِّرْعُ، والْخَاتَمُ، والْمُصْحَفُ، فَإِنْ حَدَثَ بِه حَدَثٌ فَلِلأَكْبَرِ مِنْهُمْ"([2]).

 

ومنها: معتبرة ابن أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِه عَنْ أَحَدِهِمَا (ع): أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا تَرَكَ سَيْفًا وسِلَاحًا فَهُوَ لِابْنِه، وإِنْ كَانَ لَه بَنُونَ فَهُوَ لأَكْبَرِهِمْ"([3]).

 

ومنها: معتبرة رِبْعِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّه عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (ع) قَالَ: "إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ فَلِلأَكْبَرِ مِنْ وُلْدِه سَيْفُه ومُصْحَفُه وخَاتَمُه ودِرْعُه"([4]).

 

ومنها: صحيحة رِبْعِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّه عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (ع) قَالَ: "إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ فَسَيْفُه وخَاتَمُه ومُصْحَفُه وكُتُبُه ورَحْلُه ورَاحِلَتُه وكِسْوَتُه لأَكْبَرِ وُلْدِه، فَإِنْ كَانَ الأَكْبَرُ ابْنَةً فَلِلأَكْبَرِ مِنَ الذُّكُورِ"([5]).

 

ومنها: موثَّقة زرارة ومحمد بن مسلم وبكير وفضيل بن يسار عن أحدهما (عليه السلام): "إنَّ الرجل إذا ترك سيفًا أو سلاحًا فهو لابنه فإنْ كانوا اثنين فهو لأكبرهما"([6]).

 

ومنها: موثَّقة شعيب العقرقوفي قال: سألتُ أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يموتُ ما لَه من متاع بيته؟ قال: "السيف وقال: الميِّت إذا مات فإنَّ لابنه السيف والرحل والثياب ثياب جلده"([7]).

 

ومنها: موثَّقة أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: "الميِّت إذا مات فإنَّ لابنه الأكبر السيف، والرحل، والثياب: ثياب جلده"([8]).

 

تقريب الاستدلال بالروايات على استحقاق الابن الأكبر للحبوة:

فهذه الروايات صالحة لإثبات استحقاق الابن الأكبر للحبوة كما هو مقتضى ظهور اللام في قوله (ع): فَلِلأَكْبَرِ مِنْهُمْ"، وقوله: "فَهُوَ لأَكْبَرِهِمْ"، وقوله: "فَلِلأَكْبَرِ مِنْ وُلْدِه"، وقوله: "فَلِلأَكْبَرِ مِنَ الذُّكُورِ"، وقوله: "فهو لأكبرهما"، وقوله: "فإنَّ لابنه الأكبر" فإنَّ اللام في تمام هذه الفقرات ظاهرةٌ في الاستحقاق تمامًا كما هو مقتضى ظهور قوله تعالى: ﴿وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ﴾([9]) وقوله تعالى: ﴿وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ﴾([10]) وقوله تعالى: ﴿فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ﴾([11]) فإنَّ اللام في تمام هذا الموارد وشبهها ظاهرةٌ في الاستحقاق والملكيَّة.

 

اختلاف الروايات في تحديد ما يُحبى به الابن الأكبر:

نعم الروايات مختلفة في تحديد مقدار ما يُحبى به الابنُ الأكبر فاشتمل بعضُها على الكتب والرحل والراحلة كما في صحيحة ربعي، واقتصر بعضُها على الرحل دون الراحلة كما في صحيحة شعيب العقرقوفي وموثقة أبي بصير، وأضاف بعضُها الدرع كما في صحيحة حريز ومعتبرة ابن أبي عمير عن ابن أذينة وصحيحة ربعي، وأضاف بعضُها مطلق السلاح كما في موثَّقة الفضلاء ومعتبرة ابن أبي عمير عن ابن أذينة.

 

واتَّفقت الروايات -ظاهرًا -على السيف، وتضمَّن العديد منها الخاتم، والمصحف، وثياب جلده، وعبَّر بعضها عن الثياب بالكسوة، وهذه الموارد الأربعة أعني السيف والخاتم والمصحف والثياب هي التي يُفتي المشهور بأنَّها المقدار الذي يُحبى به الابنُ الأكبر من تركة أبيه، وما عدا ذلك لا يُعدُّ من الحبوة بنظر المشهور.

