قول الطوسي: (رواه أصحابنا)

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

المسألة:

إذا قال الشيخ الطوسي مرسلا "روى أصحابنا" ثم فتَّشنا في الكتب الحديثية والفقه ولم نعثر على أحدٍ قد روى هذه الرواية حتى نفس الشيخ الطوسي، فهل يُمكن اعتبار ذلك قرينة على اشتباه الشيخ الطوسي، لأنَّه لم يقل رُوي بل قال: روى أصحابنا ثم لم نجد أحداً قد رواها؟

الجواب:

عدم العثور على ما أفاد الشيخ أنَّه رواه أصحابنا لا يُعدُّ قرينةً على اشتباه الشيخ (رحمه الله تعالى) فإنَّ عدم رواية المتأخِّرين لما رواه قد ينشأ عن عدم وقوفهم على الرواية نتيجة ضياع العديد من الأصول الروائية التي كانت قد وصلت لمثل الشيخ الطوسي (رحمه الله تعالى) وأمَّا عدم الوقوف على رواية المعاصرين للشيخ -أو حتى المتقدِّمين على زمانه- لما أفاده الشيخ أنَّه رواه أصحابنا فلعله نشأ عن عدم تصدِّي مّن وقفنا على كتبهم للمسألة التي تضمَّنت الرواية حكمها، لذلك لم يذكروها في كتبهم أو ذكرها بعضُهم ولم تصلنا كتبهم أو أنَّ مَن تصدَّى للموضوع الذي تصدَّت الرواية لبيان حكمه لم يكن قد وقف على الرواية.

وأمَّا عدم نقل الشيخ للرواية في كُتبه الروائية فذلك لا يعدُّ قرينةً أيضاً على اشتباهه، لانَّه لم يلتزم فيها بنقل كلِّ ما وجده من الروايات، وكذلك هو لم يلتزم بنقل كلِّ ما وجده في كلِّ كتبه الفقهية، ولو كان ثمة التزامٌ ضمني بنقل كلِّ ما وجده حين التصدِّي لبيان حكم مسألة تضمَّنت رواية بيان حكمها فإنَّ عدم نقل الرواية في ذلك الموضع لعلَّه نشأ عن الغفلة أو النسيان حينها للرواية التى كان قد نقلها في موضعٍ آخر، فلا يتعيَّن من عدم النقل في الموضع الآخر الاشتباهُ في ذلك الموضع الذي نقله فيها. 

بل قد يُقال إنَّه لو نفى المعاصرون أو المتقدِّمون على الشيخ وجود روايةٍ بالمضمون الذي رواه الشيخ فإنَّ ذلك لا يقتضي تعيُّن اشتباه الشيخ، وذلك لانَّ احتمال عدم وقوفهم على الرواية -رغم بحثهم - واردٌ جداً في تلك الاعصار، نعم يعدُّ عدم العثور في الفروض المذكورة من موهنات احراز الصدور لكنَّه لا يوجب الجزم بل ولا حتى الوثوق باشتباه الشيخ فيما أفاده أنَّه قد رواه أصحابنا. 

والحمد لله رب العالمين

الشيخ محمد صنقور