الدعاء والصلاة لطلب الولد
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد
المسألة:
هل تُوجد أدعيةً خاصة لطلب الولد والذرية الصالحة؟
الجواب:
نعم وردت في ذلك رواياتٌ عديد عن أهل البيت (عليهم السلام):
منها: ما رواه الصدوق في الفقيه عن الإمام زين العابدين (ع) انَّه قال لبعض أصحابه: قل لطلب الولد: (ربِّ لا تذرني فرداً وأنت خيرُ الوارثين، واجعل لي من لدنك وليَّاً يرثني في حياتي ويستغفر لي بعد وفاتي، واجعله خلقاً سوِّياً ولا تجعل للشيطان فيه نصيباً، اللهم إنِّي أستغفرك وأتوب إليك إنَّك أنت التواب الرحيم) سبعين مرة،(1) فإنَّه مَن أكثر من هذا القول رزقه الله ما تمنَّى من مالٍ وولد ومن خير الدنيا والآخرة فإنَّه يقول: ﴿اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا / يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا / وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا﴾(2).
ومنها: ما رواه الطبرسي عن الإمام الحسن (ع) انَّ أحدهم قال له: إنِّي رجلٌ ذو مال ولا يُولد لي، فعلِّمني شيئاً لعل الله يرزقني ولداً، فقال (ع): "عليك بالاستغفار"، فكان يُكثر من الاستغفار حتى ربَّما استغفر في اليوم سبعمائة مرة، (3) فوُلد له عشر بنين. فسأله الرجل بعد انْ وُلد له مم ذلك؟ فقال (ع): ألم تسمع قول الله عزَّ اسمه في قصة هود: ﴿وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إلى قُوَّتِكُمْ﴾(4) وفي قصة نوح: ﴿وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ﴾".
يشير الإمام (ع) بحسب الرواية إلى خطاب نبيِّ الله هود (ع) إلى قومه: ﴿وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إلى قُوَّتِكُمْ﴾ فالآية المباركة قد رتَّبت على الإستغفار والتوبة تحقُّق الإدرار للسماء والذي هو كناية عن السعة في الرزق وازدياد القوة والتي منها الذرية.
ويُشير في المورد الثاني إلى خطاب نوح (ع) إلى قومه: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا / يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا / وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ﴾ فإنَّ مفاد الآية المباركة انَّ الله تعالى يمنح المستغفرين من عباده سعة الرزق وكثرة الأموال والبنين.
ومنها: مارواه الكليني بسنده عن أبي بصير عن أبي عبد الله الصادق (ع) قال: "إذا أبطأ على أحدكم الولد فليقل: (اللهم لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين وحيداً وحشاً فيقصُر شكري عن تفكُّري بل هب لي عاقبةَ صدقٍ ذكوراً وإناثاً آنس بهم من الوحشة وأسكن إليهم من الوحدة، وأشكرك عند تمام النعمة، يا وهاب يا عظيم، ثم أعطني في كلِّ عافيةٍ شكراً حتى تُبلِّغني منها رضوانك في صدق الحديث وأداء الأمانة ووفاءً بالعهد)"(5).
ومنها: مارواه الكليني بسنده عن أبي بكر الحضرمي عن الحارث قال: قلتُ لأبي عبد الله (ع) إنِّي من أهل بيتٍ انقرضوا وليس لي ولد، قال (ع): "ادعُ وأنت ساجد (ربِّ هب لي من لدنك ولياً يرثني، ربِّ هب لي من لدنك ذريةً طيبِّة إنَّك سميع الدعاء، ربِّ لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين)، قال: ففعلتُ فوُلد لي عليُّ والحسين"(6).
ومنها: مارواه الكليني بسنده عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال: "إذا أردتَ الولد فقل عند الجماع: (اللهم ارزقني ولداً واجعله تقيَّاً ليس في خلقه زيادةٌ ولا نقصان، واجعل عاقبته إلى خير)"(7).
ومنها: مارواه في طبِّ الأئمة بسنده عن سليمان بن جعفر الجعفري عن ابي جعفر الاول محمد الباقر بن علي بن الحسين بن علي عليهم السلام انَّ رجلا شكى اليه قلةَ الولد، وانَّه يطلب الولد من الإماء والحراير فلا يُرزق له وهو بن ستين سنة فقال (عليه السلام): قل ثلاثة أيام في دبر صلاتك المكتوبه صلاه العشاء الاخرة وفي دبر صلاه الفجر: سبحان الله سبعين مرة، وأستغفر الله سبعين مرة، وتختمه بقول الله عز وجل: ﴿اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا / يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا / وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا﴾ ثم واقع إمرأتك الليلة الثالثة فانَّك تُرزق باذن الله ذكراً سوياً، قال: ففعلتُ ذلك و لم يحل الحول حتي رُزقت قرة العين"(8).
