دية اللَّطمةِ على الوجه

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

المسألة:

ما هو مقدار دية اللَّطمة على الوجه إذا أدَّت إلى الاحمرار أو الاخضرار أو الاسوداد؟

الجواب:

المشهور بل ادُّعي الإجماع(1) على أنَّ دية اللَّطمة على الوجه دينار ونصف الدينار إذا كان أثرها الاحمرار، وثلاثة دنانير إذا كان أثرها الاخضرار، وأمَّا إذا كان الأثر المترتِّب عن اللَّطمة هو الاسوداد فتحديد مقدار الدية وقع موقع الخلاف، فالأكثر -كما في الرياض(2)- أنَّ مقدار الدية في فرض الاسوداد ستة دنانير، ونُسب إلى السيد المرتضى والشيخ المفيد والسيد ابن زهرة وابن إدريس البناء على أنَّ مقدار الدية في هذا الفرض ثلاثة دنانير أيضاً وادَّعى السيدان على ذلك الإجماع(3) -وتمسَّك ابنُ إدريس بأصالة براءة الذمة من الاشتغال بما زاد على الثلاثة دنانير(4).

ومستند القول الأول هو موثَّقة إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (ع) قَالَ: قَضَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (ع) فِي اللَّطْمَةِ يَسْوَدُّ أَثَرُهَا فِي الْوَجْه أَنَّ أَرْشَهَا سِتَّةُ دَنَانِيرَ، فَإِنْ لَمْ تَسْوَدَّ واخْضَرَّتْ فَإِنَّ أَرْشَهَا ثَلَاثَةُ دَنَانِيرَ، فَإِنِ احْمَرَّتْ ولَمْ تَخْضَرَّ فَإِنَّ أَرْشَهَا دِينَارٌ ونِصْفٌ"(5).

وعليه فالمتعيَّن هو ما عليه الأكثر من كون دية الاسوداد ستة دنانير، ودعوى الاجماع من السيدين على خلاف ذلك لم تثبت بل الثابت هو خلافه، وأمَّا التمسُّك بأصالة البراءة من الزائد فلا يُصار إليه بعد قيام الدليل المعتبر -وهو صحيحة إسحاق بن عمار- على أنَّ مقدار دية اللَّطمة إذا اسودَّ أثرُها هو ستةُ دنانير.

هذا فيما لو كانت الجناية في الوجه، وأما لو كانت على سائر البدن فمقدار الدية يكون على النصف، بمعنى أنَّ دية الاحمرار ثلاثة أرباع الدينار، ودية الاخضرار دينارٌ ونصف، ودية الاسوداد ثلاثةُ دنانير.

ومستندُ ذلك ما ورد في ذيل موثَّقة إسحاق بن عمار بحسب ما أورده الشيخ الصدوق في الفقيه بسندٍ معتبر عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال: "سألتُه عن رجلٍ لطمَ رجلاً على وجهه فاسودَّت اللَّطمة، فقال: إذا اسودَّت اللَّطمة ففيها ستةُ دنانير، وإذا اخضرَّت ففيها ثلاثةُ دنانير، وإذا احمرَّت ففيها دينارٌ ونصف، وفي البدن نصفُ ذلك"(6).

فهذه الرواية هي ذاتها التي أوردها الكليني في الكافي إلا أنَّها في الفقيه اشتملتْ على زيادة وهي قوله: "وفي البدن نصفُ ذلك" ولا مانع من اعتماد هذه الزيادة بعد البناء على صحَّة طريق الشيخ الصدوق للرواية ولعدم التنافي بين النقلين في الزيادة والنقيصة.

وعليه فالمتعيَّن هو البناء على أنَّ دية الحالات المذكورة هو النصف كما هو مذهب المشهور بل ادُّعي على ذلك الإجماع (7)- وإنْ توقَّف بعض الأعلام في ذلك ونُسب إلى المحقّق الأردبيلي الميل إلى العدم وأنّ مقتضى القاعدة هو الحكومة(8).

والحمد لله ربِّ العالمين

 

الشيخ محمد صنقور

16 / جمادى الأولى / 1443ه

21 / ديسمبر / 2021 م

 

[1]- جواهر الكلام -الشيخ محمد حسن النجفي- ج43 / ص346

[2]- رياض المسائل -السيد علي الطباطبائي- ج16 / ص526.

[3]- جواهر الكلام -الشيخ محمد حسن النجفي- ج43 / ص347.

[4]- السرائر -ابن إدريس الحلِّي- ج3 / ص410.

[5]- الكافي -الكليني- ج7 / ص333، من لا يحضره الفقيه -الصدوق- ج4 / ص159.

[6]- من لا يحضره الفقيه -الصدوق- ج4 / ص159.

[7]- جواهر الكلام -الشيخ محمد النجفي- ج43 / ص347.

[8]- مباني تكملة المنهاج -السيد الخوئي- ج42 / ص487.