حديثٌ حولَ سورةِ العصر -2

أعوذُ بالله من الشيطان الرجيم

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

الحمدُ لله ذي المُلكِ والملكوت، والحمدُ لله ذي العزَّةِ والجبروت، والحمدُ لله الحيِّ الذي لا يموت، والحمدُ لله العزيزِ الجبَّار، الحليمِ الغفَّار، الواحدِ القهَّار، الكبيرِ المتعالِ، اللهمَّ إنَّك تَرَى ولا تُرَى، وأنتَ بالمَنظرِ الأعلى، وإنَّ بيدكَ المماتَ والمَحيا، وإنَّ إليك المنتهى والرجعي، وإنَّا نعوذُ بك أنْ نذِلَّ ونخزى. وأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَحْدَه لَا شَرِيكَ لَه، وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً (ص) عَبْدُه ورَسُولُه، انْتَجَبَه لِوَلَايَتِه، واخْتَصَّه بِرِسَالَتِه، وأَكْرَمَه بِالنُّبُوَّةِ أَمِيناً عَلَى غَيْبِه ورَحْمَةً لِلْعَالَمِين.

 

عبادَ الله اتَّقُوا اللَّه، وصُونُوا دِينَكُمْ بِالْوَرَعِ، فَإِنَّه لَا يُنَالُ مَا عِنْدَ اللَّهِ إِلَّا بِالْوَرَعِ، ومَنْ لَقِيَ اللَّه عَزَّ وجَلَّ مِنْكُمْ بِالْوَرَعِ كَانَ لَه عِنْدَ اللَّه فَرَجاً، وإِنَّ اللَّه عَزَّ وجَلَّ يَقُولُ: ﴿مَنْ يُطِعِ الله والرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ والصِّدِّيقِينَ والشُّهَداءِ والصَّالِحِينَ وحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقا﴾.

 

يقول الله تعالى في محكم كتابه المجيد:

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

﴿وَالْعَصْرِ / إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ / إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾(1).

 

كنَّا قد توقَّفنا عند الاحتمال الأول للمراد من العصر المُقسَمِ به في السورة المباركة

 

العصر هو الوقتُ الذي يَلي وقتَ الظهرِ:

والاحتمال الثاني: هو أنَّ المرادَ من العصر الذي أقسمت به السورة المباركة هو الوقتُ الذي يَلي وقتَ الظهرِ، فهو الجزءُ الأخيرُ من النهار المُعبَّرُ عنه بالعَشي، وبه أو بمُضيِّه يتحقَّقُ إدبارُ النهار وإقبالُ الليل كما أنَّه بشروقِ الشمسِ يتحقَّقُ إقبالُ النهارِ وإدبارُ الليل، وقد أقسمَ القرآنُ بالليلِ إذا يغشى، وأقسم بالنهارِ إذا تجلَّى، وأقسم ببعض آناتِ النهار، فأقسَمَ بالصبحِ إذا تنفَّس وأقسمَ بالضحى وبالفجرِ، كلُّ ذلك لغرضِ التنبيه على قدرتِه وتدبيره لشئون الكون، فالليلُ والنهارُ يتعاقبانِ دونَ اختيارٍ من الإنسان، والفجرُ يَسبقُ الضحى، والضحى يسبقُ العصر، والعصرُ يؤذِنُ بإدبارِ النهارِ وإقبالِ الليل، ولا يَملكُ من أحدٍ تقديمَ ما شاء اللهُ تأخيرَه كما لا يسعُ من أحدٍ أنْ يَصدَّ الليلَ عن الإقبالِ إذا أدبر النهارُ أو يصدَّ النهارَ عن الإقبال إذا أدبرَ الليلُ.

 

الغاية من القسَمِ بالظاهر الكونيَّة:

إنَّ القرآن حينَ يُكثرُ من القسَمِ بهذه الظواهر الكونيَّة والتي تجري وفقَ نظامِ منقطعِ النظير في الإحكام والإتقان يستهدفُ التنبيهَ للإنسان، إذ أنَّ طبعَ الإنسانِ الذهولُ والغفلةُ عمَّا اعتاد مشاهدتَه، فرغم أنَّ هذه المشاهدَ والظواهرَ هي آيةُ وجودِه تعالى، وبرهانُ قدرتِه وحُسنِ تدبيرِه لكنَّ الإنسانَ في ذهولٍ عنها لأنَّ طبعه الغفلةُ عمَّا اعتاد مشاهدته، ولذلك يُكثرُ القرآنُ من القسَمِ بهذه الظواهر ليستثيرَ بها دفائنَ العقولِ قال تعالى: ﴿سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾(2).