هذا وقد روي انَّ رفع الصوت بالأذان في البيت يُوجب كثرة الولد، فمن ذلك مارواه الكليني بسنده عن محمد بن راشد قال: حدثني هشام بن ابراهيم انه شكى الي أبي الحسن الرضا (ع) سقمه وانَّه لا يُولد له ولد فأمره انْ يرفع صوته بالاذان في منزله، قال: ففعلتُ فأذهب الله عنِّي سقمي، وكثر ولدي، قال محمد بن راشد: وكنتُ دائم العلة ما أنفكُّ منها في نفسي وجماعة خدمي وعيالي فلما سمعتُ ذلك من هشام عملتُ به فأذهب الله عنِّي وعن عيالي العلل"(9).
وكذلك روي انَّ عقد العزم على تسمية المولود علياً يُسهم في التوفيق لسرعة الإنجاب بمشيئة الله جلَّ وعلا فمن ذلك مارواه الكليني بسنده عن محمد بن عمرو قال: لم يُولد لي شئ قط وخرجتُ الي مكة ومالي ولد، فلقيني إنسان فبشَّرني بغلام، فمضيتُ ودخلتُ على أبي الحسن الكاظم (ع) بالمدينة، فلمَّا صرتُ بين يديه قال لي: كيف انت وكيف ولدك؟ فقلت: جعلتُ فداك خرجتُ ومالي ولد فلقيني جارٌ لي فقال لي: قد ولد لك غلام، فتبسَّم ثم قال: سميته؟ قلتُ: لا، قال: سمِّه عليَّاً، فانَّ أبي كان اذا أبطات عليه جارية من جواريه قال لها: يا فلانة إنوي علياً، فلا تلبث أنْ تحمل فتلد غلاماً"(10).
الصلاة لطلب الولد:
روى الحسن بن الفضل الطبرسي في مكارم الأخلاق عن أمير المؤمنين (ع) إذا أردت الولد فتوضأ وضوءً وصلِّ ركعتين وحسِّنها واسجد بعدهما سجدةً وقل: (استغفر الله) إحدى وسبعين مرة، ثم تغشى امرأتك، وقل: (اللهم ارزقني ولداً لأُسميه بإسم نبيِّك (ص) فإنَّ الله يفعل ذلك..)(11).
وروى الكليني بسنده عن علي بن الحكم عن رجل عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع) من أراد ان يُحبل له فليصلِّ ركعتين بعد الجمعة يُطيل فيها الركوع والسجود ثم يقول: (اللهم إني أسألك بما سألك به زكريا إذ ناداك ربَّ لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين، اللهم فهب لي ذريةً طيِّبة إنَّك سميع الدعاء، اللهم بإسمك إستحللتُها، وهي أمانتك أخذتُها فإنْ قضيت في رحمها ولداً فاجعله غلاماً مباركاً زكيَّاً، ولا تجعل للشيطان فيه نصيباً ولا شَرَكاً)(12).
هذا بعض ما ورد في طلب الولد، وليس من شيئ أسرع لتحصيل هذه الغاية من الإستغفار والدعاء بما هو مأثور مع الوثوق بأنَّ الله عز وجل يُجيب دعوة الداعي إذا دعاه، فإنَّ أخَّر الإجابة فلغايةٍ فيها صلاحٌ للعبد في الدنيا أو الآخرة ثم إنَّ الإلحاح على الله تعالى بالدعاء مستحسنٌ وراجح، وهو من مقتضات الإجابة.
والحمد لله رب العالمين
الشيخ محمد صنقور
1- من لا يحضره الفقيه -الشيخ الصدوق- ج 3 ص 474.
2- سورة نوح / 10-12.
3- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج 21 ص 372.
4- سورة هود / 52.
5- الكافي -الشيخ الكليني- ج 6 ص 8.
6- الكافي -الشيخ الكليني- ج 6 ص 8.
7- الكافي -الشيخ الكليني- ج 6 ص 10.
8- طب الأئمة -ابن سابور الزيات- ص 130.
9- الكافي -الشيخ الكليني- ج 3 ص 308.
10- الكافي -الشيخ الكليني- ج 6 ص 10.
11- بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج 88 ص 363.
12- الكافي -الشيخ الكليني- ج 3 ص 482.