حكم حشار الأرض

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

المسألة:

هل تحرم مُطلقُ حِشار الأرض أو في المسألة تفصيل كما عليه العامَّة؟

الجواب:

الظاهر أنَّه لا خلاف بين فقهائنا في حرمة مُطلق حِشار الأرض بل الإجماع بقسميه منعقدٌ على حرمتها كما أفاد صاحب الجواهر(1) وكذلك فإنَّ المحقق النراقي أفاد بأنَّ الإجماع على حرمتها مطلقاً محقًّق وهو الحجَّة(2).

تحديد المراد من حِشار الأرض:

والمراد من حِشار الأرض هي صغار الدواب التي تسكنُ في جحور الأرض وثقوبها كالفأرة، والحيَّة، والعقرب، والجرذ -نوع من الفئران- واليربوع وهي دابَّة تُشبه الفأرة قصيرة اليدين طويلة الرجلين، وكذلك فإنَّ من حِشار الأرض ابن عرس والقنفذ والوبر والفنك والسمُّور والسنجاب والضبُّ والعظاية -تُشبه الوزغة ولكنَّها أكبر حجماً منها- واللحكة -واللحكا- دويبة زرقاء تُشبه العظاية قوائمها خفية، وليس لها ذنب طويل كذنب العظاية، وقيل إنَّها دويبة كالسمك تسكنُ الرمل، فإذا رأت الانسان غاصت وتغيبت فيه وهي صقيلة تبرق، وكذلك فإنَّ مِن حِشار الأرض البرغوث والخنفساء، بضمِّ الأول وفتحِ الثالث أو ضمِّه والجمع خنافس، والصراصر -وهي بنات وردان- والعناكب والجِعلان -حشرة سوداء تُشبه الخنفساء تَدفنُ نفسها في الرمل يكثر وجودُها في المواضع الندية- والديدان بمختلف أنواعها وغيرها.

مستند الحرمة لمطلق الحِشار:

ومستندُ الحرمة -مضافاً إلى الإجماع- الحديثُ المرويُّ في دعائم الإسلام عن عليٍّ (عليه السلام): "أنَّه نهى عن الضبِّ والقنفذ وغيره من حشرات الأرض"(3) وقد أدُّعي انجبار ضعف سنده بعمل قدماء الأصحاب إلا أنَّ استنادهم إليه في البناء على حرمة مُطلق الحِشار غير مُحرز، نعم هو صالحٌ لتأييد الإجماع المنعقِد على حرمة مُطلق حِشار الأرض.

وكذلك فإنَّ الكثير من حِشار الأرض مندرجٌ في المستخبَثات، وبعضها مندرجٌ في المسوخ المنصوص على حرمتها مطلقاً كما في موثقة سماعة بن مهران عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) -في حديث- قال: وحرَّم الله ورسولُه (ص) المسوخَ جميعا"(4).

وبعضها مندرجٌ في ذوات الأنياب وفي السباع المنصوص على حرمتها مطلقاً كما في صحيحة الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (ع) قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّه (ص) قَالَ: "كُلُّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ ومِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ حَرَامٌ، وقَالَ (ع): لَا تَأْكُلْ مِنَ السِّبَاعِ شَيْئاً"(5) وبعضُها منصوص على حرمته بالخصوص كالحيَّة والعقرب والفأرة واليربوع والقنفذ والضب، والوزغ والعنكبوت، فمن ذلك صحيحة الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (ع) قَالَ: سَأَلْتُه عَنْ أَكْلِ الضَّبِّ فَقَالَ:" إِنَّ الضَّبَّ والْفَأْرَةَ والْقِرَدَةَ والْخَنَازِيرَ مُسُوخٌ"(6).

والحمد لله ربِّ العالمين

 

الشيخ محمد صنقور

8 / ربيع الأول / 1445ه

24 / سبتمبر / 2023م

---------------------------

1- جواهر الكلام -الشيخ حسن النجفي- ج36 / ص296.

2- مستند الشيعة -المحقق النراقي- ج15 / ص102.

3- دعائم الإسلام -القاضي النعمان- ج2 / ص123، مستدرك الوسائل -النوري- ج16 / ص170.

4- تهذيب الأحكام -الطوسي- ج9 / ص17، وسائل الشيعة -الحر العاملي- ج24 / ص105.

5- الكافي -الكليني- ج6 / ص245، وسائل الشيعة -الحر العاملي- ج24 / ص114.

6- الكافي -الكليني- ج6 / ص245، وسائل الشيعة -الحر العاملي- ج24 / ص105.