تربيةُ الكلبِ في البيت

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

 

المسألة:

هل يجوزُ تربيةُ الكلبِ في البيت؟

 

الجواب:

اتِّخاذ الكلب في المنزل لتربيته أو الاستئناس به جائز في حدِّ نفسه إلا أنَّه مكروه كراهةً شديدة كما يظهرُ ذلك مِن كثرة الروايات المعبِّرة عن مبغوضيَّة هذا الفعل.

 

فمِن ذلك ما ورد في الكافي بسندٍ معتبرٍ عن زرارة عن الإمام الصادق (ع): "ما مِن أحدٍ يتَّخذ كلباً إلا نقصَ في كلِّ يوم من عمل صاحبِه قيراط"(1).

 

والظاهر من الرواية الشريفة هو أنَّ اتِّخاذ الكلب في المنزل يكون سبباً في حرمان المؤمن شيئاً مما يتفضَّل به الله تعالى من الثواب على عباده جزاءً على طاعاتهم، فما يمنحُه الله تعالى لعباده من الثواب على الطاعات يكون أضعاف ما يستحقُّون إلا أنَّ اتِّخاذ الكلب يكون سبباً في نقص ما يمنحُه الله تعالى من الثواب لعبده الذي اتَّخذ كلباً في بيته.

 

والقيراط من المعايير التي تُقاس بها أوزان الأشياء، وعادةً ما تقاس بمثله الأشياء الصغيرة كالأحجار الكريمة، ويختلف وزنُ القيراط باختلاف البلدان فقيراط مكة مثلاً ربع سدس الدينار كما قيل، ويُستعمل القيراط كثيراً للكناية عن القلَّة، وعليه يكون مفاد الرواية أنَّ المتَّخِذ في بيته كلباً ينقصُ قليلاً من ثوابِ عمله في كلِّ يوم، ومع مرور الوقت يكون قد فاته الكثير من الثواب هو في أمسِّ الحاجة إليه يوم القيامة.    

 

ومنها: ما رواه الكليني بسندٍ معتبرٍ عن الحلبي، عن أبي عبد الله (ع) قال: "يُكرهُ أنْ يكون في دار الرجلِ المسلم الكلبُ"(2).

 

ومنها: ما رواه الشيخ الطوسي بسندٍ معتبرٍ عن محمد بن مروان عن أبي عبد الله (ع) قال: "قال رسولُ الله (ص) إنَّ جبرئيل أتاني فقال: إنَّا معاشرَ الملائكة لا ندخلُ بيتاً فيه كلبٌ، ولا تمثالُ جسدٍ، ولا اناءٌ يُبالُ فيه"(3).

 

أقول: المراد من تمثال جسدٍ هو مثل المجسَّمات من ذوات الأرواح كمجسَّم الطير أو السبع أو السمك . 

 

ومنها: ما رواه الصدوق في الفقيه عن الصادق (ع) قال: "لا تصلِّ في دارٍ فيها كلبٌ إلا أنْ يكون كلب الصيد وأَغلقتَ دونه باباً فإنَّ الملائكة لا تدخلُ بيتاً فيه كلب .."(4).

 

أقول: لعلَّ المراد من الملائكة -في هذه الرواية والتي سبقتها- هم ملائكة الرحمة والبركة والاستغفار وإلا فإنَّ مثل الملَكين اللذين يكتبانِ مايقولُه المكلَّف ويفعله لا يفارقانه كما قال الله تعالى: ﴿إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ / مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾(5).

 

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور


1- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج11 / ص531.

2- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج11 / ص530.

3- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج5 / ص174.

4- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج5 / ص175.

5- سورة ق / 17-18.