ظروف مقتل عثمان

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

 

المسألة:

مَن هم قتلَة عثمان؟ ولماذا قتلوه؟ وهل كان عليٌّ (ع) مُطاعاً عند مَن قتل عثمان؟ وهل بعثَ الإمامُ عليٌّ (ع) ولديه الحسنين (ع) لحراسة بيت عثمان؟

 

الجواب:

أمَّا مَن قتل الخليفة عثمان فقد ذكر المؤرِّخون وأصحاب السير من العامة أنَّهم جمع من أهل مصر وآخرون من أهل العراق، وفيهم جماعة من أهل المدينة المنورة، وكان قد حرَّض عليه عدد من الصحابة كعمرو بن العاص إلا أنَّ أبرزهم هو طلحة بن عبد الله وآخرون كما ذكروا.

 

وأمَّا لماذا قتلوه فذاك أمر فصَّله المؤرِّخون، ويُمكن إيجازه بما روي عن أمير المؤمنين عليِّ (ع) أنَّه قال في شأن عثمان: "وأنا جامع لكم أمره: استأثر فأساء الأثرة، وجزعتم فأسأتم الجزع ولله حكمٌ واقعٌ في المستأثِر والجازع"(1).

 

ولم يكن مَن قتله يرى لعليٍّ (ع) حقّ الطاعة عليه، فكان أقصى ما يرونه في عليٍّ (ع) أنَّه صحابي له سابقة في الدين لذلك قبلوه وسيطاً بينهم وبين عثمان في أول الأمر ثم لم يعبئوا به ولا بنهيه ونُصحِه الذي بالغ فيه حتى أعذر كما أكدَّت ذلك كتب المؤرِّخين والمحدِّثين من علماء العامة.

 

نعم هم ضمَن من بايعه بعد مقتل عثمان لانَّهم لم يجدوا مَن هو أجدرُ من عليٍّ (ع) في الصحابة بعد مقتل عثمان، فهذا هو ما دفعهم لمبايعته لا أنهم بايعوه لاعتقادهم أنَّه وصيُّ رسول الله (ص) كما هي عقيدة الشيعة الإماميَّة.

 

وأمَّا أنَّ عليَّاً (ع) بعث الحسن والحسين (ع) ليحرسا دار عثمان وقت الحصار الذي فرضه عليه الثوار فذلك أمرٌ ذكره جمعٌ من مؤرِّخي السنَّة، ولم يُروَ شيء من ذلك في مصادرنا، نعم الثابت أنَّ عليَّاً (ع) بذل جهداً مضنياً في سبيل المنع من قتل الخليفة عثمان ثم لمَّا لم يستجب عثمان للحلول التي جاء بها عليٌّ (ع) لغرض معالجة الأزمة اعتزل الأمر شأنَه في ذلك شأنُ أكثر الصحابة.

 

ولمَّا علم عليٌّ (ع) أنَّ المحاصرين لدار عثمان قد منعوه من الماء وبتحريض من طلحة غضب فكان يبعثُ إليه بالروايا المحمَّلة بالماء متحدِّياً بذلك حصار الثوار لداره، ثم إنَّي لا أستبعد من عليٍّ (ع) أنَّه بعث بعض الناس ليحرسوا دار عثمان وقت الحصار، ولعلَّه لذلك لم يدخل الثوار -كما ذكر بعض المؤرِّخين- على عثمان من باب داره بل اقتحموا عليه الدار من خلفها.

 

وقد ورد أنَّ عليَّاً (ع) قال في إحدى خطبه: "لا يَستطيعُ أحدٌ أن يقولَ نصرَه مَن هو خيرٌ مني"(2).

 

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور


1- نهج البلاغة -خطب الإمام علي (ع)- ج1 / ص76، شرح نهج البلاغة -ابن أبي الحديد- ج2 / ص126.

2- نهج البلاغة -خطب الإمام علي (ع)- ج1 / ص75.