 

مناقشة ما عليه المشهور:

إلا أنَّ ما عليه المشهور منافٍ لِما أفادته الروايات المعتبرة من عدِّ الكتب والرحل والراحلة والدرع ومطلق السلاح ضمن ما يُحبى به الابن الأكبر، فالرواياتُ وإنْ اختلفت في تحديد وتعداد ما يُحبى به الابن الأكبر إلا أنَّ ذلك لا يمنع من العمل بمجموعها بعد البناء على اعتبارها من حيث السند، وبعد أنْ كان اختلافها في تحديد موارد الحبوة لا يُعدُّ من التعارض المستقر بين الروايات، فالرواية المتصدِّية لإثبات شيءٍ أنَّه من الحبوة لا تُعارضها الرواية التي لم تذكر ذلك الشيء ضمن موارد الحبوة، فليس في الروايات ما يدلُّ على الحصر ونفي ما عدا الموارد التي تصدَّت لذكرها، فغايةُ ما تدلُّ عليه كلُّ رواية هو أنَّ ما ذكرته يكون من الحبوة لكنَّها لا تنفي دخول موارد أخرى في الحبوة، تمامًا كان لو قال الإمام (ع) إنَّ الأكل والشرب يفطران الصائم، وقال في موضعٍ آخر إنَّ الأكل والشرب والجماع مفطِّر للصائم، وقال في موضعٍ ثالث إنَّ الاستمناء وتعمُّد البقاء على الجنابة يُفسدان الصوم، وقال في موضعٍ رابع: إنَّ الارتماس والتقيؤ يمنعان من صحَّة الصوم فإنَّه لا تعارض بين هذه النصوص المفترضة، ولهذا يتعيَّن عدُّ جميع ما ورد فيها من المفطرات، كذلك هو الشأن في المقام، ولهذا فمقتضى الصناعة كما هو المعروف في علم الأصول هو تعيُّن العمل بمجموع الروايات وهو ما يوجب البناء على أنَّ تمام الموارد التي نصَّت عليها الروايات المعتبرة تكون ضمن ما يُحبى به الابنُ الأكبر.

 

إشكالٌ وجواب:

قد يقال إنَّ الروايات المتصدِّية لتعداد ما يُحبى به الابن الأكبر وإنْ لم تشتمل كلُّ واحدة على ما يدلُّ على الحصر إلا أنَّه ونظرًا لتصدِّيها لتعداد ما يُحبى به الابن الأكبر تكون ظاهرة في الإطلاق المقامي بمعنى أنَّ الامام (ع) يكون في مقام بيان موارد الحبوة من التركة فيكون ذلك موجبًا لاستظهار أنَّ ما لم يذكره ليس من موارد الحبوة، وبذلك تكون الروايات متعارضة أي أنَّ التي لم تذكر الكتب مثلًا معارضة للرواية التي ذكرت أنَّ الكتب من الحبوة، إذ أنَّ التي لم تذكر الكتب ظاهرةٌ بمقتضى الإطلاق المقامي أنَّ الذي لم تذكره ليس من الحبوة، فهي إذن تنفي أنَّ الكتب من الحبوة فتكون معارضة للرواية التي ذكرت أنَّ الكتب من الحبوة.

 

والجواب أنَّه مع التسليم بظهور كلِّ رواية في الاطلاق المقامي فإنَّ أقصى ما يقتضيه ذلك أنَّ الرواية التي لم تذكر الرحل مثلًا تكون ظاهرةً في نفي أنَّ الرحل من الحبوة، وذلك في مقابل الرواية التي ذكرت الرحل ضمنَ موارد الحبوة فإنَّها تكون نصًّا صريحًا في عدِّ الرحل من الحبوة، ومن الواضح أنَّه مع تعارض النصِّ الصريح مع الظاهر يتعيَّن حملُ الظاهر على ما يقتضيه النصُّ الصريح، أي أنَّ قيام النصِّ الصريح على عدِّ الرحل من الحبوة ينفي ما ظهر بدوًا من الروايات التي سكتت عن ذكر الرحل ضمن الحبوة.

 

وعليه فالمتعيَّن هو أنَّ مجموع ما ذكرته الروايات المعتبرة من موارد الحبوة تُعدُّ من الحبوة المُستحقَّة للابن الأكبر إلا أنْ يكون ثمة تسالمٌ على عدم تجاوز موارد الحبوة للأعيان الأربعة كما هو غير مستبعَد، إذ أنَّه حتى القائلين باستحباب الحبوة لم يتجاوزوا الأربعة([12]) لذلك فالأحوط التصالح فيما عدا الموارد الأربعة مع سائر الورثة.

