ركعة الوتر يؤتى بها موصولة أو مفصولة
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد
المسألة:
هل يصحُّ الإتيان بركعتي الشفع موصولةً بركعة الوتر بناءً على ما ورد في بعض الأخبار أنَّ ركعتي الشفع من الوتر فهي أي صلاة الوتر ثلاث ركعات؟
الجواب:
المشهور بين الفقهاء رضوان الله عليهم -كما في الجواهر-(1) أنَّه يتعيَّن فصل ركعتي الشفع عن ركعة الوتر بتسليم، فيؤتى بالشفع والوتر بتسليمين الأول بعد ركعتي الشفع والثاني بعد ركعة الوتر بل أدُّعي الإجماع على ذلك وأنَّه من دين الإماميَّة كما في الجواهر(2) وفي المقابل ذهب بعضُ الأعلام إلى أنَّ المكلَّف مخيَّر بين الوصل بين الثلاث ركعات بتسليمٍ واحد وبين الفصل بينهما بتسليمين، ومنشأ الاختلاف هو اشتمال بعض الأخبار على التخيير بين الوصل والفصل في مقابل اشتمال المستفيض منها على ما يدلُّ على الوصل أو تعيُّن الوصل.
ما دلَّ على التخيير بين الوصل والفصل:
أمَّا ما دلَّ على التخيير بين الوصل والفصل فصحيحة يعقوب بن شعيب قال: "سألتُ أبا عبد اللَّه (عليه السلام) عن التسليم في ركعتي الوتر؟ فقال: إنْ شئت سلَّمت وإنْ شئت لم تسلّم"(3).
وصحيحة معاوية بن عمّار قال: "قلت لأبي عبد اللَّه (عليه السلام) في ركعتي الوتر؟ فقال: إنْ شئت سلّمت وإن شئت لم تسلّم"(4).
فالصحيحتان صريحتان أو هما شديدتا الظهور في مشروعيَّة الوصل بين الركعات الثلاث بتسليمٍ واحد.
ما دلَّ على تعيُّن الفصل:
وأمَّا ما دلَّ على تعيُّن الفصل بين الركعات الثلاث بتسليمين فرواياتٌ عديدة:
منها: صحيحة سليمان بن خالد عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام) "قال: الوتر ثلاث ركعات تفصل بينهنَّ وتقرأ فيهنّ جميعاً بقل هو اللَّه أحد" فإنَّ الظاهر هو أنَّ الإمام (ع) بصدد بيان الكيفيَّة المشروعة في أداء الوتر فيكون الفعل "يفصل" المسوق للإنشاء ظاهرٌ في التعيين(5).
ومنها: معاوية بن عمار قال: قال لي: اقرأ في الوتر في ثلاثتهن بقل هو الله أحد، وسلم في الركعتين توقظ الراقد، وتأمر بالصلاة"(6) فإنَّ الأمر بالتسليم ظاهرٌ في التعيين وأنَّ تلك هي الكيفيَّة في أداء ركعات الوتر الثلاث.
ومنها: صحيحة سعد بن سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: سألتُه عن الوتر، أفصل أم وصل؟ قال: فصل"(7) فإنَّ الظاهر هو السؤال عمَّا هو المتعيِّن شرعاً.
ومنها: رواية أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: الوتر ثلاث ركعات، ثنتين مفصولة، وواحدة"(8).
مقتضى الجمع العرفي:
ومقتضى الجمع العرفي -كما أفاد السيد الخوئي-(9) بين الطائفتين هو صحَّة الوصل والذي يقتضي البناء على التخيير بين الفصل والوصل، فإنَّ الطائفة الثانية وإن كانت ظاهرة في تعيُّن الفصل إلا أنَّه لا محيص عن رفع اليد عن هذا الظهور نظراً لصراحة أو أظهريَّة الطائفة الأولى في التخيير بين الوصل والفصل، فالجمع العرفي يقتضي حمل الظاهر على ما يناسب الصريح أو الأظهر فيكون مقتضى ذلك هو البناء على أنَّ المراد الجدي من الأمر بالوصل هو أنَّه الأفضل.
والحمد لله ربِّ العالمين
الشيخ محمد صنقور
4 / ربيع الأول / 1446ه
8 / سبتمبر / 2024م
1- جواهر الكلام -الشيخ حسن النجفي- ج7 / ص55.
2- جواهر الكلام -الشيخ حسن النجفي- ج7 / ص56.
3- وسائل الشيعة -الحر العاملي- ج4 / ص66.
4- وسائل الشيعة -الحر العاملي- ج4 / ص66.
5- وسائل الشيعة -الحر العاملي- ج4 / ص64.
6- وسائل الشيعة -الحر العاملي- ج4 / ص64.
7- وسائل الشيعة -الحر العاملي- ج4 / ص65.
8- وسائل الشيعة -الحر العاملي- ج4 / ص65.
9- المستند في شرح العروة الوثقى -السيد الخوئي- ج11 / ص67.