 

ثم إنَّ القسَمَ بالعصرِ والضحى والفجرِ وغيرِها مِن آناتِ الليلِ والنهارِ فيه اشارةٌ وتذكيرٌ بما امتنَّ اللهُ تعالى به على عباده، فإنَّ هذا التقسيمَ لآنات الليل والنهار بما ينطوي عليه من تفاوتٍ في الآثار الحسيَّة والمعنويَّة هو سرُّ حيويَّة الحياة، فلو كان الزمنُ على وتيرةٍ واحدة كما لو كان دائمَ الظلمة أو دائمَ الضياء أو كان الضياءُ والإشراقُ على نسقٍ واحدٍ وطبيعةٍ واحدة لكانَ ذلك باعثًا على السأمِ والضجَرِ، وبه يكون الكسلُ والتبرُّمُ وضيقُ الصدر هو الطابعَ الذي تصطبغُ به حياةُ الإنسان، لكنَّ اللهَ تعالى بلطفِه وحُسنِ تدبيره لشئونِ عبادِه لم يجعل الزمنَ على وتيرةٍ واحدة بل قسَّمه وفاوَتَ بين طبائعه وآثاره، وذلك هو ما أسهمَ في حيويَّة الحياة وتجدُّدِها، وقد ذكَّر القرآنُ بذلك في أكثرِ من موضعٍ، قال تعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ / قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾(3).

 

العصر هو عصرُ النبيِّ الكريم (ص)

الاحتمال الثالث: أنَّ المراد من العصرِ الذي أقسمتْ به السورةُ المباركة هو عصرُ النبيِّ الكريم (ص)، في مقابلِ عصرِ الجاهلية والعصورِ التي لحِقتْ عصرَ النبوَّة، والعصرُ بهذا التصنيف يُطلقُ على حُقبةٍ زمنيَّة تميَّزت بمميزاتٍ خاصَّة لا تتصلُ بحركة الزمن، وإنَّما تتَّصلُ بالأحداثِ التي وقعت في حقبةٍ من الزمن فصار ذلك الزمنُ ظرفًا لها أو تتَّصل بالأفكار أو غيرها من الشئون التي وقعت فكان ذلك الزمن ظرفًا لها، فالعصرُ بهذا المعنى حُقبةٌ زمنيَّة غيرُ قابلةٍ للتكرار، وهذا بخلاف العصرِ بالمعنى السابق فهو قطعةٌ زمنية تتكرَّرُ بتعاقبِ الليل والنهار، واعتبارُها قسمًا من الزمن كان بلحاظ حركةِ ذاتِ الزمن وليس بلحاظ ما يكونُ الزمنُ ظرفًا له.

 

فالتقسيمُ تارةً يكونُ بلحاظِ حركةِ الزمن فتكونُ الأقسامُ مثلَ الفجرِ والضحى والعصر والليل والنهار واليوم والشهر والسنة، وتارةً يكونُ التقسيمُ بلحاظ ما يقعُ في إطار الزمن دون أن يكون للزمنِ دخلٌ فيه، وذلك كتقسيمِ تاريخ الإسلام إلى عصر النبوَّة، وعصر الخلفاء، والعصر الأموي، والعصر العباسي، والعصر العثماني، فهذا التقسيمُ لوحظَ فيه قطعةٌ زمنية من تاريخ الإنسان ثم تمَّ تقسيمُها بلحاظ ما وقع فيها من أحداثٍ وشؤون ميَّزت كلَّ قسمٍ عن الآخر، وقد تكونُ القطعةُ الزمنيَّة التي يُراد تقسيمُها أوسعَ وقد تكونُ أضيق، فيُمكن مثلًا تقسيمُ تاريخِ الإنسانِ منذُ نشأته إلى يومنا هذا بلحاظِ ما وقع له من تطوُّرٍ في الأفكارِ والثقافاتِ يُمكن تقسيمُه مثلًا إلى العصر البدائي، والعصر الحجري، والعصر الصناعي، وعصر الذرَّة، وعصر الفضاء وهكذا.

