صلاة الأعرابي على النبي (ص)

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

المسألة:

ذكر أحد الاخوة المؤمنين في تعقيبة لصلاة الظهر هذا الدعاء: "اللهم صل على محمد وعلى آل محمد حتى لا يبقى من صلاتك شيء، وبارك على محمد وعلى آل محمد حتى لا يبقى من بركاتك شيء، وإرحم محمدا وآل محمد حتى لا يبقى من رحمتك شيء، وسلم على محمد وعلى آل محمد حتى لا يبقى من سلامك شيء". ودار الجدال بين المؤمنين حول صحة هذا القول، وهل هو قول مأثور عن أحد المعصومين أم لا؟

الجواب:

الدعاء المذكور نقله السيد ابن طاووس في كتابه المجتنى من دعاء المجتبى، وأفاد أنه وجده في كتاب الوسائل إلى المسائل لمؤلفه الشيخ المعين أحمد بن علي بن أحمد وهو غير كتاب الوسائل للمسائل المروي عن الإمام الجواد (ع) والظاهر أنَّ هذا الدعاء أخذه الشيخ المعين أحمد من بعض كتب العامة فهو مروي عندهم بسندٍ عن عبد الله بن عمر بن الخطاب كما ذكر ذلك الطبراني في كتاب الدعاء، وهذا الدعاء بحسب الرواية ليس من صياغة النبي (ص) وإنما هو من صياغة رجلٍ أعرابي اتُّهم بالسرقة فقال هذه الكلمات بعد منصرفه من النبي (ص) فنزل الوحي على النبي فأخبره بكلمات الأعرابي فطلبه النبي (ص) فحين جيئ به إليه قال للأعرابي: "لتردنَّ عليَّ الصراط ووجهك أضوأ من القمر في ليلة البدر"(1).

فالرواية من حيث السند غير معتبرة إلا أنَّها من حيث المضمون يمكن توجيهها، وذلك بأن يُقال: إنَّ رحمة الله وإنْ لم يكن لها نفاد إلا أنّ الرحمة التي ادّخرها لعموم عباده قد تكون محددة بحدٍّ لا يعلم مداه إلا الله تعالى، فمفاد الدعاء هو الطلب من الله تعالى بأن يفيض على النبي الكريم (ص) أقصى ما جعله لعباده من الرحمة وأقصى ما جعله لعباده من الصلاة والبركة.

ويمكن أن يُستأنس هذا المعنى بما ورد عن الرسول وأهل بيته (ع) فقد ورد عن الرسول (ص) أنه قال: "إن الله خلق يوم خلق السماوات والأرض مائة رحمة فجعل في الأرض منها رحمة فبها تعطف الوالدة على ولدها والبهائم بعضها على بعض والطير كذلك وأخَّر تسعة وتسعين إلى يوم القيامة فإذا كان يوم القيامة أكملها بهذه الرحمة مائة"(2).

وورد عن سلمان الفارسي قال قال رسول الله (ص): "إن لله مائة رحمة فمنها رحمة بها يتراحم الخلق بينهم وتسعة وتسعون ليوم القيامة"(3).

وورد عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال: "والله رحيم بعباده ومن رحمته أنَّه خلق مائة رحمة جعل منها رحمةً واحدة في الخلق كلهم فبها يتراحم الناس وترحم الوالدة ولدها وتحنو الأمهات من الحيوانات على أولادها فإذا كان يوم القيامة أضاف هذه الرحمة الواحدة إلى تسع وتسعين رحمة .."(4).

والحمد لله رب العالمين

الشيخ محمد صنقور


1- المجتنى من دعاء المجتبى -السيد ابن طاووس- ص107،  كتاب الدعاء -الطبراني- ص322.

2- صحيح مسلم -مسلم النيسابوري- ج8 ص96.

3- أمالي المحاملي -الحسين بن إسماعيل المحاملي- ص114.

4- بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج89 / ص250.