حكم النظر إلى عورة الصبيَّة

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

المسألة:

هل يجوز فحص الطبيب الرجل للطفلة الصغيرة ورؤية عورتها إذا كان العلاج يستلزم ذلك مع افتراض وجود المماثل، علماً بأنَّ الطفلة عمرها لا يتجاوز الثلاث سنوات؟

الجواب:

يجوز ذلك نظراً لكون الطفلة في هذا السنِّ غيرَ مميِّزة، فالضابط في جواز النظر إلى عورة الصبيِّ أو الصبيَّة وعدم الجواز هو التمييز وعدمه، فإذا كان الصبيُّ ممِّيزاً حرُم النظر إلى عورته سواءً كان من المماثل أو من غير المماثل، وهكذا لو كانت الصبيَّة مميِّزة فإنَّه لا يجوز النظر إلى عورتِها مطلقاً حتى من المماثل.

والمُستًند في جواز النظر إلى عورة الطفل غير المميِّز هو السيرة القطعيَّة الجارية على عدم التحفُّظ عن النظر إلى عورات الصغار غير المميِّزين، وحيث إنِّنا نُحرز اتَّصال هذه السيرة بزمن المعصومين (ع) ولم يصل لنا منهم ردعٌ عن ذلك، ولو وقع الردع لم يكن ما يقتضي خفاؤه بعد أنْ كانت المسألة من المسائل التي تعمُّ بها البلوى وتسترعي ردعاً يتناسبُ وحجم الشيوع لهذه السيرة، فعدمُ الردع كاشفٌ عن عدم الحرمة، هذا مضافاً إلى أنَّ الأدلة المانعة عن النظر إلى عورة الغير قاصرة عن الشمول للنظر إلى عورة غير الممِّيز، حيث إنَّ مفاد بعضها هو حرمة النظر إلى عورة المؤمن، والإيمان لا يكون إلا مِن المُدرِك لوجود الله تعالى والمصدِّق به، وعليه يكون غير المميِّز خارجاً تخصُّصاً عن موضوع هذه الأدلَّة، نعم مقتضى إطلاق مثل قوله تعالى: ﴿قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾(1) هو حرمة النظر لمطلق العورة ولو كانت لغير الممِّيز إلا أنَّه لا ريب في انصراف مثل هذ الإطلاق عن الطفل غير الممِّيز، وذلك بقرينة السيرة القطعيَّة الصادرة عن المتشرِّعة، فلو كانت هذه الإطلاقات صالحةً للردع لكان الحكم بالحرمة واضحاً نظراً لكون المسألة من المسائل الابتلائية.

فالردعُ لابدَّ وأن يكون بحجم استحكام السيرة، إذ أنَّ ذلك هو ما عليه العقلاء في مقام التحفُّظ على أغراضهم، فحيث إنَّ هذه الإطلاقات ليست بحجم استحكام السيرة كان ذلك موجباً للجزم بعدم إرادة الإطلاق منها بما يشمل مورد البحث.

وأما مستند حرمة النظر إلى عورة الطفل الممِّيز فهو دعوى شمول عنوان المؤمن للطفل المميِّز، ولمَّا كان كذلك كانت النتيجة هي شمول قوله (ع): "عورة المؤمن على المؤمن حرام"(2) لعورة الطفل المميِّز.

ثم إنَّ هنا أمراً تجدرُ الإشارة إليه وهي أنَّ النظر إلى عورة الصبيِّ أو الصبيَّة غير الممِّيزين يكون جائزاً عندما لا يترتَّب على النظر شهوة أو ريبة، وأمَّا في فرض ترتُّبها فإنَّ النظر حينئذٍ يكون محرَّماً، وذلك لعموم حرمة الاستمتاع والاستلذاذ بغير الزوجة، ولأنَّ في ذلك مظنةَ الوقوع في المفسدة التي عُلم من الشريعة مبغوضيَّة وقوعها على أيِّ حال.

والحمد لله رب العالمين

الشيخ محمد صنقور

10 / ابريل / 2008م


1- سورة النور / 30.

2- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج2 / ص37.