عدَّة الوفاة للمتمتع بها

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

المسألة:

هل يلزم الزوجة المتمتَّع بها أنْ تعتدَّ عدَّةَ الوفاة لو مات عنها زوجُها وهي في عهدته قبل أنْ ينقضي أجلها؟ وكم هو مقدار عدَّتها منه؟

الجواب:

لا خلاف بين الفقهاء في وجوب عدَّة الوفاة على الزوجة المتمتع بها(1) إذا كان زوجها قد توفي عنها وهي بعدُ في عهدته، وأما ما هو مقدار العدَّة فالمشهور بين الفقهاء هو أنَّ مقدار عدَّتها هو ذاته مقدار عدة الزوجة الدائمة المتوفَّى عنها زوجها. وهو أربعةُ أشهرٍ وعشرة أيام.

وفي مقابل فتوى المشهور نُسب إلى عددٍ من الفقهاء القول بأنَّ عدَّة الوفاة للمتمتَّع بها نصف عدة الدائمة المتوفي عنها زوجها وهو شهران وخمسة أيام، نُسب ذلك لمثل الشيخ المفيد والسيد المرتضى والعماني وسلار وابن أبي عقيل(2)

مستندُ فتوى المشهور:

وأمَّا مستندُ فتوى المشهور فهو إطلاق الآية وهي قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾(3) فإنَّ المتمتع بها زوجة حقيقة ولذلك فهي مشمولة لإطلاق الأمر بالتربص في المقدار المذكور في الآية.

ويدلُّ على ذلك أيضاً صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألتُ أبا عبد الله (عليه السلام) عن المرأة يتزوَّجها الرجلُ متعةً ثم يتوفَّى عنها زوجها، هل عليها العدَّة؟ فقال: تعتدُّ أربعةَ أشهرٍ وعشرا .."(4).

وصحيحة زرارة قال: سألتُ أبا جعفر (عليه السلام) ما عدَّةُ المتعة إذا مات عنها الذي تمتَّع بها؟ قال: أربعة أشهر وعشرا .."(5).

مستندُ القول بأنَّها خمس وستون يوماً:

وأما مستند القول بأنَّ عدة الوفاة للمتمتع بها هو شهران وخمسة أيام فهي رواية علي بن عبيد الله بن علي بن أبي شعبة الحلبي، عن أبيه، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألتُه عن رجلٍ تزوَّج امرأةً متعةً ثم مات عنها ما عدَّتُها؟ قال: خمسة وستون يوما"(6).

فهذه الرواية وإنْ كانت ظاهرة فيما ذهب إليه الأعلام المذكورون إلا أنَّها ضعيفة السند بالإرسال، ولذلك فهي ساقطة عن الاعتبار، ولو قطعنا النظر عن سندها وبنينا على اعتباره فهي معارضة بصحيحتي عبد الرحمن وزرارة فيكون المرجع هو مرجحات باب التعارض وهي تقتضي ترجيح الصحيحتين لموافقتهما لظاهر الكتاب المجيد.

وثمة رواية أخرى أوردها الشيخ في التهذيب بسنده عن علي بن يقطين عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: عدَّة المرأة إذا تمتع بها فمات عنها زوجها خمسة وأربعون يوما"(7).

والظاهر أنَّه لم يفتِ أحدٌ بمضمونها، وهي مع ذلك ليست نقية السند ظاهراً، ومع قطع النظر عن كلِّ ذلك فهي معارضة بالصحيحتين، فيكون الترجيح لهما لموافقتهما لظاهر الكتاب العزيز.

وقد حملها الشيخ رحمه الله(8) على وقوع الموت أثناء عدتها بعد انقضاء الأجل، ولا شاهد لهذا الحمل إلا أنْ يُقال إنَّه حيث كان من المعلوم بمقتضى الروايات أنَّ عدَّة المتمتع بها بعد انقضاء أجلها خمس وأربعون يوماً فإنَّ ذلك يكون قرينة على أنَّ مفروض السؤال هو أنَّ الزوج قد توفي بعد بينونتها منه بانقضاء الأجل وقبل انقضاء عدَّتها منه فجاء الجواب أنَّه ليس عليها سوى إتمام عدَّتها منه وهي خمس وأربعون يوماً والتي بدأت فور انقضاء الأجل.

والمتحصَّل مما ذكرناه أنَّ عدَّة الوفاة للزوجة بالزواج المنقطع هي ذاتها العدَّة في المقدار للزوجة الدائمة وهي أربعة أشهر وعشرة أيام.

والحمد لله ربِّ العالمين

 

الشيخ محمد صنقور

5 / جمادى الأولى / 1444ه

30 / نوفمبر / 2022م

---------------------------

1- جواهر الكلام -الشيخ حسن النجفي- ج30 / ص200.

2- جواهر الكلام -الشيخ حسن النجفي- ج30 / ص200، الحدائق ج 24 / ص190. 

3- سورة البقرة / 234.

4- وسائل الشيعة -الحر العاملي- ج22 / ص275.

5- وسائل الشيعة -الحر العاملي- ج22 / ص275.

6- وسائل الشيعة -الحر العاملي- ج22 / ص276.

7- تهذيب الأحكام -الشيخ الطوسي- ج8 / ص158، وسائل الشيعة -الحر العاملي- ج22 / ص276.

8- تهذيب الأحكام -الشيخ الطوسي- ج8 / ص158.