أهليَّة المرأة لإمامة الجماعة

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صلِّ على محمد وآل محمد

 

المسألة:

هل وردت روايات عن النبيِّ (ص) وأهل بيته (ع) تمنعُ من إمامة المرأة للرجال في صلاة الجماعة؟

 

الجواب:

نعم وردت مجموعةٌ من الروايات في ذلك:

منها: ما ورد عن النبيِّ (ص): "لا تؤمُّ امرأة رجلاً"(1)

 

ومنها: ما ورد في دعائم الإسلام عن الإمام عليٍّ (ع) قال: "لا تؤم المرأة الرجال"(2)

 

ومنها: ما ورد عن الإمام جعفر بن محمد (ع) قال: "لا تؤُّم المرأة الرجال، وتُصلِّي بالنساء، ولا تتقدمهنَّ، تقومُ وسطاً فيهنَّ ويُصلِّين بصلاتها"(3).

 

هذا مضافاً إلى أنَّ الأصل عدم مشروعيَّة صلاة الجماعة وتحمُّل الغير القراءة عن المكلّف فيما لم يرد فيه دليلٌ معتبر على ذلك، فلو وقع الشكُّ في أهليَّة شخصٍ أو صنفٍ لإمامة الجماعة فإنَّ الأصل هو عدم المشروعيَّة ما لم يقم دليل معتبر على المشروعيَّة. ثم إنَّه يمكن الاستدلال على عدم مشروعيَّة إمامة المرأة لجماعة الرجال بالتسالم القطعي.

 

وليس في ذلك انتقاصٌ من كرامة المرأة، ذلك لأنَّ الأحكام الشرعية تخضعُ لاعتباراتٍ كثيرة، منها حرص الإسلام على ستر المرأة عن أنْ تكون في معرض التفتيش والسؤال عن أحوالها إذا لم تكن ثمة ضرورة لذلك.

 

ومن الواضح أنَّ تصدي المرأة لإمامة الجمعة والجماعة ينافي ذلك، لأنَّ من الثابت فقهيًّا اشتراط العدالة في إمام الجماعة، وهذا يستوجب السؤال عن أحواله ومراقبة شؤونه بشكلٍ دائم لغرض الوقوف على عدم فسقِه، وعدم ارتكابه للكبائر، وعدم إصراره على الصَّغائر وأنَّه ملتزمٌ بأحكام الشريعة وَواجدٌ لمَلَكَةِ العدالة. فلو صحَّ للمرأة أن تتصدَّى لإمامة الجمعة والجماعة لكان ذلك مقتضيًا لجواز تقيِيم الرجال لسلوكها وتديُّنِها وهو ما ينافي غرض الشريعة، فالحكم بعدم المشروعيَّة واقع في سياق التكريم لمقام المرأة. والذي يؤكِّد ذلك هو الحكم بأهليَّتها لإمامة جماعة النساء، فلو كان المنشأ لعدم صحَّة إمامتها للرجال هو عدم الأهليَّة لإمامة الجماعة لاقتضى ذلك عدم صحة إمامتها لجماعة النساء والحال أنَّ الأمر ليس كذلك.

 

والمتحصَّل ممَّا ذكرناه أنَّ عدم المشروعية لا يعبِّر عن الانتقاص من كرامة المرأة أو التنكُّر لكفاءتها وإنَّما هي رؤية الإسلام فيما ينبغي أنْ تكون عليه طبيعة العلاقة بين الرجال والنساء.

 

والحمد لله رب العالمين

 

من كتاب: مقالات حول حقوق المرأة

الشيخ محمد صنقور

8 / صفر / 1426هـ


1- السنن الكبرى -البيهقي- ج3 / ص90.

2- دعائم الإسلام -القاضي النعمان المغربي- ج1 / ص151.

3- مستدرك الوسائل -الميرزا النوري- ج6 / ص468.