 

وخلاصةُ القول فإنَّ هذا النحو من التقسيم يقومُ على أساس ملاحظة ما يقعُ في إطار الزمنِ وليس بلحاظ ذاتِ الزمن، فإنَّ الزمنَ أجزاءه وآناته متشابهة، فهو ليس شيئا آخر غيرَ تعاقبِ الليل والنهار، ولهذا فهي على وتيرةٍ واحدة منذ بداية النشأةِ وإلى أنْ تقومَ الساعة، فالأزمانُ إنَّما تتمايزُ بما يقعُ فيها مِن أحداثٍ وأفكارٍ وثقافات، فذلك هو ما يُصحِّح تقسيمُها.

 

الغاية من القسَم بعصر النبوَّة:

ثم إنَّ تقسيمَ الإنسان للأزمنة يتمُّ غالبًا على أساسِ ما يقعُ فيها من أحداثٍ كبرى، لها تأثيرٌ سيءٌ أو حسَنٌ على حياة الإنسان في ظرفِ وقوعِها، وقد يكون لها تأثير على أجيالٍ متعاقبة. وعلى هذا الأساس تمَّ توصيفُ الزمن الذي بُعثَ فيه النبيُّ (ص) إلى أنْ رحلَ بعصر النبوة أو عصر النبيِّ محمد (ص) ففي هذه الحُقبةِ الزمنية وقعٌ انقلابٌ نوعيٌّ هائل امتدَّ تأثيره ليس على حياةِ الإنسان في الجزيرةِ العربيَّةِ وحسب بل في مُجمل رقعةِ الأرض المأهولةِ للإنسان، وظلَّ أثرُه وتأثيرُه ماثلًا ومتفاعلًا إلى يومِنا هذا، وسيظلُّ كذلك إلى أنْ تقوم الساعة، وهذا التأثيرُ وإنْ تفاوتْ ارتدادُه من بقعةٍ جغرافيةٍ إلى أخرى إلا أنَّه لم يستثنِ بقعةً في الأرض دون أنْ يتركَ نحوَ تأثيرٍ عليها، كما أنَّ الأثرَ الذي خلَّفته أحداثُ تلك الحُقبة مِن الزمن لم تقتصرْ على الشأنِ الديني بمعناه الخاصِّ بل استوعبَ مثلَ الشأنِ السياسيِّ والثقافيِّ والفكريِّ والاجتماعيِّ.

 

وعليه فسورةُ العصر تُقسِمُ -بناءً على الاحتمال الثالث- بعصر النبوَّة لِمَا له من هذا التأثير الذي أشرنا إليه، ولِمَا تميَّزَ به عن سائر العصور بأنَّه العصرُ الذي خُتمتْ فيه النبوَّات وأكمَلَ اللهُ تعالى فيه للإنسان دينَه، وفيه وهبَ اللهُ الإنسانَ من عنده كتابًا عصَمَه من التحريف، وضمِنَ للبشرية باتِّباعه عدمَ الضلال، وفي هذه الحقبةِ من الزمن تصدَّعت أركانُ الوثنيَّة في العديد من بقاع الأرض وتهاوتْ حصونُها في عمومِ أرجاء الجزيرة العربيَّة، وفيها امتدَّ الإسلامُ وتجذَّر في الأرضِ حتى يئس المُضلُّون من استئصاله كما قال تعالى: ﴿الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ﴾(4).

 

في هذه الحقبةِ تحطَّمت الأغلالُ التي كانت تُثقل كاهلَ البشريَّة:

وفي هذه الحقبةِ تحطَّمت الأغلالُ التي كانت تُثقل كاهلَ البشريَّة فليس للقويِّ أنْ يستعبدَ الضعيفَ، وليس للثريِّ أنْ يستضعفَ الفقير، ولا تفاضلَ بالأعراق والأنساب فالناسُ سواسية، والحقُّ الثابتُ لأحدِهم ثابتٌ بعينِه للآخر، والميزانُ الذي يجبُ أنْ تُساسَ به العباد هو العدلُ والإنصاف، فالظلمُ ممقوتٌ منبوذ، والعنفُ والقسوةُ والعدوانُ شيمةُ السباع، والاستكبارُ والاستعلاءُ والفخرُ والخيلاءُ والأنانيةُ والاستئثار والجشعُ والتحلُّل والاستهتارُ يجب أن يُستعاضَ عنها بالتواضعِ والتسامحِ والإيثارِ والقناعةِ والعفةِ والطهارة والصفحِ والاحسان والتعاون على البرِّ والتقوى، فتلك هي الأغلالُ وهذه القيمُ هي المعاولُ التي حطَّم بها الرسولُ (ص) تلك الأغلال وهذا هو مؤدَّى الآيةِ التي يصفُ الله تعالى بها نبيَّه الكريم (ص) بقوله: ﴿يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ﴾(5).

