لماذا أقرَّت زوجة العزيز مرتين؟!

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

المسألة:

في سورة يوسف ما الداعي لأنْ تقول امرأة العزيز: ﴿الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَاْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ﴾ فيما هي قد اعترفت سابقا بقولها : ﴿فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ﴾؟

الجواب:

اعترافها الأول بقولها: ﴿وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ﴾(1) إنَّما كان أمام النسوة اللاتي دعتهن، ولم يكن ذلك في محضر زوجها عزيز مصر كما لم يكن في محضر الملك بل إنَّها كانت قد أنكرت مراودتها ليوسف (ع) أمام زوجها ونسبت ذلك ليوسف (ع) كما قال تعالى: ﴿قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾(2) واستمرَّ إنكارها لذلك، وكان الحكم على يوسف (ع) بالسجن مبنياً في ظاهر الأمر على أنَّه كان قد اجترح خطيئة المراودة لزوجة العزيز، فهم إنَّما سجنوه لنفي التُّهمة عن زوجة العزيز واِلصاقها بيوسف (ع) كما قال تعالى: ﴿ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآَيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ﴾(3).

فرغم أنَّ العزيز والقريبين منه قد تبيَّن لهم بالدلائل براءةَ يوسف (ع) إلا أنَّهم أرادوا من سجنه التعمية والإيهام ببراءة زوجة العزيز وأنَّ يوسف (ع) هو المذنب، فكان لابدَّ له من العمل على تبرئة نفسه قبل خروجه من السجن، ولذلك طلب من الملك أن يفتحَ مجدَّداً التحقيق في القضية، فكان محصَّل التحقيق الذي وقع في محضر الملك هو إقرار النسوة بنزاهة يوسف (ع) وإقرار زوجة العزيز بصدقِه وأنَّها هي مَن راودته عن نفسه فاستعصم قال تعالى: ﴿الْآَنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ﴾(4).

والحمد لله رب العالمين

الشيخ محمد صنقور


1- سورة يوسف / 32.

2- سورة يوسف / 25.

3- سورة يوسف / 35.

4- سورة يوسف / 51.