رفع الاجهزة عن الميت دماغياً

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

المسألة:

هل يتفق فقهاء الإمامية على أنَّ موت الدماغ فقط لاتترتب عليه آثار الموت الشرعي؟ أم أنَّ هناك آراء تقول بأنَّ موت الدماغ يُعتبر موتاً شرعياً ويمكن إزالة الاجهزة عن مثل هذه الحالات؟ ومن يتبناها إن وجدت؟

الجواب:

الموت الذي يُمكن التعبير عنه بالموت الشرعي هو الموت التام، فكلُّ أحدٍ لم يتحقَّق له ذلك فله حكم الأحياء، وعليه فإنْ كان في رفع الاجهزة عنه تسريعٌ لموته التام فهو غير جائزٍ في حدِّ نفسه، نعم يصحُّ ذلك في حالاتٍ خاصَّة كما لو انحصر إنقاذ مريضٍ آخر من الموت برفع جهاز التنفس مثلاً عن الميت دماغياً لوضعها على المريضٍ الآخر فإنَّ ذلك يكون من باب دوران الامر بين إنقاذٍ مُحرَزٍ أو مظنون لنفسٍ محترمة و بين إنقاذٍ محتمَلٍ -ضعيفاً- لنفسٍ محترمة، فالترجيح يكون للخيار الاول.

وبتعبير آخر: المورد يكون من موارد التزاحم حيث انَّ المكلف يكون مسئولاً عن تكليفين إلزامين ولكن تضيقُ قدرتُه عن الجمع بينهما، ففي مثل هذا الفرض يسقط التكليف المرجوح ويتعَّين عليه التكليف الراجح أي انَّه يسقط التكليف بالمهم نظراً لمزاحمته للتكليف بالأهم.

لو طلب المريض من الطبيب ما فيه هلاكه

المسألة:

مريض في المستشفى يتألم بشدَّة ويطلب أدوية تسكين الألم ولكن يعلم بأنَّ هذه الجرعة قد تكون زائده وتؤدِّي إلى موته، وأخبره بذلك ولكنَّه مصرٌّ على أخذها، فهل يجوز إعطاؤه هذه الأبرة مع العلم بأنَّها قد تقتله؟ وإن كان لا يجوز، فهل يجوز وضع الإبرة في يد المريض وتركيبها في المغذي وجعل المريض يتَّخذ القرار بنفسه ويحقن الابرة؟

الجواب:

إذا شخَّص الطبيب أنَّ اعطاء المريض لنوعٍ من الدواء يُؤدِّي إلى موته فحينئذٍ لا يجوز له الإقدام على ذلك، لانَّه يُعدُّ من مصاديق قتل النفس المحترمة، فلو أقدم على ذلك فمات المريض لزمه حكم القتل العمدي حتى لو كان إقدامُه نشأ عن طلبٍ من المريض نتيجة ما يُعانيه من ألم.

وفي هذا الفرض لا يجوز أيضاً تمكين المريض من تناول الدواء القاتل، فلا يجوز اعطاؤه الدواء لانَّه من الاعانة على الاثم، ولو أخذه ليتناوله وجب تحذيره وتعريفه أنّ تناوله يُفضي للموت حتماً، فأنْ امتنع وإلا وجب منعه دفعاً للمنكر وهو الانتحار.

وإذا شخَّص الطبيبُ أنَّ في تناول هذا المريض لهذا الدواء مظنَّةَ الوقوع في الهلكة بمعنى أنَّ من المظنون قويَّاً موت المريض عند تناوله لهذا الدواء، ففي هذا الفرض لايجوز أيضاً أعطاؤه لهذا الدواء حتى مع إصرار المريض على طلبه، لانه لايجوز تعريض نفس الغير المحترمة للهلاك. كما لا يجوز إعانته على تناوله لانَّه من الاعانة على الإثم بل يجب منعُه دفعاً للمنكر وهو تعريض النفس للهلكة.

وجوب إنعاش المشرف على الموت

المسألة:

هل يحقُّ للممرِّضين عدم إنعاش المريض في حال تدهور حالتِه إذا قام هو بطلب ذلك أو طلب أهلُه ذلك، وكانت قوانين المستشفى توافق وتقرُّ مثل هذه الطلبات؟ أم يجبُ عمل الانعاش في جميع الحالات وإنْ كان فيه مخالفة للقوانين؟

الجواب:

مع احتمال تماثل المريض للشفاء يجب إنعاشه حتى وإنْ كان الاحتمال ضعيفاً، لانَّه من السعي في إنقاذ النفس المحترمة الذي هو من أهم الفرائض الالهيَّة، ولا يسقط هذا التكليف بمجرَّد طلب المريض لعدم إنعاشه أو منع القانون لذلك لانَّه لا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق.

والحمد لله رب العالمين

الشيخ محمد صنقور