 

بقي البحث حول عددٍ من الفروع:

فرض التعدُّد للأصناف المذكورة:

الأول: لو كان ما خلَّفه الأب من موارد الحبوة متعدِّدًا كما لو كان له أكثر من خاتم، وأكثر من سيف، وأكثر من مصحف، فهل تدخل جميعُها في الحبوة؟

 

والجواب:

أمَّا بالنسبة للثياب فتدخل جميعها في الحبوة، وذلك لظهور قوله (ع) "والثياب ثياب جلده" في استغراق المجموع، فتدخل تحت هذا العنوان ثيابُ الشتاء وثيابُ الصيف التي أعدَّها لنفسه، وكذلك الثياب التي يلبسها أو أعدَّها ليلبسها في منزله وخلواته والثياب التي أعدَّها للتجمُّل والزينة، وكذلك يدخل تحت هذا العنوان مثل العمامة والقلنسوة وما يتقنَّع به بل لا يبعد دخول مثل الجورب والمنطقة.

 

وأمَّا بالنسبة للخاتم والسيف والمصحف لو تعدَّد شيءٌ منها فهل يكون مجموع المتعدِّد من هذه الأصناف داخلًا في الحبوة أو أنَّه لا يدخل في الحبوة إلا فردٌ من كلِّ صنف ويبقى ما عداه ضمن التركة المستحقَّة لجميع الورثة؟

 

قد يُقال إنَّ المستظهر من الروايات هو دخول الأصناف الثلاثة في الحبوة سواءً تعدَّدت أو اتَّحدتْ، فكلُّ ما صدق عليه أنَّه -مثلًا- خاتمٌ للأب فهو من الحبوة، وحيث إنَّ التعدُّد لا ينفي عن كلِّ فردٍ أنَّه خاتم الأب بل يصحُّ أنْ يُشار إليه فيُقال هذا خاتم الأب لذلك يتعيَّن دخوله في الحبوة.

 

وبتعبيرٍ أخر: إنَّ ما يُحبى به الابن الأكبر من تركة أبيه -بحسب الروايات- هو خاتمُه، فكلُّ ما صدق عليه هذا العنوان يكون ممَّا يُحبى به الابن الأكبر وهكذا هو الشأن في السيف والمصحف، فكما يصدقُ عنوان سيف أبيه على السيف الأول يصدقُ على السيف الثاني والثالث على حدِّ صدقه على الأول دون أدنى عناية.

 

والجواب: إنَّ إرادة العنوان الكلِّي من مثل قوله: "سَيْفه ومُصْحَفه وخَاتَمه" خلاف الظاهر، بل الظاهر هو إرادة شخص سيف الأب، وشخص مصحفه وخاتمه، وذلك لا يكون إلا في فرض الاتِّحاد، وأمَّا التعدد فهو فرض مسكوتٌ عنه في الروايات، ولذلك لا ينقطعُ سؤال المتلقِّي في فرض التعدُّد عند سماع قول الإمام (ع): "إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ فَسَيْفُه وخَاتَمُه ومُصْحَفُه.. لأَكْبَرِ وُلْدِه" بل يجدُ المتلقِّي نفسَه بحاجةٍ إلى أنْ يسأل الإمام (ع) وماذا لو خلَّف الأب أكثر من خاتمٍ وأكثر من سيفٍ ومصحف، وهو ما يدلُّ على عدم ظهور الخطاب في إرادة اسم الجنس والعنوان الكلِّي.

 

ولعلَّ منشأ عدم تصدِّي الإمام (ع) لبيان حكم التعدُّد هو أنَّ الحالة العامة والمتعارفة هي أنْ لا يكون للرجل أكثر من سيفٍ ومصحفٍ وخاتم، ويؤكِّد ذلك أنَّه لما كانت الحالة المتعارفة هي أن يكون للرجل ثياب متعدِّدة وكتب متعددة إذا كان ممَّن يقتني الكتب لذلك تصدَّى الإمام(ع) لبيان حكم هذا الفرض أعني فرض التعدُّد.