 

إذن فالمرادُ من العصر بناءً على هذا الاحتمال هو عصرُ النبيِّ الكريم (ص) وعليه تكونُ لامُ التعريفِ فيه عهديَّة وليست للجنس، فلأنَّ هذا العصرَ كان حاضرًا بأحداثه وانجازاته في وجدان المُخاطَبين بالسورة لذلك لم تكن الآيةُ بحاجةٍ إلى أنْ تقول أُقسمُ بعصر النبيِّ(ص) واكتفت بتعريف العصرِ بلام العهد الذهني نظرًا لكونِه معهودًا في أذهان المُخاطَبين بالسورة، وأمَّا ما هو المصحِّح للقسَم بهذا العصر فهو أهميتُه وعظيمُ تأثيره أو لإلفاتِ النظر إلى أهميته وكثرة بركاتِه، وأمَّا منشأُ استظهارِ هذا المعنى من قولِه: ﴿وَالْعَصْرِ﴾ فهو دعوى تناسبِه مع جواب القسَم، وهو قولُه تعالى: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾ فكأنَّ الغرضَ من المُقسَمِ به وجوابِ القسَم هو افادةُ هذا المعنى وهو أنَّ مطلقَ الإنسانِ في خُسرٍ إلا مَن اتَّبع الحقَّ -الذي جاءَ في هذا العصرِ- وصبَر عليه.

 

العصرُ هو عصرُ ظهورٍ المهديِّ (ع):

هذه هي أهمُّ الاحتمالات التي ذكرها المفسِّرون لمعنى قوله تعالى: ﴿وَالْعَصْرِ﴾ إلا أنَّ ثمة روايةً أفادت معنىً آخر لما هو المرادُ من العصر، هذه الروايةُ أوردَها الشيخُ الصدوق بسندٍ معتبَر عن المُفضَّل بن عمر قال: سألتُ الصادقَ جعفرَ بنَ محمَّدٍ (عليهما السلام) عن قول الله عز وجل: ﴿وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾ فقال (عليه السلام): "العصرُ عصرُ خروجِ القائمِ (عليه السلام) .."(6).

 

فالعصرُ المُقسَمُ به في السورةِ المباركة بناءً على هذه الرواية هو عصرُ ظهورٍ المهديِّ بن الحسن (ع) وهو عصرُ الفتحِ العالمي للإسلام، والذي سيُظهر اللهُ تعالى فيه دينَه على الدينِ كلِّه، هذا العصرُ الذي بشَّر به النبيُّ الكريمُ (ص) وبشَّرتْ به كلُّ الرسالاتِ على امتدادِ تأريخِها الضاربِ في عمقِ الزمن، فهو اليومُ الذي تنتظرُه الأنبياءُ وينتظره الصالحون من عبادِ الله تصديقًا بوعدِ الله الذي لا يتخلَّف، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾(7) وقال تعالى: ﴿كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾(8) فعصرُ الظهورِ إذن هو منتهى الغايةِ من بعث الأنبياء، وذلك هو المصحِّح للقسم به، إذ أنَّ القسمَ بالشيء إمَّا لأهميته وعظيمِ تأثيرِه أو لإلفات النظر إلى أهميتِه وعظيم تأثيره، وعصرُ الظهور واجدٌ لكلا الخصوصيتين.

 

بعد ذلك يقعُ الكلام حول ما هو المرادُ من الخُسْر في قوله تعالى: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾ ولماذا كان الإنسانُ في خُسْر؟

 

وهذا ما سوف نتحدَّثُ عنه فيما بعدُ إنْ شاء اللهُ تعالى

 

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد، واغفر لعبادك المؤمنين

﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ / إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ / فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ / إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾(9).

 

والحمد لله ربِّ العالمين

 

خطبة الجمعة - الشيخ محمد صنقور

7 من جمادى الثاني 1444هـ - الموافق 2 ديسمبر 2022م

جامع الإمام الصّادق (عليه السلام) - الدّراز

-------------------------------------

1- سورة العصر / 1-3.

2- سورة فصلت / 53.

3- سورة القصص / 71-72.

4- سورة المائدة / 3.

5- سورة الأعراف / 157.

6- كمال الدين وتمام النعمة -الشيخ الصدوق- ص656.

7-  سورة الأنبياء / 105.

8- سورة المجادلة / 21.

9- سورة الكوثر / 1-3.