حدود مَن تجب صلته من الأرحام


المسألة:

جاء في الصراط ما نصه: (851) هل يعتبر عدم زيارة الأقارب قطعاً للرحم وما هو حد القرابة الذين يجب صلتهم؟

باسمه تعالى: قطعية الرحم حرام ولا تنحصر صلة الرحم بالزيارة بل تحصل بالسؤال عنه، والسلام عليه ومساعدته والقدر المتيقن من الأرحام الذين تجب صلتهم هم المحارم من ذوي الأرحام، والله العالم.

ما الوجه في تخصيص الرحم التي يجب صلتها بالمحارم؟ بل ربما كان من المحارم ما لا يعد من الأقارب عرفا.

الجواب:

المرجع في تحديد مفهوم الرحِم هو العرف، فما صدق عليه بنظر العرفانَّه من ذوي الرحِم فهو كذلك، وهكذا فإنَّ المرجع في تحديد مفهوم الصلة ومفهوم القطيعة هو العرف، وأما حكم الصلة وحكم القطيعة للرحم فالمرجع فيهما هو الشرع، فقد يكون المستفاد من الشرع هو الوجوب لصلة بعض الأرحام دون بعض وإن كان عدم الوجوب لصلة البعض الآخر لا يسلب عنهم صدق عنوان الأرحام، فهم من الأرحام ولكن لا تجب صلتهم.

وكذلك فإنَّ ايجاب بعض مراتب الصلة لا يسلب عن المراتب الأخرى صدق عنوان الصلة، فما أفاده في الصراط من انَّ القدر المتيقن ممَّن تجب صلته هم المحارم من ذوي الأرحام ليس معناه انَّ الأقارب من غير المحارم ليسوا من الأرحام بل لأنَّ غير المحارم ليسوا ممَّن تجب صلتهم وإن كانوا من الأرحام.

فعنوان الأرحام موضوع لأحكام ثلاثة، الحكم الأول هو حرمة القطيعة، والحكم الثاني هو وجوب الصلة، والحكم الثالث هو استحباب الصلة، ودائرة الأحكام الثلاثة ليست واحدة بل هي مختلفة سعةً وضيقاً، فدائرة الحكم باستحباب الصلةتتسع لتشمل كلَّ مَن يصدق عليه عنوان الرحم، فيدخل فيه المحارم من ذوي القرابة وغيرهم الأقارب، وأما دائرة الحكم بوجوب الصلة فيختص بنظر الميرزا التبريزي (قدس سرُّه) بالمحارم من ذوي الأرحام وهم الأبوان والأجدادوالجدات من الطرفين والأعمام والأخوال وإنْ علوا وأبناء الأخ وأبناء الأخت وإنْ نزلوا.

ولعلَّ منشأ ذلك هو انَّ الصلة التي لا يلزم من عدمها تحققالقطيعة لايظهر من الروايات وجوبها إلا في هذا المقدار، إذ لو كانت هذه المرتبة واجبة لغير هؤلاء لكان الحكم بالوجوب أوضح من أن يخفى أو يكون مورداً للإشكال نظراً لكون المسألة من المسائل الت تعم فيها البلوى خصوصاً وانَّ الروايات الآمرة بالصلة والناهية عن القطيعة تفوق حدَّ التواتر ورغم ذلك فالمتشرِّعة لا يرون لزوم الصلة لأوسع من هذه الدائرة ولا يتحرَّون كلَّ مَن يصدق عليه انَّه من ذوي الرحم إلا في مقام التطوع، نعم هم ملتزمون بعدم ترك الصلة التي يلزم من عدمها صدق القطيعة التي لا ريب في حرمتها وسعة دائرتها لأكثر من المحارم من ذوي الأرحام.

فإذا تمَّت هذه القرينة وإلا فهي صالحة للقرينيَّة فتكون مانعة من انعقاد ظهور الأوامر بالصلة في الإطلاق، فيتمحَّض الوجوب في القدر المتيقن ويكون الباقي مجرى لأصالة البراءة .

 

وأما المحارم اللذين لا يُعدون من الأقارب، فهم المحارم بالمصاهرة وهؤلاء ليسوا من الأرحام، وهم خارجون عن مقصود الميرزا التبريزي (قُدس سرُّه) فإنَّه أفادانَّ القدر المتيقن ممَّن تجب صلتهمهم المحارم من ذوي الأرحام وهم مَن ذكرناهم فيما سبق.

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور