أبوال الإبل للتداوي

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

المسألة:

ورد في كتاب الباقيات الصالحات للمحدِّث القمي (رحمه الله) أنَّ رجلا شكا لأحد الأئمة (عليهم السلام) تضايق النفس إذا مشى؛ فنصحه بشرب أبوال الإبل، ما مدى صحة هذا الحديث وملائمته للحقائق العلميَّة؟

الجواب:

الحديث المشار إليه هو أنّ المفضّل شكا إلى الصادق (ع) ضيق النفس، وقال إنّي إذا سرتُ قليلاً تضايق نفسي، فأضطرُّ إلى الجلوس، فقال له: "اشربْ من أبوال الإبل ليسكن الداء"(1).

والظاهر أنَّ الشيخ عباس القمي (رحمه الله) قد نقل الحديث بالمعنى، ونصُّه كما في طبِّ الأئمة (ع) لعبد الله والحسين بن بسطام بسندٍ عن المفضل بن عمر قال: سألتُ أبا عبد الله عليه السلام قلتُ يا ابن رسول الله إنَّه يُصيبني ربو شديد إذا مشيت حتى لربما جلستُ في مسافةٍ ما بين داري ودارك في موضعين قال: يا مفضل اشرب أبوال اللِّقاح قال: فشربتُ ذلك فمسح اللهُ دائي" وأورده صاحب الوسائل مختصراً بذات السند عن أبي عبد الله (ع) أنَّه شكا إليه الربو الشديد فقال: "اشرب له أبوال اللِّقاح، فشربتُ ذلك، فمسح اللهُ دائي"(2).

وأبوال اللِّقاح هي أبوال الإبل ذوات اللبن، وسندُ الرواية لا يخلو من اشكال إلا أنَّ الذي لا إشكال فيه هو أنَّ أبوال الإبل وكذلك مطلق الابوال الطاهرة المتَّخذة من الحيوانات المحلَّلة الأكل ممَّا يجوز شربُها للتداوي بها إذا شخَّص ذلك الطبيب الحاذق.

وأمَّا شربها لغير التداوي فهو محرم، ويدلُّ على ذلك موثَّقة عمار الساباطي عن أبي عبد الله (ع) في حديث، قال: سُئل عن بول البقر يشربُه الرجل؟ قال: إنْ كان محتاجاً إليه يتداوى به شربه، وكذلك بول الإبل والغنم"(3) فمفهوم هذه الرواية المعتبرة أنَّه لا يجوز شربه لغير التداوي، ومِن الواضح أنَّ تشخيص صلاحية الشيء للعلاج إنَّما هي لمثل الطبيب، ولا يمتنع أنْ يكون البول صالحاً لعلاج بعض الأمراض، والرواية التي نقلها القمي تتحدَّث عن واقعة شخصية لعلَّ الإمام (ع) شخَّص فيها أنَّ علاج ما يجدُه السائل من مرض هو شرب أبوال اللقاح.

وأمَّا قذارة أبوال الإبل فهي وإنْ كانت مسلَّمة لكنَّ ذلك لا يقتضي حرمتها بعد أنْ كانت طاهرة وكان الغرض من تناولها هو التداوي بعد تشخيص صلاحيتها لذلك ممَّن له الأهلية للتشخيص، فإنَّ الكثير من الأدوية تكون مستقذرة، ولا يرى العقلاء محذوراً في تناولها للمريض إذا وُصفتْ له من قِبَل من له الأهلية لذلك.

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور

4 / مايو / 2013م

1- مفاتيح الجنان (عَرَبِيًّ) -الشيخ عباس القمي (مترجم: نجفي)- ص1045.

2- طب الأئمة -عبد الله وحسين بن سابور الزيات (ابنا بسطام النيسابوري)- ص103، وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج25 / ص115.

3- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج3 / ص410.