 

وعليه فإنَّ فرض التعدُّد لمثل الخاتم مسكوتٌ عنه في الروايات، وحيث كان من المستبعَد أن يُحبى الابن الأكبر خاتم أبيه في فرض الاتِّحاد ويُحرم منه بالكليَّة في فرض التعدُّد لذلك فالظاهر أو الأحوط في فرض التعدُّد أنْ يحبى خاتمًا واحدًا يتمُّ تشخيصه بالتصالح مع الورثة، وهكذا هو الشأن في السيف والمصحف، وأحوط من ذلك هو التصالح على ما زاد على الواحد من الأصناف المذكورة.

 

الفرع الثاني: هل تُعدُّ الساعة والسيارة من الحبوة؟

والجواب: أمَّا الساعة فلا تعدُّ من الحبوة دون إشكالٍ ظاهرًا فإنَّها لا تدخل تحت شيءٍ من الأصناف المذكورة في الروايات، ودعوى استظهار أنَّ الحبوة هي مطلق مختصَّات الرجل المتوفَّى لا دليل عليها، فليس في الروايات إطلاق يمكن التمسُّك به لإثبات هذه الدعوى، غايته أنَّه يمكن تصيُّد إرادة ذلك من ملاحظة مجموع الروايات المتصدِّية لتعداد موارد الحبوة لكنَّ ذلك لا يُنتج أكثر من الاحتمال، وعلى أحسن التقادير فهو لا يُنتج أكثر من الظن، وهو لا يغني من الحقِّ شيئًا، لذلك فالمتعيَّن في كلِّ موردٍ لم يتمُّ النصُّ على أنَّه من الحبوة هو أنَّه من الميراث المستحَق لعموم الورثة.

 

وأمَّا السيارة فقد يُقال بصدق عنوان الراحلة -والتي نصَّت مثل صحيحة ربعي- عليها فبناءً على عدم اختصاص الحبوة بالموارد الأربعة وشمولها لمثل الراحلة تكون السيارة من الحبوة، إلا أنَّ في صدق عنوان الراحلة على السيارة تردُّد، وعليه فالمرجع هو عمومات ما دلَّ على أنَّ كلَّ ما يتركه الميِّت فهو ميراث لعموم الورثة.

 

الفرع الثالث: هل يكون المصحف من الحبوة لو كان الأب المتوفَّى أعمى؟

ذهب عددٌ من الأعلام إلى أنَّه لا يعدُّ من الحبوة في مثل هذا الفرض لأنَّ المستظهَر من الروايات هو أنَّ الذي يكون من الحبوة هو المصحف الذي يتَّخذه الرجل لنفسه يقرأ فيه القرآن وهذا الفرض منتفٍ عن مثل الأعمى.

 

إلا أنَّ الظاهر هو أنَّه من الحبوة حتى لو كان صاحبُه أعمى، وذلك لظهور مثل قوله: "فَلِلأَكْبَرِ السَّيْفُ، والدِّرْعُ، والْخَاتَمُ، والْمُصْحَفُ" في الإطلاق فهو غير قاصرٍ عن الشمول حتى لمثل الفرض المذكور، على أنَّ عدَّ المصحف من مختصَّات الرجل لا ينحصرُ بفرض إمكانية القراءة فيه، فقد يتخذه لنفسه حرزًا ويتَّخذه ليتبرك به ويصطحبه في أسفاره وموضع منامه، وقد يتصفَّحه حين يتلو القرآن عن ظهر قلب التماسًا للبركة، ولذلك فالروايات التي عدَّت مصحف الرجل من الحبوة غير قاصرة عن الشمول للأعمى.

 

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور

5 / ذو القعدة / 1442هـ

16 / يونيو / 2021م


[1]- الكافي -الكليني- ج3 / ص465.

[2]- الكافي -الكليني- ج7 / ص85.

[3]- الكافي -الكليني- ج7 / ص85.

[4]- الكافي -الكليني- ج7 / ص86.

[5]- الكافي -الكليني- ج7 / ص86.

[6]- تهذيب الأحكام -الطوسي- ج9 / ص276.

[7]- تهذيب الأحكام -الطوسي- ج9 / ص276.

[8]- وسائل الشيعة -الحر العاملي- ج26 /.

[9]- سورة النساء / 12.

[10]- سورة النساء / 12.

[11]- سورة النساء / 11.

[12]- جواهر الكلام -النجفي- ج39 / ص130.